الدولار يواصل الفتك بالليرة وقد بات على أعتاب “الألفية الثالثة” مستفيداً من تردّد الحكومة وسياسة “حرق الأعصاب” التي يعتمدها رئيسها حسان دياب، و”كورونا” يواصل انتشاره وقد اتسعت رقعة “بيكار” العدوى بالأمس لتسجل تشخيص إصابة شابة في الرابعة عشرة من عمرها آتية من إيران ومواطن في مستشفى سيدة المعونات في جبيل، تتحمل وزارة الصحة مسؤولية مباشرة عن عدم تشخيص حالته مبكراً بعدما أوعزت الوزارة لإدارة المستشفى بعدم إخضاعه لفحص الكورونا عندما أبلغتها بحالته على اعتبار أنه “قادم من مصر”.
وبين نار الدولار وانتشار الكورونا، يصارع اللبناني في يومياته بلاء الغلاء والوباء بانتظار ما ستتمخض عنه جحافل المستشارين في السراي من حلول مبتكرة لانتشال البلد من مهوار الإفلاس الذي دفعته إليه الطبقة الحاكمة، في وقت بات رئيس الحكومة على بعد 48 ساعة من “القرار الحاسم” إزاء التخلف عن سداد استحقاق “اليوروبوندز” للمرة الأولى في تاريخ لبنان، ليجد دياب نفسه بعدها أمام مفترق طريق بين اتجاهين… إما المضي قدماً نحو شروط صندوق النقد الدولي لتنفيذ إصلاحات بنيوية جذرية تتيح إعادة ضخ مليارات الدولارات في شرايين الاقتصاد الوطني، أو الرضوخ لقيود “حزب الله” الذي يرفع “فيتو” تحريم التعامل مع صندوق النقد ويدفع الحكومة باتجاه إجراءات موجعة “ملبننة” تجنّب الحزب التجرّع من كأس انكشاف ساحته الداخلية أمام وصاية مالية دولية من شأنها أن تجفف منابع منظومة الاسترزاق على ضفاف خزينة الدولة.
وإذا كان يُسجّل لـ”حزب الله” وضوحه في معاداة خيار “الصندوق الدولي” لحل الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد، فإنّ الضبابية التي لا تزال تلف موقف رئيس الحكومة تزيد النزف استنزافاً ربطاً بانعدام الوضوح في الرؤية والتوجهات التي ينوي اعتمادها حتى الساعة في ما عدا تكرار توعّد المواطنين بـ”إجراءات موجعة” في الفترة القريبة المقبلة. وبالانتظار، يترقب الداخل والخارج ما سيعلنه دياب نهاية الأسبوع عشية استحقاق التاسع من آذار على اعتبار أنّ ما سربته دوائر السراي الحكومي خلال الساعات الأخيرة هيأت من خلاله الأجواء للإعلان عما حرصت على وصفه بأنه “خطة اقتصادية ومالية شاملة لا تقتصر فقط على موضوع سندات الدين بل تتعداها نحو رسم معالم خريطة طريق أشمل لمعالجة الأزمة وفق ما توصلت إليه اجتماعات اللجان المتخصصة في السراي”.
وهنا يؤكد خبراء اقتصاديون لـ”نداء الوطن” أنّ أي خطة لا تضمن تأمين ضخّ نحو 15 مليار دولار في خزينة الدولة ستكون بمثابة “استخدام مُسكّنات لا تحتوي في تركيبتها على أي علاج للأزمة الراهنة”، وبهذا المعنى لا يمكن للحكومة اللبنانية أن تحصل على هكذا مبالغ مالية ضخمة إلا من خلال صندوق النقد بالتوازي مع الشروع في تنفيذ برامج إصلاحية تحظى بغطاء الصندوق لاستعادة الثقة بالدولة ومنع عملتها من الانهيار، الأمر الذي يبدو مستبعداً حتى الساعة في ظل المعلومات التي تتحدث عن أنّ حكومة دياب ستمتثل للحظر الذي يفرضه “حزب الله” على الاستعانة اللبنانية ببرامج الصندوق الدولي، بموازاة بروز مؤشرات رئاسية تشي بأنّ قصر بعبدا سيؤازر توجهات “حارة حريك” في هذا الملف بخلاف رأي العديد من الخبراء والمشرّعين في “التيار الوطني الحر” الذين يؤيدون اللجوء إلى خيار صندوق النقد.