كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:
قررت نور يمين إبنة زغرتا دخول معترك العمل من باب “سائقة أجرة” وهي فتاة في أول شبابها، تتابع دراستها الجامعية للصحافة بسنتها الأخيرة في جامعة NDU.
ومع أن هذه المهنة ما زالت حِكراً على فئة الرجال، وغالبية النساء لا يفضّلنها لأنها تحتاج الكثير من الجهد والتعب، إلا أن يمين لا تجد حرجاً بالأمر، وتعتبر أنها تتدرّج بالمهنة ضمن الأطر والمعايير التي وضعتها لها بنفسها.
تقول يمين لـ”نداء الوطن”: “أنا طالبة جامعية قررت أن أعمل سائقة تاكسي لأنه منذ زمن عندي حلم أن يكون هناك تاكسي مجاني لذوي الإحتياجات الخاصة وفي الوقت نفسه مكتب يؤمن خدمات النقل (تاكسي بين المناطق). وهذا الطموح سيبقى عندي حتى يأتي اليوم الذي تتحسّن فيه الظروف الإجتماعية والإقتصادية وأستطيع تنفيذه وسأفعله”.
وأكدت أنّ “الأوضاع الصعبة هي الحافز الأساسي لهذا العمل، فأنا أريد أن أخفّف عن أهلي المصروف. ولذلك قررت أن أعمل في المهنة التي أحبها (التاكسي). فبدأت عملي مع زميلات لي في الدراسة، في “الفواييه” الجامعي نفسه. أنقلهن بسيارتي إلى بيروت مقابل بدل مادي ولكنه أقل من البدل الذي سيدفعنه للتاكسي العادي. طبعاً هذا لا يمنع إذا كنت خارج الدوام وطُلب إليّ أن أنقل أي طلب فلا أتردد. فأنا قد أنتقل لاحقاً في كل مكان في بيروت، شرط أن أحفظ الطرقات جميعها وليس كما هو الوضع الآن. فأنا الآن لا أحفظ أكثر من طريق الجامعة و”الفواييه”. ولكن التاكسي عندي مخصص فقط للبنات لاعتبارات عدة، أهمها كي يكنّ مرتاحات في الركوب والتنقّل”.
نور تعشق العمل الصحافي وتسعى لإيجاد عمل ضمن دراستها لكنها لن تنتظر حتى تأتي فرصة العمل التي تتمنى. في هذا الوقت هي تعمل وتؤمّن مصروفها الحياتي. تضيف: “أحب الصحافة وأتمنى أن أعمل في هذا المجال. ولكن للأسف هذا بلد لا يدعم طموح المواطن وفرص العمل ليست مؤمّنة، وبالإنتظار علينا أن نعمل ونتحرك ولا ننتظر. الطموح بحاجة إلى تعب، وتضحية، وليس كل شيء سهل كما نتمنى”.
ولبنات جيلها وبنات البلد بشكل عام رسالة من الصبية نور: “أقول لهن إن الأوضاع التي يمر بها البلد تفرض أن نحقق ذاتنا ونكون فاعلات ومنتجات، من باب الإعتماد على الذات، ودعم الأهل في هذه الظروف الصعبة. لا عيب في العمل طالما أنه عمل شريف والهدف منه إنساني إجتماعي بحت”.
وتختم: “أهلي لم يعارضوا ذلك العمل، بل رحّبوا بالأمر، لأنهم يعرفون أن هذا العمل من طموحاتي من جهة ولأنهم يدركون الأهداف الحقيقية التي شجّعتني لذلك وهي مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم وتخفيف المصروف عن كاهلهم. فهم مرتاحون للقواعد التي أضعها لعملي لا سيما أنني لا أُقلّ إلا البنات وحريصة في تأديتي لهذا العمل”.
لدى نور يمين زميلات طالبات من مختلف المناطق وليس فقط من زغرتا يقمن معها في السكن الجامعي في بيروت. أصبحت الكثيرات منهن يعتمدن على زميلتهن نور في التنقّل بين المنزل والجامعة، وكلهنّ مرتاحات لأنّ “تاكسي” نور أكثر راحة وأمانًا لهن.
من “رانج السوزوكي” تتمنى نور يمين أن تصل إلى ذلك اليوم الذي تحقق فيها أمنياتها وطموحاتها بأن يصبح لديها مكتب أجرة للعموم وسيارات مجانية لذوي الإحتياجات الخاصة. فهذه الفئة من الناس تعني لها الكثير وكم تتمنى أن تصبح من الأشخاص الذين يقدّمون لهم المساعدة.