Site icon IMLebanon

تسهيلات سياسية كبيرة للحكومة لمواجهة «كورونا»

كتب د.ناصر زيدان في صحيفة الأنباء الكويتية:

لم يسبق أن أعطيت حكومة من لون واحد ولا تحظى بتأييد أكثرية شعبية بمثل هذه التسهيلات السياسية التي تم منحها لحكومة الرئيس حسان دياب، بهدف إيجاد حلول للمعضلات المطروحة، وأبرزها مواجهة أخطار ملف فيروس كورونا الوبائي المخيف، والاختناق المالي الذي يواجه البلاد.

وقد كان وبال كورونا نعمة بالمعنى السياسي للحكومة، حيث لم يحصل أن حظيت أي وزارة بتأييد أخصامها كما هو عليه الحال اليوم في لبنان. وغالبا ما تلجأ الدول الديموقراطية البرلمانية الى تبديل الحكومات في الأوضاع المصيرية الصعبة، وتشكل حكومة جديدة تمثل كل شرائح الشعب لمواجهة حالة الطوارئ بمشاركة وتضامن الجميع.

غالبية القوى السياسية الرئيسية أعلنت وقوفها خلف الحكومة وفوق الخلافات، ومساندتها لمواجهة الخطر الداهم الذي يسببه الفيروس القاتل، رغم التقصير الكبير الذي حصل عند ظهور الوباء، لناحية التأخير في اتخاذ اجراءات الوقاية، وعدم منع دخول قادمين من دول أصابها الفيروس، وعدم احكام العزل التام على الذين دخلوا من هذه الدول وبإشراف حكومي.

ورغم تسخير القوى السياسية الفاعلة المعارضة للحكومة لكل إمكاناتها للمساعدة في احتواء الوباء، وصولا الى حد الإشادة العلنية ببعض الاجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة العامة، كانت لافتة التهجمات والمبالغات السياسية التي وردت في خطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفي تصريح رئيس الحكومة

د.حسان دياب بالمناسبة، بحيث ركز الأول على الاشادة بإجراءات الحكومة التي «أصبحت محط تقدير المرجعيات الدولية، وأن الانتقادات التي وجهت للحكومة ليست عادلة، لان الحكومة أخذت إجراءات بسرعة نموذجية»، كما قال عون، أما الرئيس دياب فانتقد بعض المعارضين، وقال ان الحكومة وضعت استراتيجية استباقية لحماية اللبنانيين، علما أنه لم يسجل اشادات دولية ولم يشعر المواطنون بالاجرءات الاستباقية.

مواجهة أزمة غير مسبوقة تستدعي بطبيعة الحال مرونة غير عادية، لا يبدو أن فريق الحكم والحكومة مارسا هذه المرونة. وبينما كانت المعارضة تواجه الأزمة وتساعد الحكومة، كان بعض هذا الفريق يهاجم المعارضة، ويحاول تشويه صورة أفعالها المؤيدة، او يسخر من دورها المساند. رغم أن الأصوات التي تناولت بالنقد تصرفات الحكومة او بعض الوزراء، كانت عادية جدا والتزم الجميع بنداء القادة للتعالي عن السجالات الجانبية، رغم أن باب الدخول الى انتقادات جوهرية لأداء الحكومة الفاضح، كان مفتوحا على مصراعيه، وما حصل في مطار رفيق الحريري الدولي وعلى المعابر الحدودية من فوضى ولامبالاة، إضافة لإخلاء سبيل عمر فاخوري وإصدار قرارات قضائية مالية غريبة أكبر مثال على هذا الأداء الفاضح.

بعض من فريق الحكم والحكومة ربما لم يدرك أن القوى المعارضة الفاعلة كانت على اطلاع كامل على التباينات التي حصلت حول موضوع تجنب اعلان حالة الطوارئ التي كانت ضرورية، وبعضهم الآخر بدا متجاهلا لقدرة الذكاء الفائقة عند اللبنانيين، وبالتالي اعتبروا أن اعلان حالة التعبئة العامة بموجب قانون الدفاع كافيا لمواجهة الأزمة، رغم أن أحكام قانون الدفاع مخصصة لحالات الحروب العسكرية والاضطرابات الأمنية فقط، علما أن الرأي العام يعرف تماما أن مواجهة الوضع الراهن يتطلب إعلان حالة الطوارئ بموجب المادة 65 من الدستور، والاستبعاد لهذا التدبير كان مقصودا لكي لا تخرج المبادرة من أيدي بعض النافذين، وتصبح القيادة بيد الجيش حصرا وفقا لما تقتضيه أصول تطبيق حالة الطوارئ.

أبدت المعارضة عاطفة سياسية واضحة على البلاد، بينما فريق الحكم دخل في تفاصيل هجومية ودفاعية سطحية ولا مبرر لها. وقد وصف أحد أقطاب المعارضة الوضع بالقول: قد يكون وباء كورونا جاء نتيجة تراكمات 30 عاما كما الانهيار المالي وفقا لما يدعي رئيس الحكومة الذي بدا دوره هشا للغاية في هذه الفترة المصيرية.