اعتبر مصدر سياسي لبناني رفيع المستوى أن فرص إنقاذ لبنان من أزماته ضئيلة، مشيرا إلى أن “الأوضاع خرجت عن سيطرة الجميع بمن فيهم حزب الله”.
جاء ذلك في وقت كشفت فيه مصادر دبلوماسية أميركية وأوروبية أن لا استعداد لدى أي جهة دولية لمساعدة لبنان من دون اتخاذ حكومة حسان دياب موقفا يميز بينها وبين حزب الله، ولاحظت أن الحكومة لم تقدم إلى الآن على أي خطوة في هذا الاتجاه.
ورأى أن مطلب إجراء انتخابات نيابية مبكرة نادت بها الانتفاضة منذ 17 أكتوبر بات أكثر إلحاحا وكذلك “الذهاب إلى نمط جديد من تشكيل الحكومات”، وقال “لا نرى أملا في أداء الحكومة التي يرأسها حسان دياب لإخراج البلد من أزماته”.
وقال المصدر إن “حزب الله قدم تنازلات (من خلال تركيبة الحكومة) والجميع باتوا أمام خيارين: إما العقلانية والحكمة وإما الفوضى والانهيار الشامل”.
وشدد بالقول “على حزب الله إدراك حقيقة أن إمساكه بمفاصل الدولة سيؤدي إلى انهيار شامل”. لكنه أعرب عن اعتقاده بأن تفاقم الأزمات “سيدفع الحزب إلى تقديم تنازلات أساسية”.
وطرح ثلاثة شروط للخروج من عنق الزجاجة وتفادي الانهيار الشامل؛ “أن ينسحب حزب الله من المنطقة (تمدده الإقليمي في سوريا والعراق واليمن) كي يتاح للبنان الحصول على مساعدات خليجية ودولية، وأن يسلم الحزب سلاحه إلى الدولة، ويرفع الغطاء عن حلفائه الذين استفادوا من معادلة: نغطي فسادكم.. تغطون سلاحنا”. وعزا الأزمات المالية الاقتصادية إلى “واقع أيديولوجي، بعضه يتصل بعامل المنفعة”.
وضع اقتصادي خطير
وسبق وأن طالب زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باصطفاف وطني عريض يدفع باتجاه استقالة الرئيس اللبناني ميشال عون.
وعبر جنبلاط في تصريح لـ”العرب” عن عدم قدرته على تحمل مسؤولية الدعوة إلى استقالة عون وحده، من دون اصطفاف وطني عريض لتحقيق ذلك، منبها إلى أن عهد الرئيس عون “وصل إلى أفق مسدود ولا بد من التغيير”.
وكان وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، قد اعتبر أن الحلّ الوحيد يكمن في استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون بعد تشكيل حكومة جديدة.
يأتي ذلك في وقت تتفاقم فيه أزمة لبنان السياسية باستمرار التظاهرات الشعبية الرافضة للطبقة السياسية الحاكمة، مع الأزمة الاقتصادية التي تقود لبنان إلى الإفلاس بعد رفض تسديد الديون المترتبة عليه.
وقالت وزيرة الإعلام اللبنانية، منال عبدالصمد، إن العجز في ميزانية البلاد للعام 2019 بلغ 11.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وكان مسؤولون لبنانيون قد توقعوا عجزا في ميزانية 2019 عند أقل من 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكنهم قالوا في ما بعد إن من المرجح أن يرتفع الرقم بسبب أزمة البلاد الاقتصادية العميقة.
ويشهد الوضع على المسرح السياسي أصعب مراحله، فأحد المؤيدين الرئيسيين للحكومة الجديدة، حزب الله، المدعوم من إيران تدرجه واشنطن ضمن قوائم الإرهاب.
واستسلم لبنان للأمر المحتوم وأعلن أنه لن يسدد سندات قيمتها 1.2 مليار دولار حلّ موعد استحقاقها، الاثنين الماضي، متخلفا بذلك عن سداد التزاماته للمرة الأولى.
وتعارض قيادات حزب الله إشراك صندوق النقد الدولي في قضية الديون اللبنانية، وتقول إن الشروط المرجحة لأي صفقة إنقاذ ستكون مؤلمة وإنها ستطلق شرارة “ثورة شعبية”.
ويحذر محامو الديون السيادية من أن ينتهي الحال بلبنان بما آل إليه حال الأرجنتين. فقد رفعت مجموعة من الصناديق الدائنة دعوى على الحكومة الأرجنتينية أمام محكمة في نيويورك عندما رفضت السداد.
وقال فيكتور شابو، مدير المحافظ بشركة أبردين ستاندرد إنفستمنتس، “لا أتخيل كيف يمكنهم طرح أي خطة معقولة لخفض الديون. إذا انتهى الأمر بمعركة قانونية فقد يكون الأمر أسوأ مما حدث في حالة الأرجنتين”.