كتبت كارول سلوم في صحيفة “اللواء”:
يتمنى اللبنانيون لو لم يحل عليهم تاريخ الحادي والعشرين من شباط الماضي يوم اعلن عن اول حالة اصابة بالكورونا بفعل وصول سيدة على متن طائرة قادمة من ايران تحمل فيروس «كورونا». وما بين الدلع والهلع ارتفعت اصابات المواطنين المخالطين للمصابين من الدول التي تشهد ارتفاعا في عدد الحالات حتى باتت تعرف بالمنكوبة أو الموبوءة.
احتل الكورونا صدارة المتابعة في مجلس الوزراء ولسوء حظ حكومة مواجهة التحديات ان يضاف اليها تحدي هذا الفيروس. في البداية كان ضبط لحركة الطيران مع اجراءات على الطائرة وفي المطار وتفويض لمستشفى رفيق الحريري الجامعي بالحالات المرضية وربما القرار باقفال المدارس والجامعات في محله ولو تأخر القرار يوما واحدا لكانت الكارثة حلت، وفي كل الاحوال ان تأتي متأخرا افضل من ألا تأتي أبداً.
من جهته، جال وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن على مستشفيات المناطق وتفقد أحوالها التي كانت شبيهة بأحوال المجتمع اللبناني، واكثر من اطلالاته وسواء اعجب ذلك البعض ام لم يعجبه كانت الاكثرية تنتظر حسما في وقف تدفق اللبنانيين الى بلادهم حتى لو كان الحق يجيز لهم ذلك وفق بعض الوزراء في جلسة اول من امس في حين لوحظ ميل البعض الاخر الى القرار الصارم بوقف الطيران حتى وان كانت الخسائر مرتفعة.
بالتوازي، لم يكن التزام المطاعم والنوادي والمراكز التجارية جديا، وكأنها لم تأخذ توصيات لجنة الطوارىء الخاصة على محمل الجد لأن العقوبات مفقودة.
ووسط شبح الانتظار الذي يخيم على صعيد اجراءات الحكومة، يحضر السؤال هل نحن بانتظار ارتفاع عدد الاصابات؟ ام انتظار الوقوع في المحظور؟ هذا ما تسأله اوساط مراقبة عبر «اللواء»، مشيرة الى ان الحزم كان ضروريا في بلد صغير كلبنان حدوده غير مضبوطة بالكامل وشعبه يستحسن المعشر الحلو ويساير ويزور ويكرم ويستفسر عن المغتربين او المسافرين.
أما اليوم فيعيش اللبنانيون وبعد انتهاء مرحلة «الدلع» وتفشي الفيروس حالة «هلع»، البعض اختار العزل حتى ولو لم يكن مريضا، ومنهم من صرف من أموال قوته للمشرب والمأكل للاستحصال على مستحضرات التعقيم، ولو كان بمقدوره ان يشرب منها للوقاية لفعل ذلك، وفي التقديرات انه مصاب بالحساسية جراء المبالغة بالتعقيم، ففكرة ان يحضر الصليب الاحمر لأخذ اي مشتبه به كفيلة وحدها بالتسبب بالانهيار.
وترى الاوساط المراقبة انه كان من الافضل ان يتوسع مجلس الوزراء بالاجراءات سريعا دون التمهل وربما جلسة اول من امس بدت افضل من سابقاتها في مقاربة الموضوع وادخال قرارات حيز التنفيذ كموضوع المستشفيات لتعذر مستشفى رفيق الحريري الجامعي عن استقبال المزيد من الحالات مع العلم ان هناك طاقما طبيا يفعل ما يلزم وبالامكانات المتواضعة وبطاقم طبي قليل مع مجموعة طلابية تبرعت بالمساعدة.
من جهتها، لم تتحرك المستشفيات الخاصة الى الان، وأسبابها باتت معلومة وأهمها الخوف وسبيل تحصيلها الأموال، مع العلم ان وضعا كهذا يتطلب التضافر الى اقصى حدود، وفي تجربة الصين مثال يجب ان يحتذى به حتى وان كان عدد المرضى اكثر.
في المقابل، تتحدث مصادر وزارية عبر «اللواء» انه لم يكن بالاستطاعة منع اي مواطن من العودة الى بلاده لكن من تجاوب مع الحجر الصحي كان قليلا، وهناك مسؤولية تقع على عاتق من خرق الدعوة وأراد الاختلاط وسخف الموضوع حتى ارتفعت الحالات، مؤكدة ان المتابعة الحكومية متواصلة.
قلة هم الذين طبقوا الإجراءات الوقائية، وعلى البعض الاتعاظ من تجربة ايطاليا التي اضحت دولة اشباح او بالاحرى عدد من مناطقها الخلابة، في وقت تلعب وسائل الإعلام دوراً توعوياً مهماً في الاضاءة على الفيروس، فالناس بحاجة للتوعية لا الاستهزاء والاستخفاف وفبركة الأخبار الكاذبة او المضللة. نحن شعب اتحدنا وواجهنا ولا ينقصنا الإذلال. المطلوب اعلان الطوارئ لصرف الضرر عن البلد، الشعب بأكمله يريد هذا القرار.. قبل فوات الأوان.