Site icon IMLebanon

تجمعات النازحين تتحدى “كورونا”: لدينا مناعة!

كتبت آمال خليل في “الاخبار”:

أمام الخيمة التي مزقتها العاصفة الأخيرة، يلعب أطفال على الطريق التي تقطع تجمّع النازحين السوريين في سهل الوزاني (قضاء مرجعيون). الوحول وروث المواشي بعثرا ملامح الدرب، لكنها لم تؤثر على حركة الأطفال رواحاً ومجيئاً. بعضهم حفاة. قبالتهم، افترشت نسوة، الأرض فوق التراب والحصى وشرَعن في إعداد الطعام. فوق رؤوسهن، نشرن الغسيل وخضراً مجففة على الحبال بين الخيم. تفاصيل المشهد لا تسمح بالسؤال عن سبب عدم ارتداء الجميع للقفازات والكمامات في إطار الإجراءات الوقائية التي اتخذها كثيرون لمنع انتقال عدوى كورونا. تضحك السيدة لدى طمأنتها بأن الوباء لم يطل أياً من مواطنيها، سواء المقيمون في الخيم أم في الشقق. «من أين سيأتينا كورونا؟»، تقول هازئة. «لدينا مناعة قوية من الظروف التي نعيش فيها». تشير إلى الخيم الممزقة والأطفال الذين يلتحفون السماء وسط برد قارس وملابس خفيفة. لكن جارتها تعيد سبب المناعة إلى الطبيعة. «نأكل من الأرض. كله طبيعي وصحي. أيدينا، نساء ورجالاً، تغور في التراب الذي يشكل طبقة عازلة عن الجراثيم». أما وقاية الأنف، فتشير إلى الموضة التي يتوارثونها بتغطية الجزء السفلي من الوجه، الأنف والفم والذقن، نساء ورجالاً خارج المنزل، بالحجاب والعقال.

يتوقع البعض بأن يصيب الوباء مخيمات النازحين في الحقول الزراعية وعلى ضفاف الأنهر وقنوات الري المختلطة بالصرف الصحي وخراج البلدات بسبب الظروف البيئية والمعيشية التي تحيط بهم. يجزم أهل المخيم بأن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لم تمر بهم لتوزع عليهم أدوات التعقيم والوقاية. علموا بالوباء من التلفاز. «فريق من الصليب الأحمر الدولي زارنا وشرح لنا عن المرض وعوارضه»، تقول سيدة. «لا نملك المال لنشتري كمادة (كمامة) أو جل (السائل المعقم)».

المفوضية لم تمر بالنازحين المقيمين في الشقق، لكن راسلتهم. «الأخبار» اطلعت على رسائل نصيّة أرسلتها للنازحين المسجلين لديها، تطلب منهم الاتصال على أرقام هواتف مرفقة في حال شعروا بأي عوارض مرتبطة بـ«كورونا». الحكومة لم تشمل النازحين الموكل أمرهم الى «الأمم»، كما يختصر النازحون اسم المفوضية.

«الأخبار» استفسرت من المفوضية عن الإجراءات الجديدة التي اتخذتها بعد رفع الحكومة اللبنانية مستوى المواجهة، علماً بأنها، في المرحلة الأولى، اقتصرت تحركاتها مع شركائها على توزيع ألواح صابون ومواد أخرى للعناية بالنظافة الصحية على اللاجئين منذ أوائل الشهر الجاري. لكن، منذ يوم الجمعة الفائت، «تم التقليل إلى حدّ كبير من عدد الزوار اللاجئين لمراكز تقديم الخدمات، واستعيض عن ذلك بالاتصالات الهاتفية. وسيتم الحدّ أكثر من إمكانية الوصول إلى المراكز وحصرها باستقبال الحالات الطارئة فقط». ماذا لو سجلت إصابات بالفعل؟ تنص الخطة على «العمل مع السلطات والمنظمات اللبنانية المعنية للتخطيط للطوارئ من أجل تأمين العزل واحتواء الوباء في حال تسجيل إصابات في أوساط اللاجئين. وتم تحديد الإجراءات اللازمة ويجري حالياً إطلاع اللاجئين عليها، علماً بأن 20 في المئة فقط يعيشون في مخيمات غير رسمية، في حين تعيش الغالبية ضمن وحدات أسرية فردية، وليس ضمن مجموعات».

في إطار الوقاية أيضاً، «ستتواصل الأنشطة المتعلقة بقطاعي الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والتركيز على الاستجابة للتصدي للمرض وإعطائها الأولوية».

ماذا عن الوقاية للموظفين؟ شكاوى عديدة صدرت من بعض موظفي المفوضية أنفسهم قبل الخطة الجديدة من أن إدارتهم «منعتنا في المراكز وفي الميدان من ارتداء الكمامات والقفازات احتراما للنازحين الذين قد يظنون أنهم أحد مصادر الوباء. كذلك لم توزع الكمامات والقفازات على مئات النازحين الذين يزورون يومياً مراكز الاستقبال في المحافظات الخمس»، وفق مصادر الموظفين. المفوضية تنبهت إلى الخطر الجماعي اللاحق بالنازحين ومقدّمي الخدمات. و«سيعمل موظفو الإغاثة الإنسانية بشكل أساسي من المنزل باستخدام الوسائل التكنولوجية المتاحة لضمان استمرار الخدمات»، كما جاء في بيانها لـ«الأخبار». ولفتت إلى أن النازحين أيضاً «قلقون ويحدّون من تحركاتهم من تلقاء أنفسهم».