Site icon IMLebanon

التقاعس عن اعلان حال الطوارئ خطيئة لا تغتفر!

كل ممارسات الحكومة “السيئة الحظ” في وادٍ والتعاطي الرسمي مع انتشار فيروس كورونا في لبنان في وادٍ آخر.

صحيح أن وزير الصحة حمد حسن غير بعيد عن الميدان الطبي، ما يجعله “اختصاصيا” في مجاله. إلا أن هذا لا ينفي أن محاولاته لتجنب نشر الخوف في صفوف الناس ارتدت عليه وعلى الدولة برمتها سلبا. ذلك أن المماطلة غير المبررة في الانتقال من “التنظير” إلى الاجراءات العملية تأخر كثيرا  كما تقول اوساط سياسية لـ “المركزية” مطيحاً الأمل في إبقاء لبنان بعيدا عن نادي الدول الموبوءة. ففي وقت كان حسن يمضي بلا هوادة في رفع شعاره الشهير “لا داعي للهلع”، كانت منظمة الصحة العالمية تنشر كثيرا من التحذيرات إزاء الخطر الكبير الذي يشكله الفيروس المستجد على البشرية، بدليل الأعداد المرعبة التي تنضم يوميا إلى دائرة المصابين والمتوفين حول العالم بهذا المرض الفتاك. كان هذا كله قبل أن ترفع المنظمة الدولية مستوى الخطر إلى حد توصيف كورونا وباء عالميا. تزامنا سجل لبنان في غضون 3 أيام ثلاث وفيات بالكورونا في جبيل، وهي حصيلة خطرة بالنسبة إلى عدد السكان في بلد الـ 10452 كلم مربع….

غاب عن بال وزير الصحة، على حد قول الأوساط المعارضة أن دعوة الناس إلى عدم الهلع لا تلغي واقعا مريرا، يستدعي… هلعا، عله يولد الوعي المطلوب لتفادي الأسوأ.

وفي السياق، لا تخفي المصادر اعتقادها بأن الشعار الشهير “لا داعي للهلع” ليس إلا وسيلة كلامية لتغطية الفشل في احتواء المرض وتفشيه، بوسائل يعرفها جميع المواطنين و… القيمين على الحكم والحكومة بطبيعة الحال.

وتذكر الاوساط بأن كان يكفي أن تتخذ الحكومة اللبنانية قرار تعليق الرحلات من وإلى الدول الموبوءة منذ اكتشاف الاصابة الأولى بالمرض في لبنان، لدى سيدة لبنانية آتية من ايران. غير أن  المصادر تستنكر ما تسميها الاهانة الموصوفة للإنسان وكرامته وصحته في لبنان، على اعتبار أن هناك من استسهل التلاعب بصحة الناس، ولم يتوان عن زجها في البازارات السياسية السخيفة، فتأخر قرار وقف الرحلات من وإلى طهران أكثر من ثلاثة أسابيع للأسباب المعروفة، بعد أن كان الأوان قد فات “واللي ضرب ضرب واللي هرب هرب”.

على أي حال، تقر الاوساط بأن إقدام الحكومة على اتخاذ هذا القرار ولو أتى متأخرا خير من ألا يأتي أبدا، مشيرة في المقابل إلى أن هذا التدبير لا يحجب الضوء عن “الخطايا” التي ارتُكبت في السابق.

وتعتبر أن إحجام الحكومة عن اتخاذ قرار إعلان حال الطوارئ الصحية خطيئة لا تغتفر، خصوصا أنها استبدلت بقرارات لم تكن إلا تعدادا مملا للاجراءات التي سبق أن اتخذها القيمون على بعض القطاعات السياحية والخدماتية كإقفال المطاعم والملاهي ودور السينما، فيما حال الذعر التي زرعها الاستهتار الحكومي الرسمي في النفوس كان يمكن أن تضبط لو أعلنت حال الطوارئ الصحية، عوضا عن دعوة الناس إلى ملازمة منازلهم و”تحمل مسؤولياتهم” في مجال منع انتشار الفيروس ومكافحته.

على أي حال، تختم الاوساط، فإن ما جرى أمس يؤكد المؤكد الذي حفظه اللبنانيون عن ظهر قلب: الدولة اللبنانية في تقاعس دائم، وهي تنام على حرير أن المبادرة الفردية وحس المواطنية لدى اللبنانيين قادران على ملء الفراغ الرسمي المرعب. غير أن هذا لا يمنع الناس من توجه الرسالة الآتية إلى من يعنيهم الأمر: لا ننتظر نداءاتكم لنتحمل مسؤولياتنا، بل نتوقع منكم أن تحذوا حذونا في القيام بواجباتكم في حمايتنا، لا لشيء إلا لأنكم في موقع المسؤولية… بدلا من الامعان في إذلالنا والتلاعب بصحتنا. هذا حقنا وأقل واجباتكم تجاهنا”.