كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”:
انفجر سجناء لبنان أخيراً. التصعيد التدريجي وصل إلى حدّه الأقصى. سواطير ونار وإضرابٌ مفتوح عن الطعام حتى الموت. ليل رومية كان مضيئاً. مئات السجناء انتفضوا في جميع المباني محاولين تحطيم أبواب السجن الحديدية. من مبنى السجناء المحكومين مروراً بمبنى السجناء الأحداث وصولاً إلى مبنى الإرهاب أو ذوي الخصوصية الأمنية. غضبٌ ونار في كل مكان. من رومية إلى القبة، الشعار المرفوع كان واحداً وليس جديداً، العفو العام أو الموت جوعاً. أمام كاميرات الهواتف الخلوية المهرّبة، احتشد عشرات السجناء لتشطيب أجسادهم تعبيراً عن غضبهم. الواقع المتردي في البلاد على المستوى المادي والصحّي والذي بلغ حداً غير مسبوق، كان محرّكاً للسجناء. كما أن قرار إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام بدأ الإعداد له منذ أول من أمس. عشرات الاتصالات وردت إلى وسائل الإعلام تناشد رئيس الجمهورية ميشال عون إقرار العفو العام. كذلك أعدّ السجناء بياناً موحداً لتلاوته. أُتبعت هذه الاتصالات بفيديوات مصورة للسجناء يؤدون قسم اليمين بأنهم لن يتراجعوا عن إضرابهم حتى إقرار العفو العام أو الموت جوعاً. في البداية كانت الذريعة فيروس كورونا الذي يخشى السجناء تفشّيه في صفوفهم في ظل الواقع الصحي السيّئ أصلاً، إلا أنّ الشرارة التي فجّرت انتفاضة السجناء كانت الكشف عن صفقة العفو عن جزّار الخيام العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري. وقع الخبر كان صادماً على السجناء أنفسهم. لم يتوقعوا أن العميل الذي ارتكب الفظاعات وعذّب الأسرى وأجهز عليهم سيُترك حُرّاً بقدرة قادر، فكان لسان حالهم وصرختهم واحدة: خرج العميل القاتل فلماذا نبقى نحن في السجن؟ والقياس هنا جائزٌ حتماً.
أن يرضخ لبنان لسيناتور أميركي وسفيرة أميركية ورئيس أميركي ويترك عميلاً مجرماً، فلماذا لا يرضخ قضاؤه لمطلب آلاف السجناء الذين يطالبون بصوت واحد بإقرار العفو العام؟ هذا القياس أبقى السجون مشتعلة حتى ساعة متأخرة من ليل أمس. عشرات الفيديوات المصوّرة كانت تنقل مباشرة من داخل السجن. إضراب السجناء تزامن مع تحركات لأهالي السجناء المطالبين بإصدار عفو عام لإخراج جميع السجناء من جراء الأوضاع الصعبة. بادئ الأمر كان المطلب التأسّي بباقي الدول التي أفرجت عن آلاف السجناء بسبب فيروس كورونا. غير أن العفو عن العميل الفاخوري أعطى زخماً لمطالب السجناء وذويهم على حدّ سواء.