كتب طوني ابي نجم في “نداء الوطن”:
يدفع اللبنانيون منذ العام 2014 بشكل مباشر فاتورة قرار “حزب الله” بإلحاق لبنان بالمحور الإيراني بالكامل، وتحديداً منذ دخول “الحزب” عسكرياً وبشكل مباشر في ميدان الحرب السورية بدءاً من شعار “حمايات المقامات الدينية” وصولاً إلى شعار “مواجهة داعش”، وليس انتهاء بمواجهة الجيش التركي على الحدود الشمالية من دون أن يجد أي شعار لتبرير هذه المعركة.
ولم يكتفِ “الحزب” بالانخراط في الحرب السورية ضد الشعب السوري، بل ذهب للمشاركة في اليمن إلى جانب الحوثيين، ولم يُغفل التحضير لعمليات أمنية في دول عربية كالكويت. هكذا فرض “الحزب” رسمياً انضمام لبنان إلى “محور الممانعة” في مقابل غياب أي ممانعة أو معارضة أو مواجهة له تُذكر داخلياً في لبنان.
نتيجة هذا الانخراط الإقليمي لـ”حزب الله” بات لبنان مكشوفاً على كل المستويات. ولم يتوانَ السيد حسن نصرالله عن مهاجمة السعودية والإمارات بشكل مكثف على خلفية الحرب في اليمن ومعظم الملفات العربية، ما نقل لبنان الذي يسيطر عليه نصرالله إلى موقع المعادي للقضايا والمصالح العربية. ناهيك عن قرار “الحزب” بخوض مواجهة ضد الولايات المتحدة إرضاءً لإيران على خلفية العقوبات الأميركية، وتحديداً بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران.
هكذا خاض “الحزب” معارك على مستويات مختلفة: مواجهة مباشرة مع المصارف تزامنت مع متفجرة بنك لبنان والمهجر مروراً بكل الحملات الاعلامية الفاقعة على مدى أشهر طويلة، وليس انتهاء بمحاولة توجيه الثورة وحصرها ضد المصارف ومصرف لبنان وصولاً إلى وضع فيتو في ملف سندات اليوروبوندز، والهدف واضح ضرب أسس النظام المصرفي في محاولة لإسقاطه نهائياً، ولو دفع اللبنانيون جميعاً ثمن ذلك.
ويخوض “الحزب” أيضاً مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي، وآخر تجلياتها تمثل في وضع فيتو على الاستعانة بصندوق النقد الدولي، بعد أن كان رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني استبق وصول وفد صندوق النقد إلى لبنان لنسف أي إمكانية للتعاون، فنقل رسائل واضحة إلى المعنيين بضرورة الامتناع عن الاستجابة لمطالب صندوق النقد، وكرّس ذلك الشيخ نعيم قاسم الذي أعلن رفض “الحزب” الخضوع للصندوق!
ويستمر “الحزب” بخوض معركة شرسة ضد الدول العربية نيابة عن إيران، ما جعل هذه الدول تقف في موقع المتفرج على الانهيار اللبناني الشامل من دون مدّ يد العون للمرة الأولى في تاريخ العلاقات اللبنانية – العربية، يُضاف إليها قرار المقاطعة سياحياً واستثمارياً ما حرم لبنان في الأعوام المنصرمة ما لا يقل عن 20 مليار دولار!
هكذا يدفع لبنان من ماله واقتصاده وحياة شعبه فاتورة إصرار “حزب الله” على إلحاق لبنان بالمحور الإيراني مهما كان الثمن.
عبثاً يبحث اللبنانيون عن حلول خارج حلّ أزمة سلاح “الحزب” وهيمنته على القرار اللبناني. وكل الحديث عن محاولة الإصلاح المالي ومحاربة الفساد يسقط عند أسوار مصالح “الحزب” وبيئته. إن أراد أحد إنقاذ لبنان فليعد الى القرار 1559 كمدخل وحيد للإنقاذ، وخارج ذلك سنبقى نترنّح من السيئ إلى الأسوأ وفق المسار الانحداري الكارثي لالتحاق لبنان بمحور الممانعة!