كتبت جريدة الأنباء الالكترونية:
في حمأة الجهود التي تبذل من قبل المعنيين على كافة الأصعدة لمحاصرة وباء كورونا الذي يضرب لبنان منذ حوالى الشهر حاصدًا المزيد من الاصابات التي بلغت ١٢٠ حالة أمس وأربعة وفيات، وبعد سريان مفعول خطة التعبئة العامة التي أقرتها الحكومة والاجراءات المتخذة للحد من تفشيه المخيف بالطلب من الناس ملازمة بيوتهم وتوخي أعلى درجات الوقاية منعا لانتقال العدوى اليهم، وفيما تحاول الحكومة تكثيف اجتماعاتها بحثا عن مخارج للأزمة الاقتصادية، وفي غمرة السجال القائم حول التشكيلات القضائية وردها من قبل وزيرة العدل ماري كلود نجم وإصرار مجلس القضاء الأعلى على الإبقاء عليها، وفي الوقت الذي تسعى فيه السلطة القضائية لإبعاد السياسة عن القضاء، تعرّض الجسم القضائي، ومعه الضمير الوطني، لأكبر انتكاسة في تاريخه تمثلت بالقرار الصادر عن المحكمة العسكرية بوقف التعقبات عن العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري وإسقاط الادعاءات بحقّه بفعل مرور الزمن العشري، ليشكّل ذلك “جرعة السم للرئاسة”.
“جرعة السم” هذه التي أوجد لها “محامي الشيطان في مركز القرار والمزدوج الولاءات”، الفتوى المناسبة، وفق ما عبّر عن ذلك رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط.
فكيف تدرّجت قضية الفاخوري من متهم بالعمالة الى سقوط الدعاوى المقدمة بحقه ووقف الملاحقة عنه واخلاء سبيله والسماح له بمغادرة لبنان؟ وهل صحيح ان الاجراءات القضائية التي اتخذتها المحكمة في عملية إسقاط التهم عن الفاخوري التي استندت الى تقارير المخابرات، أغفلت قضية الاسير علي حمزة المختفي قسرا قبل أن تتم تصفيته من قبل الفاخوري؟ وهل صحيح ان جلسة محاكمة الفاخوري كانت مقررة في شهر نيسان المقبل؟ فكيف تمت المحاكمة في منتصف آذار والطلب بإخلاء سبيله؟ وما موقف رئيس المحكمة القاضي حسين عبدالله من هذا الحكم، وهو ابن بلدة الخيام حيث كان العميل الملقب بالجزار يصدر أحكامه العرفية بحق المناضلين والمقاومين الوطنيين للاحتلال الاسرائيلي؟ من يغطي هذا القرار الخطير؟
وفيما سعى الوزير السابق سليم جريصاتي الى نفي علاقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ووزيرة الدفاع زينة عكر وقائد الجيش جوزيف عون بهذا الموضوع، يتجدد طرح السؤال نفسه: “من المسؤول عما جرى؟”.
مصادر قضائية استغربت عبر “الأنباء” عدم صدور اي موقف من مجلس الوزراء وتحديداً من قبل الرئيس حسان دياب بما يتعلق بهذه المسألة الخطيرة التي تشير بشكل واضح الى تدخل السياسة بالقضاء. وتمنت المصادر على رئاسة مجلس القضاء الأعلى اتخاذ الموقف المناسب وتوضيح ما جرى حرصا منها على استقلالية القضاء، سائلة “هل اصبح الفاخوري خارج لبنان ام انه ما زال ينتظر قرار محكمة التمييز بعد النقض المقدم من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات؟”.
وفيما أصدر حزب الله بيانا أدان فيه بشدة ما جرى، سألت المصادر القضائية عما اذا كان القاضي عبدالله سيتنحى قبل أن طالب حزب الله بإقالته؟
مصدر قيادي في تيار المستقبل ذكّر في حديث مع “الأنباء” بمسألتين “لأخذ العبرة”، الأولى تتمثل بتوقيف حكومة الرئيس سعد الحريري للعميل فايز كرم لتتم بعدها تبرئته وإسقاط تهمة العمالة. والثانية، عبر حكومة الرئيس سعد الحريري مرة جديدة التي أوقفت العميل عامر الفاخوري، وهذه الحكومة توقف عنه كل الدعاوى وتخلي سبيله.
وقال المصدر من تيار “المستقبل: “هذا هو الفرق بين الفريق السيادي الذي يطالب بلبنان دولة مستقلة وقضاء نزيه، وبين من يسخّر كل ما يملك من سلطة لتجيير الأمور لصالحه، انه عهد الصفقات والسمسرات والعمالة”.
مصادر كتلة “التنمية والتحرير” لفتت في اتصال مع “الأنباء” إلى انزعاج كبير لدى الرئيس نبيه بري تحديدا لما آلت اليه قضية العميل الفاخوري”، مؤكدة ان الرئاسة الثانية والكتلة لن تسكتا عما جرى بعد ان تتكشف كل الحيثيات التي ادت الى قرار تخلية سبيله، الذي وصفته بفضيحة الفضائح.
مصادر نيابية مستقلة ألقت في اتصال مع “الأنباء” باللائمة على فريق العهد الذي بات فريق “مصادرة قرار الدولة ورهنه للفريق الممانع”.
وفيما تفشى وباء التسييس في مفاصل القضاء، كان فيروس كورونا يواصل انتشاره في لبنان. وأعربت مصادر وزارة الصحة عبر “الأنباء” عن ارتياحها للاجراءات المتخذة من قبل الحكومة وتجاوب اللبنانيين بحجز أنفسهم في المنازل لأن هذه التجربة أثبتت نجاحها في كل الدول التي نجحت بتطويق الفيروس.
المصادر نقلت للأنباء ارتياحا رسميا لعمل الأجهزة التابعة للوزارة والتزامها بكل الاجراءات المتبعة ومتابعة الطلبات التي ترد اليها من كافة المناطق اللبنانية.
ولفتت المصادر الى جهوزية المستشفيات الحكومية والخاصة لاستقبال المصابين ابتداء من مطلع الأسبوع المقبل، مؤكدة ان لا مشكلة في موضوع المضمونين وطريقة معالجتهم في المستشفيات، وهذا الأمر كان مثار بحث بين وزير الصحة وأصحاب المستشفيات.
توازيا، افادت مصادر حكومية عبر “الأنباء” ان مباحثات مجلس الوزراء تركزت على معالجة الازمة الاقتصادية من كافة جوانبها، مشيرة الى ان الرئيس دياب أعطى لنفسه مهلة لمدة ٣ اسابيع لمعالجة هذه الأزمة، فيما سُجل تقدم في الاتصالات بين وزير المالية وجمعية المصارف أفضى الى استئناف المصارف عملها بطريقة تسمح باستمرار توفير الخدمات المصرفية للمواطنين.