تتّجه الانظار بقوة الى الكلمة التي يلقيها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الثامنة والنصف مساء. فهي الاولى منذ اندلاع أزمة “كورونا” واستفحال الوباء في البلاد على هذا النحو، حاصدة 3 ضحايا وأكثر من 70 مصابا حتى الساعة، والاولى له ايضا بعد اتخاذ الحكومة اللبنانية قرار عدم سداد استحقاق اليوروبوند في 9 آذار الجاري.
وفي الحدثين، الصحي والاقتصادي، يُعتبر حزب الله اللاعب الابرز وصاحب التأثير الاقوى، بحسب ما تقول مصادر سيادية مراقبة لـ”المركزية”. كيف لا، وهو تمكّن في المجالَين، من فرض كلمته وقراره، دون كثير عناء او اعتراض، خاصة وأنه “عراب” حكومة حسان دياب وراعيها.
الا ان ما استدعى على الأرجح اطلالة نصرالله، وفق المصادر، هو ان الخيارات التي دفع في اتجاهها، كانت وستكون تداعياتها مكلفة وثقيلة على اللبنانيين كلّهم من دون استثناء ومن بينهم بطبيعة الحال، البيئة الحاضنة والمؤيدة للحزب. امام هذه الحقيقة “المرّة”، تتوقع المصادر ان يلجأ نصرالله الى محاولة شرح وتبرير خلفيات قرار الحكومة عدمَ وقف حركة الملاحة مع ايران، منذ أسبوعين، بعد ان بات مثبتا ان “الجمهورية الاسلامية” ثاني أكبر بؤرة للوباء في العالم بعد الصين.
واذا كانت اولى الاصابات التي سجلت في بيروت أتت من قمّ، فإن المصادر تشير الى ان عشرات العائدين من ايران، برا وجوا، يحملون الفيروس وينتشرون على الاراضي اللبنانية عموما لكن في مناطق نفوذ “الحزب” في البقاع والضاحية الجنوبية خصوصا، وباتوا يشكّلون خطرا حقيقيا على أهلهم ومحيطهم والبلاد، حتّى ارتفعت، من “داخل البيت”، أصوات تسأل عن كيفية الخلاص من هذا “البلاء” وحصر تفشيه المخيف بعد ان أصبح “جوّا الدار”.
وسيتعين على نصرالله، الذي “مانع” خيار قطع الملاحة مع ايران، لاغراض سياسية – استراتيجية- عسكرية، تقديم الاجابة الشافية على هذه الاسئلة للبنانيين كلّهم، الذين طالبوا بعدم تسييس القضية لان صحتهم على المحك، وبعزل لبنان عن كل البلدان الموبوءة ولو كانت الفاتيكان او روسيا… فهل سينجح في “تبييض” ساحة الحزب من تهمة تسهيل إدخال الفيروس الى البلاد؟
اما اقتصادياً ومالياً، وبعد ان انتصر خيار حزب الله القائل بعدم سداد “أي قرش” من استحقاق اليوروبوند وحسم الموقف في هذا الشأن حتى قبل الدخول في مفاوضات مع الدائنين، فإن المطلوب من الحكومة استكمال هذا التوجّه بخطة اقتصادية انقاذية شاملة رأفة باللبنانيين وبسمعة الدولة في الخارج. وانطلاقُ هذه الخطة يستوجب، في محاذاته، كتلا نقدية كبيرة مطلوب ان تدخل الى البلاد في صورة عاجلة، وإلا تم اللجوء الى ودائع الناس لتأمين الحاجات الاولية الاساسية كالقمح والدواء والمحروقات والتي يدعمها “المركزي” الذي تكاد احتياطاته تنضب.
فمن أين ستؤمّن هذه الاموال؟ الدول المانحة منكفئة عن بيروت لاعتبارات سياسية واقتصادية معروفة، كما انها منهمكة بكورونا. وعليه لا حل الا بالاستعانة بصندوق النقد الدولي. الاخير حتى الامس القريب، كان يعتبر “الشيطان الاكبر” في نظر الحزب، واداة استكبار في يد “الاميركي” لفرض قبضته وشروطه على لبنان لاخضاعه. الا ان استنجاد “الجمهورية الاسلامية” به أمس (لمساعدتها في ورطة كورونا) قد يفعل فعله في موقف نصرالله، فيليّن الـ”لا” التي يرفعها في وجهه. والحال، تضيف المصادر، ان الصندوق صحيحٌ يشترط “خطوات” مقابل تقديم الدعم المالي، الا ان هذه الخطوات يمكن التفاوض في شأنها، وليست “وصفات جاهزة جامدة” كما يقال. وجوهر ما يطلبه الصندوق “إصلاحات” ثم “إصلاحات”.
وهنا، يمكن لنصرالله ان يعلن منذ اليوم، وفي اشارة حسن نية، دعمه لخطة كهرباء جديدة، ولاقفال المعابر غير الشرعية وضبط تلك الشرعية لمكافحة التهريب (…) فهل يفعلها “مُرشد” الحكومة، و”يلحلحها” مالًا وإصلاحا، رأفة بالبلاد والعباد؟