كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
يعلو صوت “كورونا” شمالاً ولا صوت فوقه. فقد دخلت مناطق الشمال في عزلة قسرية فرضها الفيروس المستجد، وفرض إيقاعه على الجميع وصار شغل المنطقة والناس الشاغل. الطرقات شبه فارغة والمطاعم والمؤسسات مقفلة حتى قبل إعلان حالة التعبئة بأيام.
بعد ظهر السبت الفائت عملت القوى الأمنية في طرابلس وعكار، على إقفال المحال التي لم تلتزم بقرارات المحافظين والبلديات التي أصدرت قرارات بمنع دخول من هم من خارج نطاقها إليها. كما لبت إلى المحلات وأماكن التجمعات والمقاهي الإقفال. جرى ذلك في عكار على طول الخط من المحمرة حتى حلبا وصعوداً باتجاه المحلات الواقعة داخل القرى والبلدات، وشملت الحملة مختلف المناطق. إلى ذلك سارت السيارات في الشوارع والأحياء وتلت بيانات الحذر والإحتراز عبر مكبّرات الصوت، كما دعت الأهالي إلى ملازمة منازلهم (الحجر الصحي) وعدم المشاركة بأية تجمعات بشرية أياً كانت حتى تنتهي هذه الأزمة، والتبليغ عن أي حالة مشتبه فيها. كما أعلن الأحد عن وجود حالتين مشتبه فيهما بفيروس “كورونا” في عكار تم إرسالهما إلى مستشفى رفيق الحريري في بيروت للفحص، إحداهما من بلدة برج العرب وتبيّن لاحقاً أن نتيجة الفحوص جاءت سلبية ولا تحمل “كورونا”.
إلى ذلك استمرت البلديات بحملات التعقيم والوقاية فاتحاد بلديات وسط القيطع وساحله أعلن عن ورشة تعقيم واسعة النطاق في كل أرجاء الإتحاد تبدأ اليوم، وأكد رئيس الإتحاد أحمد المير “أن الغاية الأساس حماية أهلنا ومناطقنا وأن نجتاز هذه المرحلة إن شاء الله من دون خسائر”. بينما عملت بلدية خريبة الجندي وبلديات أخرى في عكار على الخط نفسه بورش تعقيم. وأكدت البلدية في بيان “أن ورشتها هذه مستمرة كلما دعت الحاجة إلى ذلك، حتى نتفادى خطر هذا الفيروس بالكامل”. واعلن مستشفى حلبا الحكومي في عكار في بيان عن “التأهب الكامل لمواكبة أي جديد في ما خص كورونا والحالات المشتبه فيها”، مناشداً الجميع “التعاون لتأمين مستلزمات يحتاج إليها المستشفى”. ولم ينتظر أبناء طرابلس قرار الحكومة والمجلس الأعلى للدفاع حتى يعلنوا حال التعبئة. فالمدينة عاشت منذ يوم السبت “يوميات كورونا” حال طوارئ حقيقية. إقفال شبه شامل في المدينة، حيث أقفلت المطاعم أبوابها والمقاهي بشكل كامل، وصباح الأحد بدت المدينة خالية تقريباً ما عدا حركة لبعض الأشخاص الذين قصدوا المحلات التجارية (السوبر ماركت) للتبضع وشراء الحاجيات اليومية المنزلية.
“كواليتي إن” للحجر
وازدادت المخاوف في طرابلس من انتشار “كورونا” مع الأخبار التي تتناقلها وسائل التواصل الإجتماعي عن اكتشاف حالات وإصابات هنا وهناك. إنتقادات واسعة طالت الحكومة على خلفية الحديث عن إستعمال فندق “الكواليتي إن” المقفل في طرابلس لغايات الحجر الصحي. الطرابلسييون انتقدوا في هذا المجال جهود الحكومة المشكورة “التي تذكّرتهم في هذه الظروف، بجعل الفندق الوحيد المقفل، مكانًا للحجر الصحي وتركت باقي الفنادق المفتوحة والعاملة في بيروت وغيرها”.
وبُعيد إعلان مجلس الدفاع الأعلى حال التعبئة العامة، بعد اجتماعه عصر الأحد، بدت منطقة الشمال في حالة إقفال تام ونهائي، فبدت الطرقات والشوارع خالية بالكامل. بينما شرعت الهيئات الأهلية والمؤسسات والبلديات تتحرك بفعالية أكثر، للدعوة إلى تطبيق الحجر الصحي بالكامل وعدم الخروج من المنازل إلا لفترة قصيرة وللضرورة القصوى والتزام المنازل حتى إشعار آخر. وارتفعت أصوات المواطنين الذين يعتاشون من العمل اليومي والمصالح والمِهن اليومية، الذين وجدوا في قرار إقفال محلاتهم ومصالحهم محاولة لدفعهم إلى الإنتحار. فمن أين لهؤلاء في هذه الظروف الصعبة، أن يؤمّنوا الإيجارات والمصاريف والضرائب إلى جانب مصاريفهم المنزلية اليومية؟