بندر الدوشي – “العربية”:
كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، عن أن حالة من التوتر تسود على الحدود بين العراق وإيران بسبب فيروس كورونا. ويحاول الضباط العراقيون حماية بلدهم من الفيروس القادم من إيران، ما أدى إلى رفع حالة التوتر بين البلدين.
ونقلت الصحيفة قصصاً عن حالة مأساوية تمر بها إيران جراء فيروس كورونا رواها عائدون من إيران. وذكرت أن الحدود مع إيران – الحليف الوثيق للعراق وشريكه التجاري – كانت سهلة الاختراق إلى حد كبير، إذ كانت الأسر التي تعيش على كلا الجانبين وزوار الأماكن الدينية يتجولون ذهابا وإيابا بين البلدين. لكن جائحة الفيروس التاجي غيرت ذلك بين عشية وضحاها.
وتعتبر إيران أحد بؤر تفشي الفيروس، حيث يوجد ما لا يقل عن 10 آلاف حالة- ثالث أعلى معدل في العالم- ويقول الخبراء إن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير.
قصص مأساوية من إيران
وكان العراق قد سجل 93 حالة فقط حتى يوم الجمعة ويحاول يائسا عزل نفسه عن مصير إيران. ويوم الأحد، سيغلق العراق مؤقتاً جميع المعابر الحدودية البرية خارج كردستان العراق لمدة أسبوعين. وقد منع معظم الإيرانيين من دخول العراق خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. غير أن الدبلوماسيين استُثنوا، ويحاول بعضهم جلب عائلاتهم هربا من الفيروس.
لكن معظم الذين يعبرون الحدود هم من العراقيين. ويعيش نحو 500 ألف شخص في إيران وعاد عشرات الآلاف منهم منذ اندلاع الفيروس بينهم طلاب جامعيون ورجال أعمال وعمال بناء وأساتذة، ويعيش العديد منهم في إيران منذ سنوات.
و تتابع الصحيفة أن قصصهم قدمت لمحة عن الوضع في إيران، التي كانت مخفية إلى حد كبير عن مواطني البلاد وكذلك عن بقية العالم في الوقت الذي تسعى فيه القيادة في طهران إلى تقديم صورة عن سيطرة النظام على كل شيء.
“إنها كارثة”
وبعد ظهر يوم الاثنين، سار جواد أبو سجات بسرعة عبر الحدود وسحب حقيبة صغيرة متدحرجة خلفه. قال وهو يهز رأسه: “إنها كارثة .. لقد تركت كل شيء، بيتي هناك، عملي ، عشنا هناك لسبع سنوات”. ويعمل سجعات في صناعة الحديد في مشهد، أقصى شمال شرقي إيران.
وأضاف “الآن أوقف كل شيء بسبب الفيروس. لم يعد عمالي يأتون إلى العمل. لا يوجد زبائن – كنا نظن أن الإيرانيين كانوا يعطون أرقامًا دقيقة، ولكن بعد ذلك عندما خرجت ورأيت الناس في الشارع. فهمت أن عدد المرضى والقتلى أعلى مما قالوا وكنت خائفاً”. وأرسل عائلته إلى العراق على أمل أن يتمكن من الحفاظ على عمله، ولكن بعد ثلاثة أسابيع قرر أنه لا جدوى من ذلك.
وبمجرد عبوره إلى العراق، أخذ العاملون الصحيون درجة حرارته، مع العلم أن وزارة الصحة في المقاطعة ترسل فريقا للتحقق من الوافدين الجدد كل يومين لمعرفة ما إذا كانت تظهر عليهم الأعراض. وعلى غرار أي شخص آخر قادم من إيران، قيل لسجعات أن يحجر نفسه لمدة 14 يوماً.
وتواصل الصحيفة سرد الوقائع على الحدود، حيث وصلت هدى غلاب إبراهيم، وهي أم عراقية لطفلين تبلغ من العمر 23 عاماً، من مدينة إيلام غرب إيران والتي وصفتها بأنها مدينة أشباح.
“لم يعد هناك من حياة”
وقالت وهي تنتظر فحصها الطبي: “توقفت الحياة في أيلام. الأسواق مغلقة، والمدارس مغلقة والوضع يزداد سوءا كل يوم”. وأضافت: “لم أتمكن من مغادرة منزلي لأنني كنت خائفة من إصابة أطفالي بالعدوى. “معظم الناس في المنزل الآن.. لم يعد هناك من حياة”.
وأغلقت إيران المدارس والجامعات، وحظرت السفر بين المحافظات، وألغت الأحداث الرياضية وصلاة الجمعة، على ما قال العديد من العائدين، أيضا المقاهي والمطاعم مغلقة، وكذلك المتاحف ودور السينما.
وعلى الرغم من الخسائر الفادحة للفيروس في إيران، كان هناك على الحدود تدفق مستمر للإيرانيين العائدين إلى ديارهم. ولم يكن أمام معظمهم خيار، فهم عمال نفدت تأشيراتهم أو زوار أكملوا جولتهم.
وتروي الصحيفة قصة دبلوماسيين إيرانيين قدموا من إيران برفقة عائلاتهم هربا من الفيروس، وأرادوا الدخول عبر المنفذ من دون أوراق ثبوتية لكن الضباط العراقيين رفضوا دخولهم، وبدا الدبلوماسيون الإيرانيون وأقاربهم غير قلقين ولم يكن أي منهم يرتدي أقنعة أو قفازات.
“لن أسمح بإيذاء شعبي”
وارتفعت الأصوات بغضب وتجمع الناس على الجانب العراقي من المعبر الحدودي مع إيران. وقال أحد الايرانيين “أقول لكم إن أسماءهم أرسلت” وبدا منزعجا. ورد العميد أحمد جمعة عبيد من شرطة الحدود العراقية وهو يحمل بعصبية مجموعة من الأوراق “إنني أبحث هنا، ولا أرى أسماءهم”.
وأضاف “لا يمكنني السماح لهم بالدخول إلا إذا أرسلت بغداد أسماءهم”. وسرعان ما دخل الإيرانيون واستقروا في فندق في النجف، في العراق، حيث كانوا ينتظرون الأوراق المطلوبة.
وفي تلك الليلة، أرسلت إدارة الصحة في النجف عاملين طبيين لمسحهم وأرسلت العينات إلى بغداد. وقال الدكتور رضوان كامل الكندي، مدير عام دائرة الصحة في النجف، إن إحدى النساء جاءت نتيجة الفحص إيجابية للفيروس التاجي. وأضاف أن أحد الدبلوماسيين من القنصلية الإيرانية في النجف، كان منزعجاً، ورفض قبول الخبر.
وقال الدكتور الكندي: “لذا أعطيتهم خياراً، أن يدخلوا الحجر الصحي لمدة 14 يوماً أو أن يغادروا”. “لم يرغب الدبلوماسي في دخول الحجر الصحي. وتابع ظللت أفكر وقلت “يا رفاق، أنتم تجلبون هذه العدوى لبلدنا، وكل إصاباتنا في العراق جاءت من إيران”.
وتمسك الدكتور الكندي بأرضه وموقفه وفقا للصحيفة وعاد الدبلوماسيون وأقاربهم إلى إيران في تلك الليلة، كما قال الدكتور الكندي، وهو يبدو محرجاً بعض الشيء لدرجة أنه كان عليه أن يكون قاسياً جداً مع ضيف أجنبي. وأضاف “لكن كما تعلمون لا أستطيع أن أدعهم يؤذون شعبي”.