كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:
أخيراً تنفس البقاعيون الصعداء بعد إقفال المعابر الرسمية الحدودية، وتحديداً معبر المصنع لتخوّفهم من قدوم أشخاص قد يكونون مصابين بـ”كورونا”. وجاء الاقفال عملاً بحالة “التعبئة” التي أعلنتها الحكومة اللبنانية والمجلس الوطني للدفاع، بعدما كان سبق هذا الاعلان “حالة طوارئ” عمت المناطق البقاعية بما فيها المؤسسات الرسمية والخاصة والتجارية والمعامل وغيرها، منعاً لانتشار “كورونا”.
وكان البقاع دخل “حالة الطوارئ” منذ السبت الماضي، بعدما عمم محافظ البقاع كمال أبو جودة على البلديات أن تعلن مساء الجمعة جملة من التدابير ومنها الطلب من المواطنين أصحاب المؤسسات التجارية وغيرها الاقفال التام تحت طائلة المسؤولية. وبدأت صباح السبت وحدات من الجيش والمخابرات برفقة عناصر شرطة البلديات بإرغام أصحاب المؤسسات على الاقفال بالقوة والتعهد بإقفالها مدة 15 يوماً. وصباح الاثنين تدخلت قوى الامن الداخلي لتسطير مخالفات بحق الفانات وحافلات النقل، وارغام الركاب على النزول منها منعاً لأي احتكاك جماعي.
وفسّر البقاعيون تسمية حال الطوارئ بالتعبئة العامة على أنها “تهريبة” من مسؤوليات الحكومة، خصوصاً أن لبنان يعيش أزمات إقتصادية ومعيشية سيئة في ظل سلطة ممعنة بالفساد والمحسوبيات، في وقت تنعدم فيه فرص العمل وترتفع نسبة البطالة الى ذروتها، ليأتي قرار الطوارئ بتسمية “صحية” وليس وطنية.
وصباح أمس أقفل معبر المصنع بالكامل أمام العائدين من سوريا وأمام كل الجنسيات السورية وغير السورية، وبحسب مصادر أمنية فإن “اقفال المعبر بدأ فعلياً ابتداء من منتصف ليل الأحد وبداية يوم الاثنين”، ولفتت إلى أنه “قبيل اقفال المعبر بساعات قليلة دخل الى لبنان 18 شخصاً قادمين من إيران، وهم ١٦ لبنانياً وايرانيتان، واحدة من أم لبنانية والثانية متزوجة من لبناني، اجريت فحوص قياس الحرارة لهم وتعبئة الاستمارات اللازمة وتدوين كل المعلومات الشخصية ومكان الاقامة ورقم الهاتف وعبروا بشكل طبيعي”.
وبحسب شهود عيان أن هؤلاء “كانوا برفقة مجموعة من “حزب الله” سهّلت لهم اجراءات الدخول وعملت على نقلهم”. كما اشارت مصادر إلى “دخول باصين مساء أمس بمرافقة مجموعة من “حزب الله”، في وقت كان اتخذ فيه الامن العام اللبناني القرار بمنع دخول وخروج الحافلات والباصات من والى لبنان”.
وكانت الزميلة في تلفزيون الجديد راشيل الحسيني اثناء نقل مباشر من نقطة المصنع ومن داخل باحة الامن العام تعرضت لوعكة صحية افقدتها الوعي، ووفق بيان “الجديد” فإن الطبيب المختص لم يلحظ أي عوارض لـ”كورونا” عليها وأعاد السبب إلى الارهاق، لكنها خضعت للفحص المخبري وستكون في عزل وزميلها المصور لـ 18 ساعة، إلى حين ظهور النتائج.
وكل المناطق البقاعية شلت فيها الحركة بالكامل، بدءاً من مدينة زحلة التي بدت خالية فعلياً، وكذلك شتورا التي كانت تعج بالمواطنين كونها نقطة تواصل بين المناطق البقاعية. كل شيء بات مقفلاً، مكاتب صرافين ومصارف ومؤسسات تجارية على انواعها باستثناء بعض المؤسسات المعنية ببيع المواد الغذائية.
والحال نفسها في المناطق والقرى على طول خط دمشق – شتورا وطرقات الجنوب والبقاع الغربي وراشيا، حيث بدت الشوارع خالية الا من بعض المواطنين الذين خرجوا لشراء المواد الغذائية أو الخبز والأدوية. ما دفع بالعشرات من الشباب ومن الناشطين “الثوار”، لأن يتداعوا لتشكيل لجان طوارئ من شأنها أن تعمل على تضافر الجهود، لمساعدة الناس حتى في الامور المعيشية.
وقال الناشط أيمن الصميلي في بلدة الصويري: “نتواصل مع مجموعات من الناشطين ونسعى لتأمين العديد من المستلزمات الوقائية، واذا استطعنا وكان هناك تجاوب من الخيّرين سنعمل على تأمين المواد الغذائية للعائلات الفقيرة المتضررة من هذا الواقع”.
ربيع من راشيا مياوم في إحدى المؤسسات التجارية المختصة ببيع المفروشات المنزلية، لم يبد إعتراضه على إعلان حال الطوارئ إنما اعتراضه على تملص الحكومة من واجباتها، وبطريقة إعلانها قال: “اجرتي اليومية 40 ألف ليرة وفي جيبي 80 ألف ليرة فقط، وعندي ولدان وزوجة، فمن يؤمن لنا العيش لـ 15 يوماً”.
يستهزئ يوسف ابن البقاع الغربي بقرار الحكومة، ليربط ما قررته بخوفها على نفسها لا أكثر ولا أقل، وقال: “من يعلن الطوارئ لا يعقل أن يُدفّع اللبناني 150 الف ليرة ثمن فحص وباء عالمي”، ليردف أن “هناك فقراء لا قدرة لهم على شراء قنينة معقم وكمامة، كيف يمكن ان يعيشوا خلال هذاه الفترة؟”.
كذلك هي حال شوقي “الكهربجي” يعمل في مرأب لتصليح كهرباء السيارات، قال: “بعز أيام العمل ما كان يصير عنا عجقة، إجو سكرولنا المحل، وتركوا السوبرماركات فيها العجقة وممكن ان تكون سبباً بانتقال العدوى”، ليردف: “نحن نكسب قوت يومنا، في حال الطوارئ على الدولة تأمين مستلزمات العيش للناس لا أكثر”.
نديم حداد من زحلة ابدى ارتياحه لإعلان إقفال معبر المصنع، وقال” المهم ان يبقى مقفلاً خلال الطوارئ لا أن يقوم “حزب الله” بإدخال من يريده بقوة السلاح”، وتمنى ان يكون العزل فعلياً لجميع اللبنانين و” كلما التزمنا بالعزل كلما خفت الاصابات”.