انه اعلان حالة طوارئ مقنعة، اعلنته الحكومة بعد اجتماع استمر خمس ساعات، سبقه اجتماع لمجلس الدفاع الاعلى استمر لساعة ونصف الساعة، رفع الى مجلس الوزراء المقترحات الممكن اتخاذها، والتي صبّت كلها في اطار تشديد الاجراءات الى الحدود القصوى لمنع تفشي وباء كورونا، كون الدستور يقف حاجزاً أمام اعلان حالة الطوارئ المسموح بها في حالة الحرب.
ولان الدستور يحدد اعلان حالة الطوارئ، كان المدخل لولوج اعلان التعبئة العامة، هو المرسوم الاشتراعي رقم 102 الصادر في 16 ايلول 1983 من قانون الدفاع الوطني في مادته الثانية، والتي تحدد التدابير اللازمة عند التعرض للخطر وهي:
1- اذا تعرض الوطن أو جزء من أراضيه أو قطاع من قطاعاته العامة أو مجموعة من السكان للخطر يمكن إعلان:
أ- حالة التأهب الكلي أو الجزئي للحد من تعرض السكان والمنشآت الحيوية للخطر، ولتأمين عمليات التعبئة واستخدام القوى المسلحة.
ب- حالة التعبئة العامة أو الجزئية لتنفيذ جميع أو بعض الخطط المقررة.
2- تعلن التدابير المذكورة بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على انهاء المجلس الأعلى للدفاع.
3- يمكن أن تتضمن هذه المراسيم أحكاماً خاصة تهدف إلى:
أ- فرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها.
ب- فرض الرقابة على المواد الأولية والانتاج الصناعي والمواد التموينية وتنظيم استيرادها وخزنها وتصديرها وتوزيعها.
ج- تنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات.
د- مصادرة الأشخاص والاموال وفرض الخدمات على الأشخاص المعنويين والحقيقيين، وفي هذه الحالة تراعى الأحكام الدستورية والقانونية المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ”.
واستناداً الى هذا البند وبعدما قرر المجلس الأعلى للدفاع مواجهة خطر فيروس كورونا، بالتعبئة العامة التي تنص عليها المادة 2 من المرسوم الاشتراعي رقم 102/1983 ( الدفاع الوطني)، مع ما تستلزمه من خطط وايضاً من احكام خاصة تناولتها هذه المادة. قرر مجلس الوزراء ما يلي:
أولاً: اعلان التعبئة العامة اعتباراً من صدور هذا القرار بتاريخ 15 آذار 2020 ولغاية منتصف ليل 29 آذار 2020 وذلك لتنفيذ الخطط التالية:
- 1. التأكيد على وجوب التزام المواطنين البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها الا للضرورة القصوى لما في ذلك من تأثير سلبي يُفضي الى انتشار الوباء.
- 2. التأكيد على جميع القرارات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا بشأن منع التجمعات في الاماكن العامة والخاصة على اختلافها كما وبشأن السفر من وإلى لبنان من بعض الدول، مع المتابعة تبعاً لتطور الأوضاع في الدول المعنية بتلك الاجراءات وفي دول أخرى.
- 3. إقفال مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي وجميع المرافئ الجوية والبحرية والبرية (فقط امام الوافدين بالنسبة للمرافئ البرية والبحرية) اعتباراً من يوم الأربعاء الواقع فيه 18 آذار 2020 حتى الساعة الرابعة والعشرين من يوم الأحد في 29 آذار 2020، ويُستثنى من ذلك قوات اليونيفيل والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في لبنان والمنظمات الدولية والطائرات المخصصة للشحن والاشخاص العاملون لدى الشركات المرتبطة بعمليات الحفر في البلوك رقم 4.
- 4. السماح للبنانيين، وأفراد عائلاتهم ممن لا يحملون هوية لبنانية أو ليس لديهم بطاقات إقامة، كما ولحاملي بطاقات الإقامة في لبنان، بالعودة إلى لبنان حتى تاريخ 18 آذار 2020 ضمناً وشرط ان تكون نتيجة الـ PCR سلبية (الفحص المخبري للكورونا) وعلى ان لا يشمل هذا القرار الوافدين من الدول التي سبق وان تم حظر السفر منها واليها وهي التالية: فرنسا، مصر، سوريا، العراق، المانيا، اسبانيا، المملكة المتحدة، ايطاليا، ايران، الصين (هونغ كونغ، ماكاو، تايوان الصينية) وكوريا الجنوبية.
- 5. اقفال الادارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها والمصالح المستقلة والجامعات والمدارس الرسمية والخاصة والحضانات، وذلك على اختلافها، ويُستثنى من ذلك:
- ما تقتضيه ضرورات العمل في الوزارات والادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها وفقاً لآلية تصدر بموجب قرارات عن الوزراء او عن السلطة صاحبة الصلاحية وذلك تحت طائلة المسؤولية على من يخالف تلك القرارات.
- المؤسسات الرئيسية لدى وزارة الدفاع الوطني والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لأمن الدولة والمديرية العامة للدفاع المدني، وأفراد الشرطة البلدية والحراس البلديين وأفواج الاطفاء على اختلافها.
- وزارة الصحة العامة والمستشفيات والمستوصفات الحكومية والخاصة والمنظمات غير الحكومية (NGO) ومراكز الرعاية الاجتماعية، وكل ما يرتبط بالقطاع الصحي في المجالات الاستشفائية والصيدلانية والمخبرية وتصنيعها، مع تأمين جميع مستلزمات هذا القطاع من مواد ومعدات واحتياجات.
- المديرية العامة للضمان الاجتماعي والمديرية العامة لتعاونية موظفي الدولة وصناديق التعاضد الضامنة وشركات التأمين والمراقبين الصحيين والمدققين والــ TPA وذلك بما يرتبط بالموافقات الاستشفائية والصحية والصيدلانية والمخبرية.
- إدارة مطار رفيق الحريري الدولي وإدارة جميع المرافئ الجوية والبحرية والبرية.
- مؤسسة كهرباء لبنان وسائر المؤسسات والشركات التي تتولى تأمين وتوزيع التيار الكهربائي في جميع المناطق اللبنانية وذلك بكل ما يرتبط بالإنتاج والتغذية والتوزيع.
- المديرية العامة للنفط لدى وزارة الطاقة وإدارة منشآت النفط وذلك بكل ما يرتبط بتأمين المحروقات وتوابعها وتخزينها وتوزيعها بما فيها محطات المحروقات والشركات والمؤسسات التي تتولى استيراد وتخزين وتوزيع الغاز.
- المديرية العامة للموارد المائية ومؤسسات المياه والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني والمديرية العامة للاستثمار، وذلك بما يرتبط بتأمين المياه وتخزينها وتوزيعها، والشركات والمؤسسات الخاصة التي تتولى تعبئة وتوزيع المياه.
- مصرف لبنان وجميع المصارف وبالتنسيق مع جمعية مصارف لبنان، وشركات ومؤسسات تحويل وتوزيع الأموال ومؤسسات الصيرفة، وذلك بالحدّ الأدنى الواجب لتأمين مقتضيات تسيير العمل لديها يومياً.
ثانياً: تعليق العمل في الشركات والمؤسسات الخاصة والمحلات التجارية على اختلافها، ومكاتب أصحاب المهن الحرة مع مراعاة الضرورة القصوى المرتبطة بأوضاع العمل بالتنسيق مع نقابات هذه المهن الحرة. ويُستثنى من ذلك المطاحن، الأفران، وكل ما يرتبط بتصنيع وتخزين وبيع المواد الغذائية وغيرها من المواد الاستهلاكية الاساسية والمنتجات الزراعية والمواد الأولية اللازمة لها. كما ويُستثنى ايضاً الشركات والمؤسسات العاملة في مجال نقل البضائع جواً وبراً وبحراً.
ثالثاً: تكلّف السلطات والإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها والاجهزة العسكرية والأمنية كافة، كلّ بحسب اختصاصه، القيام بالمقتضى القانوني لتنفيذ ما تقدم بصورة فورية.
رابعاً: تصدر التعليمات التطبيقية للخطط المبيّنة أعلاه، وللأحكام الخاصة التي تتناولها المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي رقم 102/1983 المعدّل، وذلك بموجب قرارات تصدر عن رئيس مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير المختص وتتضمن الفترات الزمنية لسريان تلك الخطط والأحكام الخاصة.
خامساً: يُعفى من الرسوم الجمركية ورسم الاستهلاك الداخلي، ولمدة شهرين اعتباراً من تاريخ هذا القرار، استيراد المستلزمات والمعدات الطبية والاستشفائية والمخبرية المنحصر استعمالها بالوقاية من فيروس كورونا ومعالجة حالات الاصابة به، اضافةً الى قبول الهبات التي تشملها. كما ويكلف وزير الصحة العامة وبالتنسيق مع الوزراء المعنيين تحديدها.
سادساً: يُكلّف وزير الخارجية والمغتربين وبالتنسيق مع وزير الصحة العامة اجراء الاتصالات اللازمة مع سفارات الدول والمنظمات الاقليمية والدولية لتزويد لبنان بالمستلزمات الطبية والاستشفائية والمخبرية والادوية بموجب هبات و/او مساعدات عينية او مادية.
سابعاً: تكلف وزيرة الاعلام والمجلس الوطني للأعلام وبالتوافق مع وزارة الصحة العامة ونقيبي الاطباء في بيروت وطرابلس التنسيق مع الوسائل الاعلامية كافة بشأن البرامج والتحقيقات المتعلقة بفيروس كورونا وكيفية التعاطي معه.
ثامناً: تُكّلف وزارة المالية، عند الاقتضاء، تأمين الاعتمادات اللازمة لتغطية نفقات تنفيذ ما ورد في متن هذا القرار.
تاسعاً: تكلّف وزارة العدل اعداد النصوص اللازمة لتعليق المهل القانونية والقضائية والادارية والعقدية اعتباراً من تاريخ 18/10/2019.
عون: إنها المرة الأولى
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون استهل الجلسة بكلمة الى اللبنانيين اعتبر فيها “إنها المرة الاولى منذ قرابة القرن ونيف، التي يواجه فيها لبنان وباء يعمّ العالم. إنه وباء الكورونا، الذي صنّفته منظمّة الصحة العالمية منذ بضعة ايام وباءً عالمياً. وهو ينتقل بطرق شتّى وقد يهدد الحياة، عابراً حدود الانظمة والدول، ولم يتمكّن العلم حتى الآن من ايجاد الوقاية او العلاج الناجع له. لهذا فإنّه يتطلّب اتخاذ اقصى درجات الوقاية والحماية للحدّ من سرعة انتشاره”. وقال “الحالة الراهنة تؤلف حالة طوارئ صحية تستدعي اعلان حالة تعبئة عامة في جميع المناطق اللبنانية”.
دياب: اجراءات ستؤثر على اقتصادنا
وخاطب رئيس الحكومة اللبنانيين بعد الجلسة بالقول: “نجحنا في إبطاء انتشار الفيروس، منذ أن بدأ يتفشّى في العالم اعتباراً من 31 كانون الأول 2019. وضعنا استراتيجية علمية وعملية، واستباقية، لحماية اللبنانيين، واتخذنا إجراءات استثنائية منذ البداية، وتمكّن لبنان من احتواء الموجة الأولى من هذا الفيروس، ومن دون ضجيج. بينما كنّا نتعرّض لسهام الانتقاد بسبب إجراءاتنا التي قضت بتعطيل المدارس والجامعات، مع أننا كنا نسبق العالم بتدابيرنا، ونسبق الفيروس بخطوات. وعندما تبيّنت صحّة ما قمنا به، ارتفعت وتيرة المزايدات التي وضعت الاستثمار السياسي أولوية على صحّة الناس”. واضاف: “إن الإجراءات التي نتخذها ستؤثّر على اقتصادنا لا شك، كما تأثّرت اقتصاديات دول العالم، لكن حياة الناس وصحتهم أغلى، وهي أولوية مطلقة”.