على قاعدة “اسم على مسمّى”، تقف حكومة “مواجهة التحديات” امام جبل من التحديات المتنوّعة والموروثة من الحكومات السابقة والتي اذا ما نجحت في تخطّيها – وهو المُستبعد لاعتبارات عديدة – تُسجّل لنفسها على انها حكومة مواجهة التحديات قولا وفعلا وبأنها نجحت حيث فشل الاخرون.
حتى الان لا يبدو ان قاعدة “اسم على مُسمّى” صالحة لحكومة قرئ مكتوبها من عنوان اوّل تحدٍ واجهته هو استحقاق اليوروبوند، حيث استمرّ تخبّط المواقف بين الفريق الحكومي قبل ساعات من انتهاء مهلة تسديد الديون رغم صولات وجولات من اللقاءات والاجتماعات.
وفي الاطار، تشير اوساط سياسية في مجال الحديث عن الوضع السياسي الى “التخبط والضياع والضبابية وغياب القرار على مستوى اهل السلطة، ولعل استحقاق اليوروبوند خير دليل، اذ تأخّرت حكومة الرئيس حسان دياب عن اتّخاذ قرارها في شأن عدم الدفع قبل يومين من موعد سداد الدين، وبقيت حتى تلك اللحظة “تتقاذفها” المواقف المتناقضة بين مؤيّد للدفع لاعتبارات مرتبطة “بسُمعة” لبنان في الاسواق المالية العالمية وآخر يدعو الى التخلّف عن سداد الدين شأننا شأن دول اخرى، وذلك من اجل ضمان الامن الغذائي والاجتماعي للبلد من خلال المحافظة على ما تبقىّ من احتياطات اجنبية لدى مصرف لبنان”.
ويؤكد هذا التخبّط، بحسب الاوساط السياسية التي تحدّثت لـ”المركزية”، غياب رؤية موحدة لدى المسؤولين ووجود تباين وصل الى حدّ الخلاف بين اهل السلطة على تصور وسياسة واحدة لمواجهة المرحلة المقبلة، وهو ما يُضعف موقف لبنان الرسمي اثناء بدء مرحلة المفاوضات مع الدائنين الاجانب والمتوقّعة خلال اسبوعين من اجل إعادة هيكلة الدين كما يطالب.
فهناك مواضيع وملفات، تلفت الاوساط، يُفترض بالحكومة معالجتها لتؤكد رغبتها في الاصلاح، وهنالك مشكلات داهمة تواجهها عليها تخطيها بأسرع وقت منها على سبيل المثال لا الحصر: اعادة تكوين اجهزة الدولة الرسمية من خلال إجراء عملية مسح اداري شامل يحدد حاجة الدولة للموظفين، خصوصا في الفئتين الخامسة والرابعة، بعدما تبين ان هناك جيشا من الموظفين بعضهم عُيّن نتيجة المحاصصة السياسية وان هناك قوى سياسية استخدمت هؤلاء كـ”تنفيعات” انتخابية على حساب الدولة والمؤسسات والقانون.
مواجهة حال الهريان والتسيّب في الدولة وهدر المال العام وعجز الحكومة عن اتّخاذ خطوات وتدابير غير شعبية ولا تطال الا الفئات الضعيفة والفقيرة تُضيف الاوساط السياسية مثل وضع سلّة ضرائب ورسوم “عشوائية” تطال صفيحة البنزين وضريبة القيمة المضافة، وهو ما سيُشكّل برأي الاوساط وقوداً إضافياً لاشتعال الثورة مجدداً في اتّجاه إسقاط الحكومة وتعطيل عمل الدولة وشلّ المؤسسات”.
وإلى التحديات الاقتصادية، يبقى امام الحكومة التحدّي السياسي ومدى قدرتها على تأمين الاستقرار في هذا المجال كي يكون “رافعة” لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، خصوصا ازمة السيولة. فإذا نجحت كما تقول الاوساط بالالتزام بما هو مطلوب منها سياسيا، لاسيما لجهة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة وعدم التدخّل في شوؤن الدول العربية، فإن ذلك سيساعدها في مواجهة التحديات الاقتصادية انطلاقا من معادلة ان الاقتصاد ابن السياسة، فاذا كانت السياسة مستقرّة فالارقام الاقتصادية والمالية تبقى في دائرة الطبيعية والعكس صحيح.