Site icon IMLebanon

“الثنائي” حاول تحقيق مشروعه المزمن: الانقضاض على المصارف!

بغضّ النظر عن أحقية التدقيق قضائيا في ممارسات المصارف ومساءلتها عنها، خاصة في ظل ما يعانيه اللبنانيون اليوم على أبوابها لسحب أموالهم وودائعهم، فإن المسار الذي سلكته هذه القضية أمس، دلّ الى ما هو أبعد وأخطر على هذا الصعيد. ففتحُ اوراق المؤسسات المصرفية يبدو أتى خدمة لأجندات سياسية معينة، لا سعيا الى تحقيق عادل يفضي الى تحديد المسؤوليات في ما آلت اليه الامور في البلاد اليوم.

فبحسب ما تقول مصادر سيادية لـ”المركزية”، لا يمكن عزل قرار المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم والذي منع فيه تصرف المصارف بأصولها، عن الحملة التي يشنها الثنائي الشيعي منذ أشهر على القطاع من رأسه اي حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، الى القاعدة. وقد حمّله الرئيس نبيه بري بوضوح منذ ايام في لقاء الاربعاء، مسؤولية تفاقم الديون الخارجية للبنان، ورأى ان المطلوب منه (أي من القطاع) تحمّل مسؤولية ما اقترفته يداه… هذا ناهيك بالتصويب المزمن الذي يمارسه حزب الله على المصرف المركزي وسياساته انطلاقا من تقيّده التام بالقرارات والتشريعات الدولية المخصصة لمحاربة الارهاب وتجفيف منابع تمويله…

وعليه، يبدو “الثنائي” رأى ان اللحظة باتت مناسبة للتخلص من المصارف ومن قيادتها، مستفيدا من النقمة الشعبية عليهما، فتحرّك، عبر أداة القضاء هذه المرة، للانقضاض عليهما. نسرد هذه المعطيات، تتابع المصادر، لننتقل الى ما هو أدهى، ونعني “تدخّل السياسيين في القضاء”، واستسهالهم استخدامه، وسيلة لتحقيق مشاريعهم السياسية. “الثنائي” ضرب ضربته عبر القضاء، الا انه لم يتوقّع ان تكون تداعياته على هذا الحجم الخطير، حيث تسارعت من الداخل والخارج، المؤشرات المقلقة التي تدل الى انهيار وشيك للنظام المالي والنقدي والاقتصادي برمّته، اذا ما بقي القرار نافذا.

امام هذا التهديد الخطير، تحرّك رئيس الجمهورية ميشال عون وأجرى سلسلة اتصالات أفضت في نهايتها الى إصدار المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات (بعد اجتماعه بجمعية المصارف التي كان رئيسها تواصل مع عون ايضا) قرارا جمّد فيه مفاعيل قرار ابراهيم، علما ان تنديدا واسعا بقرار الاخير كان صدر عن اكثر من مسؤول سياسي ابرزهم الرئيس سعد الحريري ورئيس الاشتراكي وليد جنبلاط.

واذ تقول المصادر ان تحرّك عويدات السريع قد يكون ايضا ناتجا من اعتبارات سياسية، سائلة “هل كان سيصدر عنه الموقف هذا، لولا الضغوط السياسية المكثفة التي حصلت رفضا للقرار”، تعتبر ان الخلط بين عمل السلطات وعدم احترام مبدأ الفصل في ما بينها، هذه نتيجته: تخبّط صارخ قضائيا (قرار يصدر بعد الظهر، يتم نقضه مساء) وسياسيا (تضارب في المصالح بين الرئاسات) ورمي للبلاد في المجهول جراء خطوات متسرعة غير مدروسة النتائج.

ومع ان بري امس وعون اليوم سارعا الى “غسل يديهما” من اي تدخل في القضاء، تشير المصادر الى ان ما جرى في ملف التحقيق مع المصارف يؤكد ان لا خلاص للبنان قبل تنزيه قضائه وإبعاد سطوة السياسيين عنه. والا فإن اي محاسبة كاملة وشاملة وموضوعية لن تكون ممكنة، بل سيُستخدم القضاء درعا للسياسيين من جهة، ولتصفية الحسابات وللبحث عن كبش فداء يتم تحميله مسؤولية التدهور الحالي، من جهة ثانية. وهذا ما لن يرضى به المنتفضون في الشارع، الذين يعلمون ان الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود، هي السبب الاكبر للازمة. وهنا، الرهان كبير على التشكيلات القضائية الجديدة، تختم المصادر.