أما وقد حسمت حكومة “مواجهة التحديات” موقفها من استحقاق اليوروبوند بإعلانها تعليق الدفع مقابل التفاوض مع الدائنين من اجل إعادة هيكلة الديون، تتساءل اوساط اقتصادية مطّلعة على الملف عن اسباب رمي كرة مسؤولية الدفع في ملعب مصرف لبنان وجمعية المصارف وكأنهما من اقترض الاموال لسدّ نفقات صرفتها الدولة لتلبية حاجياتها في مجالات عدة.
وتؤكد الاوساط الاقتصادية، عبر “المركزية”، أن “القرار المُرتبط باستحقاق اليوروبوند يوصف بـ “السيادي” بما معناه ان الدولة حصرا صاحبة الحق في اتّخاذه، وهو ما ورد في مواقف قوى سياسية كانت معارضة لسداد الدين ابرزها حزب الله في معرض رفضه الاستعانة بوصفة صندوق النقد الدولي للخروج من الازمة الحالية”.
واسفت لأن “الحكومة، وعلى لسان رئيسها حسان دياب، إضافة الى مسؤولين في الدولة منهم رئيس مجلس النواب نبيه بري حاولت تحميل المصرف المركزي ومعه المصارف مسؤولية الموقف من سندات اليوروبوند من زاوية انها اذا كانت تُفضّل الالتزام بخيار الدفع فعليها ان تتكفّل هي بذلك ومن الاموال التي هرّبتها الى الخارج منذ بدء الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الاول الفائت”.
وفي حين تلفت الاوساط الى أنه “لا يجوز تحميل مصرف لبنان ومعه جمعية المصارف المزيد من الاثقال والاعباء في وقت تمرّ بمرحلة صعبة منذ بدء الضغط على سعر صرف الليرة”، اعتبرت أن “المشكلة في القرار السياسي الذي اتّخذته الحكومة، خصوصا بعدما قررت اعادة هيكلة الدين كعنوان عريض تنطلق عبره المفاوضات مع الدائنين الاجانب”.
وتسأل: “اذا كانت الحكومة قررت السير بخيار إعادة هيكلة الديون، فهل ستضع في المقابل خطة اصلاحية عنوانها وقف مزاريب الهدر في اماكن باتت معروفة لدى الجميع منها المرفأ والمطار وتعزيز الجباية في مختلف المناطق من دون استثناء، وهو ما من شأنه ضخّ سيولة في خزينة الدولة، واستطرادا هل تستطيع الدولة بأجهزتها كافة تنفيذ خطة من هذا النوع تضع الاصبع على الجرح النازف منذ سنوات من دون تدخّل سياسي”؟
من هنا، شككت الأوساط الاقتصادية في “قدرة الدولة على السير بخطة اصلاحية ولو انها تصبّ في نهاية المطاف في مصلحة تعزيز دورها على حساب الاقتصاد “غير الشرعي” الموازي لاقتصادها، لأن حزب الله برأيها سيقف بالمرصاد لمنع بلوغها مرحلة التنفيذ، لأن اجراءاتها الاصلاحية “تخنقه” وتجفف موارده وتحول دون حصوله على المال سواء من خلال عمليات التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية او سواها من الموارد الاخرى”.
وإذ اشارت الاوساط الى ان “معارضة حزب الله خطة اصلاحية تلحظ مسألتي الجباية والتهريب تنطلق من اعتبارات تتصل بمخاوف إزاء احتمال شحّ مصادر تمويله”، اوضحت ان “الازمة الحالية ليست بنت ساعتها بل مُزمنة راكمها الهدر وسوء الادارة في ملف الكهرباء، لذلك لا بد ان يكون الاخير العمود الفقري للخطة الاصلاحية الانقاذية التي يجب على الحكومة وضعها من خلال مناقصة عالمية وتكليف شركتي “سيمنس” و”جنرال الكتريك” انشاء معامل لانتاج الطاقة. فهذا يؤمّن وفرا على خزينة الدولة يصل الى حدود 5 مليار دولار، اضافةً الى معالجة ملف النفايات عبر شركات عالمية”.
وتختم الاوساط الاقتصادية بالاشارة الى دور صندوق النقد الدولي في المرحلة المقبلة على رغم الاعتراض “السياسي” على الاستعانة بعلاجه للازمة والذي يمتد لسنوات ثلاث. فإذا كانت الحكومة لا تريد الركون اليه نزولا عند موقف “حزب الله” الرافض تدخّله لأنه “اداة استكبار اميركي” كما يقول، فهل هي قادرة على الالتزام بخطة اصلاحية تضعها بنفسها وهي التي يُحمّلها المجتمع الدولي مسؤولية ما وصل اليه لبنان من تعثّر مالي واقتصادي وفساد مُستشرٍ في مؤسساته؟