رأت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في بيان، الى أنه “منذ بداية هذا العام والعالم يتعرض لأصعب التجارب والمحن الصحية عبر فيروس كورونا الذي ينتشر ويجتاح أكثر البلدان، ويصيب عشرات الآلاف من السكان ويودي بحياة الآلاف منهم. تتشارك كنيستنا الأنطاكية هذه الأخطار الكبرى التي تهدد الحياة الإنسانية اليوم، فالحياة هي “هبة مقدسة” من الله ويسأل كل من رعاتها وأبنائها عن صونها وحفظها بما يرضي الخالق ويتوافق مع مشيئته ومكانة الإنسان لديه كمحبوب مفتدى. تقف الكنيسة شاخصة إلى شفاعة العذراء مريم وجميع القديسين بصلواتها المكثفة وتمسكها “بالرجاء الذي لا يخزي” (رومية 5: 5). فيما تواجه الكنيسة هذه المحنة الكبرى، تضع نصب عينيها “عناية الله” وتصبو إلى أن يتعاضد الجميع في مواجهتها إيمانا بهذه العناية وتفاعلا معها”.
وأوضحت أنه “أمام تأكيد نتائج البحوث العلمية والمراجع واللجان الطبية المسؤولة والمختصة، أن الحد من التجمعات، والتزام الناس لمنازلها، هو الوسيلة الأنجع للحد من انتشار الفيروس ومما يمكن أن يودي به من ضحايا، وأمام دعوات السلطات الرسمية إلى الحد من هذه التجمعات، أصبح أمرا لازما على الكنيسة أن تتكيف تدريجيا، وبتمييز كبير، أسوة بباقي مؤسسات المجتمع الأخرى، مع مقتضيات هذه المرحلة بما يتوافق مع الإرشادات الطبية الصادرة عن الجهات الرسمية المختصة، وهي بذلك إنما تعطي مثالا حيا لأبنائها كي يحذوا حذوها في تطبيق الإجراءات الصحية على أكمل وجه، والتعاطي بواقعية مع ما تمر به البشرية، بما فيه خيرهم والمختصين بهم”.
ولفتت الى أنها “انطلاقا مما سبق، وحيث أن الكنيسة تحتضن المجتمع كما يحتضنها هو، ولكونها تسأل، كسائر عناصره، عن المشاركة بتأمين أمنه الصحي، ولكون الكنيسة تتفهم، بأبوتها الراعية، القلق المشروع للمؤمنين من التواجد الجماعي في هذه الظروف الفائقة الخطورة، وتسأل عن المساهمة في معالجة ما يقلق ويتعب ضمائر الأبناء، وتجاوبا مع الخلاصات العلمية ودعوات السلطات الرسمية، وصونا لسلامة الجميع، فإن كنيستنا الأنطاكية، وبعد التشاور بين غبطة البطريرك والسادة المطارنة، تعلن:
– التقيد بكل التعليمات الصحية الوقائية العامة والتدابير التي تعلنها الدولة والمنظمات الدولية ذات الاختصاص.
– إيقاف كل الاجتماعات الخاصة والعامة.
– إيقاف كل الأنشطة من أمسيات ورحلات وكرامس واحتفالات ومعارض ومسابقات.
– تفعيل إمكانية البث المباشر للصلوات اليومية عبر المواقع الإلكترونية التابعة للكنيسة، على أن يقيم الكاهن في الرعايا الصلوات والقداديس بمشاركة المرتل وخادم الكنيسة، دون ما يمنع مشاركة أي من المؤمنين.
– وكي لا يحرم المؤمنون من الزاد الإلهي تخصص كل كنيسة أوقاتا محددة للمناولة الفردية لمن يرغب. كما يقوم الكهنة بتقديم المناولة لمن يحتاج من المؤمنين المرضى وكبار السن في منازلهم.
– تقتصر مراسم الجنازة وصلوات النياحة (الثالث والتاسع والأربعين والسنة) على أهل الفقيد دون تقبل التعازي.
-تسري هذه الإجراءات وذلك بشكل موقت واستثنائي حتى الرابع من نيسان للعام 2020، على أن يتولى مطارنة الأبرشيات متابعة تطبيق هذه التوجيهات على ضوء الإجراءات التي تتخذها تباعا السلطات المدنية في الدول التي يخدمون فيها”.
ودعت الكنيسة “جميع المؤمنين، إلى إقامة الصلوات ورفع التضرعات اليومية في منازلهم، ومع عائلاتهم، لنتشارك جميعا الرجاء الكبير والواحد بالله في زمنِ ما يذكرنا بمحدوديتنا البشرية”.
كما دعت أبناءها إلى “الصلاة من أجل أن يتعطف الرب الإله على شعبه ويهب الشفاء للمرضى والعزاء للمعذبين وللرازحين تحت وطأة هذه الأيام الصعبة، وأن يلهم الذين يتعاطون الشأن العام، وإدارة هذه الأزمة، بالحكمة وحسن التدبير، وأن يبارك جهود العاملين في القطاع الصحي والاستشفائي وكافة المتطوعين في هذا المجال”.
وتمنت أخيرا، أن “يحفظ الله جميع الأبناء وجميع الإخوة المواطنين من كل خطر وشر”.