كتب غاصب المختار في صحيفة “اللواء”:
برغم الانشغال الحثيث للحكومة بمكافحة ملف كورونا، لا يزال الجهد الحكومي منصباً على معالجة الشأن المالي والنقدي بالتوازي مع الشأن الاقتصادي والمعيشي والاصلاحات البنيوية في هذه القطاعات، ضمن إجراءات معقولة، لكن السؤال المطروح متى تظهر نتائج الجهد الحكومي بخطوات ملموسة على الارض من قبل المواطنين، ومن قبل الهيئات الدولية المنتظرة على نار خطوات تعيد الثقة المفقودة بلبنان الى حدٍّ كبير وباعتراف اركان الحكام انفسهم؟
يقول مصدر وزاري متابع للملف المالي والاقتصادي لـ«اللواء»: ان بعض النتائج تظهر، لكن عادة ان انواع كهذه من برامج الاصلاح التي تتواكب مع عدم سداد او تعليق سداد الديون، تتطلب دينامية داخلية لها علاقة بالحكومة والمكونات اللبنانية، وهناك دينامية خارجية مع الدول والهيئات الدولية التي تواكب، وهي مستعدة لتساعد لبنان بالتمويل عبر تمويل المشاريع او تمويل دعم الاستيراد او تمويل عجز الموازنة. ان الشق الداخلي مفروض ان ينتهي قريباً، اما الشق الخارجي فيحتاج الى المفاوضات مع الدول والهيئات والدائنين.
وتوقع المصدر ان تظهر النتائج الأولية من خطوات الاصلاح ومكافحة الفساد في فترات متلاحقة، وقال: ان الانجازات الصغيرة الاولية لن تظهر فورا وسريعا وهي كقطع «الليغو» قد لا يتنبه لها الرأي العام إلا اذا جمعناها كلها في قطعة واحدة. وحتى نتمكن من جمعها كلها تحتاج الى وقت وربما بين ستة اشهر وسنة لتعطي كل الانطباع العام الايجابي. لكن في كل قطاع ووزارة هناك انجاز صغير بات جاهزاً او يتم تحضيره للإنجاز قريباً. اما المفاوضات الخارجية فستلعب دورا اساسيا لتوفير التمويل اللازم.
ويلمس المصدر الوزاري تجاوباً خارجياً مع خطوات الاصلاح التي تنكب عليها الحكومة، لكنه قال: ان الخارج يبادر اذا تحققت بعض خطوات الاصلاحات المطلوبة، ولا سيما في مكافحة الفساد وقطاع الكهرباء. ونحن لدينا الارادة لننفذها والخارج لديه الرغبة في المساعدة عند التنفيذ.
ويوضح المصدر ان الحكومة تُعد خططها لتقدمها الى الدول المانحة قريبا، وان البنك الدولي موجود في لبنان وكذلك صندوق النقد الدولي ويواكبان كل التطورات بتفاصيلها، وهما لديهما تجربة كبيرة ويعلمان ماذا يعني وضع بلد صغير مثل لبنان يتكل على الاستيراد وبلد اعلن عدم قدرته على سداد الديون، وهو امر ليس جديدا على الهيئات الدولية. لكن ردة الفعل على القرارات الاولى للحكومة تراوحت بين اما انها حيادية واما انها ايجابية لكنها ليست سلبية. وهذا امر جيد للبنان. لأن الخارج متيقن ان الحكومة ستلتزم بما تعهدت به، وهذا ما نلمسه من ممثلي الدولي والهيئات المالية الدولية، بأن هناك جدّية ومسار ايجابي في عمل الحكومة لذلك هناك ايجابيات.
ويرى المصدر ان ما فاجأ لبنان والعالم كان التطورات السريعة في الانحدار الاقتصادي العالمي نتيجة تراجع سعر النفط بشكل خطير، وظهور فيروس كورونا الذي شغل العالم وكلفه اعباء مالية واقتصادية كبيرة، تؤثر على كل مشاريعه الاستثمارية وعلى مساعدة الدول الاخرى. لذلك يتوقع المصدر ان تكون سنة 2020 سنة صعبة اقتصاديا ومالياً ليس على لبنان فقط بل على معظم دول العالم.
وختمت المصادر: لهذه الاسباب سيضطر لبنان الى الاستعانة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمد يد المساعدة ولكن ضمن الشروط السيادية للدولة اللبنانية، علماً ان لبنان بحاجة الى ما بين خمسة وستة مليارات دولار في اقرب فرصة للخروج من الازمة الخطيرة التي يتخبط فيها حالياً من اجل معالجة وضعه المالي المتعثر حالياً. وذلك بالتوازي مع عملية التفاوض مع الدائنين وحاملي سندات «يوروبوندز» على تأجيل الدفع واعادة جدولة وهيكلة الديون.
وقالت: ان الحكومة تنتظر بين يوم ويوم جواب الدائنين عبر الاستشاريين الذين عينتهم، ويتواصلون مع استشاريي الدائنين حول تفاصيل عملية التفاوض وشروطها.