لم يُخفِ حزب الله رفضه خيار اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي يواجهها لبنان، مؤكداً على لسان نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم “ان الحزب لا يقبل الخضوع لأدوات استكبارية في العلاج، اي لا يقبل بصندوق النقد الدولي ليُدير الأزمة”، ليعود ويسأل امس “كيف يمكن ان نسلّم رقبة لبنان لصندوق النقد الدولي ليشرف على رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 15%، ووضع ضريبة على البنزين وهو استهلاك يومي، وتخفيض المعاشات التقاعدية، وسنّ ضرائب مختلفة على مجموع المواطنين، فيما واحد من هذه الإجراءات يفجّر البلد مجدداً”؟
إشاعة حزب الله لاجواء تقول ان تسليم “رقبة” البلد لشروط صندوق النقد سيفجر ثورة اجتماعية كما قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله تُخفي وراءها بحسب أوساط اقتصادية “تخوّفه” من ان تؤدي الى تعزيز دور الدولة ومؤسساتها بصفتها القائد الحصري لتوجهات الاقتصاد والممسكة بكافة مداخل ومخارج الموارد والإنفاق، بما يعني القضاء على الاقتصاد الموازي غير الشرعي التابع للقوى الخارجة عن سيطرتها وإقفال مزاريب الهدر والتهريب التي كانت تعتاش منها على حساب خزينة الدولة.
وتقول الاوساط الاقتصادية لـ”المركزية” “ان لا بد من الاستعانة بصندوق النقد الدولي وان زاد حزب الله نبرته المعارضة لوصفته العلاجية، لان لبنان لن يجد من يدعمه او يساعده في اسوأ ازمة اقتصادية يتخبّط بها منذ انتهاء الحرب سوى هذه المؤسسة الدولية ذات المصداقية والشفافية والتي انقذت بلداناً عدة من الانهيار بسبب خبرتها في هذا المجال وإمتلاكها الوصفات العلاجية المناسبة”.
واوضحت “ان صندوق النقد الدولي يضع الاصبع مباشرة على الجرح فيبرز مكامن الهدر في مالية الدولة، ولعلها في لبنان واضحة لا تحتاج الى اجتهادات. اوّلها مرفأ بيروت حيث يحرم الخزينة المليارات سنوياً بسبب ما يعتبره البعض سوء الادارة والهدر، وضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية التي تسرح وتمرح عمليات التهريب عبرها وبإعتراف رسمي، إضافة الى اتّخاذ تدابير تجاه بعض المؤسسات والعمل على إلغائها”.
ولفتت الاوساط الى “ان هذه “الوصفة” لوقف الهدر قدد تتعارض مع مشاريع واهداف حزب الله الذي يُدير الاقتصاد الموازي للاقتصاد الرسمي “ويعتاش” من عائداته على حساب اللبنانيين والخزينة”.
ومع تراجع الثقة الاقليمية والدولية بلبنان نتيجة تخلّفه عن التزاماته باجراء اصلاحات جوهرية، لم يبقَ امام الدول المانحة سوى خيار صندوق النقد الدولي “لتلزيمه” تنفيذ الاصلاحات الموعودة بإعتباره الخيار الاخير امام المسؤولين اللبنانيين لمعالجة الازمة الاقتصادية بعدما “نفضت” دول عديدة يدها من مساعدته بسبب تخلّفه عن التزاماته بالاصلاحات الاقتصادية الجوهرية.
وتشير الاوساط الاقتصادية الى “ان صندوق النقد هو الجهة الوحيدة الكفيلة بضخّ السيولة في السوق اللبناني الى حدود 30 مليار دولار لرسملة المصارف وتنفيذ بعض المشاريع ووقف الانفاق غير المُجدي، فتُبادر الدول المانحة التي رصدت مساعدات مالية للبنان في مؤتمر “سيدر” الى تحويلها عبر صندوق النقد كي يُشرف على تنفيذ المشاريع وورشة الاصلاحات بالاستناد الى خبرته وشفافية عمله في هذا المجال”.
وتعتبر الاوساط “ان لبنان بلد غني لكن مشكلته في سوء الادارة واعتماد المحاصصة وإدخال السياسة في كل شاردة وواردة، من هنا لا بد من الاستعانة بصندوق النقد الدولي كي يُشرف على العلاج الذي اساسه إعادة هيكلة الاقتصاد اللبناني، والا سنبقى ندور في حلقة مُفرغة”، مشددةً على “ان لا يُمكن للبنان ان يبقى خاضعاً لاملاءات حزب الله في وقت ينزلق البلد الى الانهيار، كما لا يُمكن لحكومة الرئيس حسان دياب ان ترضخ لسياسات حزب الله في وقت تسعى لاستعادة ثقة المجتمع الدولي والاسرة العربية”.