Site icon IMLebanon

التدخين يرفع خطر الإصابة بالكورونا!

كتبت ماريانا معضاد في “الجمهورية”:

حوالى 1.5 مليار شخص حول العالم يدخنون السجائر. ويحتل لبنان المرتبة الثالثة عالمياًّ بعدد السجائر المدخنة سنوياًّ لكل مدخن. وفي كل عام، يعاني لبنان من حوالى 4500 حالة وفاة بسبب الأمراض الناتجة من التدخين. وسط الوباء العالمي – فيروس «الكورونا» – تُظهِر الدراسات أنّ المدخنين أكثر عرضة للإصابة بالفيروس مقارنة بغير المدخنين.

في مقابلة مع «الجمهورية»، تناولت د. مايا روماني، أخصائية في طب العائلة، والصحة المؤسسية وعلاج الإدمان عن التبغ، ورئيسة مركز الصحة والعافية في الـAUB، ومساعدة بروفيسور في كلية الطب في الـAUB، مسألة الإقلاع عن التدخين، أهميتها والطرق المساعِدة لتحقيقها، ولا سيما وسط الأزمة الصحية التي أصابت لبنان كما غيره من دول العالم.

فقالت: «تأثير التدخين على الصحة كبير جداً، فهو السبب الرئيس لسرطان الفم، والمثانة، والحنجرة، والرئة، والمعدة، والبنكرياس. كما يؤدي التدخين إلى أمراض رئوية مزمنة مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن، ويساعد في تفاقم الربو لدى الأشخاص المصابين به. وهو سبب مباشر لأمراض القلب التاجية (أي أمراض شرايين القلب)، ويسبب ارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية. وللتدخين تأثيرات صحية أخرى مثل ترقق العظام، والعجز الجنسي، والعقم، وهو السبب في انخفاض وزن الطفل عند الولادة للنساء الحوامل المدخنات، وأمراض في الفم والأسنان واللثة. لذا، الإقلاع عن التدخين بالغ الأهمية».

أنواع التدخين

بحسب روماني، «يشمل التدخين: السيجارة، والنرجيلة، والسيجار، والـiqos، والغليون، والسيجارة الإلكترونية، وغيرها من الوسائل.

الـiqos: فيها نبتة التبغ، لكنها تحترق بشكل مختلف باستعمال بطارية. من قبل، كان يظن الأطباء والعلماء أنّ ضررها أخف من السيجارة العادية، ولكن تبيّن لاحقاً أنّ لا فرق تقريباً.

السيجارة الإلكترونية: لا تبغ فيها، بل سائل. قد تتضمن مادة النيكوتين أو لا، وهي هي أقل ضرراً من السيجارة.

النرجيلة: إنّ تدخين النرجيلة لساعة من الوقت يرفع معدلات النيكوتين في الجسم 40 مرة، كما يرفع معدلات المواد الكيميائية المسببة للسرطان تماماً كتدخين السجائر. إذاً تدخين النرجيلة مرة في الأسبوع يعرّضك لمخاطر تدخين السجائر اليومي».

هواء لبنان ملوث، فما نفع الإقلاع عن التدخين؟

صرّحت د. روماني: «لا شك في أنّ التلوث يسهم بإصابة الفرد بأمراض رئوية وأمراض في القلب وحتى أمراض سرطان، ولكن التدخين سبب مباشر لكل هذه الأمراض المذكورة. ونحن لا نستطيع التحكّم بأغلب عوامل التلوث كأفراد، بينما يمكننا السيطرة على عامل التدخين. إذاً، صحيح أنّ تلوث الهواء مضرّ، ولكن نسبة الأمراض التي يسببها التدخين نظراً لأعداد المدخنين الهائلة في لبنان أكبر بكثير من الأمراض الناتجة من التلوث. وعند الإقلاع عن التدخين، نحن نخفف من عوامل الخطر على صحتنا».

مرحلة ما بعد الإقلاع عن التدخين

تقول د. روماني: «للإقلاع عن التدخين فوائد صحية فورية كما فوائد على المدى الطويل:

– بعد 20 دقيقة: هبوط بمعدل ضربات القلب وانخفاض في ضغط الدم،

– بعد 12 ساعة، انخفاض مستوى ثاني أكسيد الكربون، الذي يكون بمستوى عالٍ لدى المدخنين، حتى أنّه ينافس وجود الأوكسجين في الجسم،

– بعد حوالى الأسبوعين، بدء التحسن في الدورة الدموية،

– بعد 3 إلى 4 أسابيع، تحسّن في وظيفة الرئة. ويظهر ذلك عند صعود الدرج، والمشي وممارسة الرياضة،

– بعد حوالى الشهر، تراجع في قوة وتواتر السعال،

– بعد عام، انخفاض معدل الإصابة بأمراض شرايين القلب بـ50%،

– بعد 5 أعوام، انخفاض معدل الإصابة بالسكتة الدماغية إلى المعدل الطبيعي لدى غير المدخنين،

– بعد 10 أعوام، انخفاض خطر الإصابة بسرطان الرئة بـ50%، (وانخفاض خطر الإصابة بسرطانات الفم والمثانة وغيرها قبل ذلك)».

وتضيف: «كلما أقلع الفرد عن التدخين مبكراً، كلما تراجعت العوارض. فقد أظهرت الدراسات والأبحاث أنّ الإقلاع عن التدخين يطيل العمر: إذا أقلع الشخص عن التدخين في عمر الـ30، يربح 10 سنوات، وإذا أقلع في عمر الـ40، يربح 9 أعوام، في الـ50، يربح 5 أعوام، وفي الـ60 يربح عامين».

صعوبة الإقلاع عن التدخين

يعلم المدخن أنّ التدخين يضرّ بصحته، ولكنه يستمر في التدخين لأنّه مدمن. في هذا السياق، شرحت د. موراني عن أكثر من نوع إدمان: «إدمان جسدي بسبب مادة النيكوتين، وإدمان سلوكي وعاطفي، إذ يعتبر المدخن أنّ التدخين يخفف من إجهاده وتوتره. كما تؤدي النرجيلة إلى إدمان اجتماعي.

لذا، غالباً ما تعالج برامج الإقلاع عن التدخين الإدمان. وهي تعالج الإدمان الجسدي على مادة النيكوتين بالأدوية. أما الإدمان السلوكي، فنتبع استراتيجية المشاورات السلوكية مع اختصاصيين. وقد أثبتت الدراسات أنّ احتمال نجاح الإقلاع عن التدخين فردياً من دون مساعدة خارجية متدنٍ. أما الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين عبر اختصاصيين أو برامج تعالج الإدمان الجسدي والعاطفي والسلوكي، فنسبة نجاحهم أكبر».

ولفتت د. موراني الى أنّ برامج الإقلاع عن التدخين تساعد المدمنين على التخلص من السيجارة كما النرجيلة. وعلى المدخنين أن يكونوا على علم أنّهم يحتاجون عادة إلى أكثر من محاولة للنجاح بالإقلاع عن التدخين، وقد تصل إلى 6 محاولات. فمن هنا «لا تيأسوا!»

للامتناع عن العودة إلى التدخين، ولا سيما في حال مرور الشخص بمرحلة صعبة، الحل الأفضل بحسب موراني هو «ممارسة الرياضة التي تشتت انتباه الشخص عن الرغبة في تدخين السيجارة. في الواقع، المدخنون الذين يقلعون عن التدخين عادة ما يعاودون التدخين بسبب نَفَسٍ وحيد من الدخان. لذا نحن نشدّد على عدم السماح للذات بمقاربة التدخين على الإطلاق بعد الإقلاع عنه. والحاجة الملحة التي يشعر بها الشخص إلى التدخين تدوم 10 دقائق فقط، لذا عليه إبقاء علكة نيكوتين معه دائماً في حال مرّ بظرف طارئ وشعر بحاجة ملحّة جداً للتدخين. فعلكة النيكوتين تعطي تقريباً نفس مفعول السيجارة وتساعد في تخفيف الرغبة بالتدخين. كما عليه الابتعاد قدر الإمكان عن ممارسة النشاطات التي تربطه بالدخان مثل ملاقاة الأصدقاء في المقهى.

وعلى الشخص إلهاء ذاته خلال الـ10 دقائق التي يشعر فيها بالحاجة الملحة إلى التدخين من خلال ممارسة الرياضة، وتناول «القرمشات»، والاستماع إلى الموسيقى، وممارسة اليوغا أو الـmeditation، أو أساليب الاسترخاء مثل التنفس بعمق. وأُثبِتَ علمياً أنّ هذه التمارين تخفف من التوتر.

وإن لم تجدِ كل هذه المحاولات في تشتيت انتباهه عن الرغبة في التدخين، يمكن اللجوء إلى طبيبه أو شخص قريب منه للترويح عن النفس. ويجب تذكير الذات بكل الفوائد التي حصل عليها من الإقلاع عن التدخين من ناحية الصحة والمال…».

لم تنصح د. روماني باللجوء إلى السيجارة الإلكترونية، لأنّها لا تخلو من المضار على الصحة، ولا تسمح التخلّص من الإدمان السلوكي والعاطفي.

وشدّدت: «لو يلتزم كل الناس بقرار 174 الذي يمنع التدخين في الأماكن المغلقة، في المدارس والمؤسسات الرسمية والوزارات والشركات والمصارف… لحققنا فوائد جمّة لصحة المجتمع. فأثبت التدخين السلبي أنّه مضرّ جداً للصحة، ويسبب مشاكل في الجهاز التنفسي، كما قد يسبب السرطان.

وفي الآونة الأخيرة، يتكلّم الأخصائيون عن الـthird hand smoking، أي عندما يدخن شخص في مكان ما، تلتصق ترسبات الدخان مثل النيكوتين على الثياب والمقاعد وحتى الستائر. فأثاث المنزل يستمر في إخراج الدخان 7 أيام بعد التدخين. لذا، الأهل الذين يدخنون داخل المنزل حتى في غياب أولادهم، يضرّون بهم».