فعل المؤتمر الصحافي العنيف لرئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، في البيت الكتائبي المركزي في الصيفي الثلثاء الفائت فعله. ذلك أن الصرخة الشديدة اللهجة التي أطلقها الجميل مستهجنا الاعتداء على واحد من أعرق المقار الحزبية، ما لبثت أن أعطت مفعولها بتوقيف شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي منفذ الاعتداء محمد دمشق في الضاحية الجنوبية تحديدا، أهم معاقل حزب الله وحركة أمل على الاطلاق.
وفي السياق، أكدت مصادر عليمة لـ “المركزية” أن منفذ الاعتداء على البيت المركزي الكتائبي ليس هو ابن شقيق مرافق رئيس مجلس النواب نبيه بري الأشهر، أبو خشبة، نافية علمها بما تردد عن انه عضو في تنظيم سرايا المقاومة.
وبعيدا من الانتماء “التنظيمي” للفاعل، أكدت مصادر أمنية لـ “المركزية” أن المدعو دمشق اعترف بتنفيذ عملية إطلاق النار على بيت الكتائب فجر الأحد الفائت، في حادث إنتهى إلى إصابة “البيت المركزي” بست رصاصات في واجهته، وعلى مقربة من مرآب السيارات المخصص للكتائبيين من قياديين ونواب ووزراء.
وإذ لا يخفى على أحد أن أهم ما في هذه العملية يكمن بالتأكيد في الرسالة الموجهة إلى الكتائب ورئيسها، المتموضعين في واجهة المعارضين للحكم والحكومة والنهج السياسي السائد في البلاد، وهو ما يدفع البعض إلى الحديث عن أن على رغم الانشغال الرسمي والشعبي بالملفات ذات الطابع الاقتصادي والمالي، فإن بعض القوى السياسية لا يزال حريصا على تأكيد قدرته على إحكام سيطرته السياسية وتوجيه الرسائل إلى من يعنيهم الأمر. في هذا السياق، تدرج أوساط معارضة عبر “المركزية” الاعتداء على بيت الكتائب، متسائلة عمن قد يكون أعطى محمد دمشق الأمر بإطلاق النار على هذا المقر، لافتة إلى أنه أوقف في الضاحية الجنوبية، ما يدفع إلى القول إن الدولة وأجهزتها الرسمية حاولت الاستفادة من هذه العملية لتسجل هدفا ثمينا في مرمى المشككين في قدرتها على بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، بما فيها المناطق التي تعتبر قلاعا أمنية- حزبية محصنة لا يخترقها الحكم.
وفي وقت شن النائب الجميل هجوما عنيفا على حزب الله في مؤتمره الصحافي الأخير، محملا إياه مسؤولية مباشرة عن تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية بفعل وجود ما سماها “ميليشيا مسلحة تدفع لبنانيين إلى الموت في ميدان حروب الآخرين”، على حد قوله، أكدت الأوساط المعارضة أن الكتائب فهمت الرسالة جيدا، وستمضي في نهجها المعارض، وستتابع تطورات هذه القضية حتى النهاية، على ما أكد رئيس الحزب نفسه في المؤتمر الصحافي.
وفي انتظار ما سينتهي إليه هذا الملف، دعت الأوساط المعارضة الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها في مواجهة تحدي بحجم السلاح المتفلت والمنتشر كالفطر بين أيدي الناس، الذين لا يتوانى بعضهم ببرودة أعصاب فريدة عن استسهال استخدامه وتعريض حياة الآخرين للخطر لتوجيه الرسائل في اتجاهات متعددة، مستفيدين من تساهل رسمي مرعب في هذا الملف.