استأثر قرار المحكمة العسكرية اللبنانية بوقف تعقب عامر الفاخوري المتهم بالعمالة لإسرائيل، بمزيد من السجال السياسي رغم انشغال الدولة والقوى السياسية بتفشي وباء كورونا وهاجس خروجه عن السيطرة.
وكان مدعي عام التمييز لدى المحكمة قضى باستئناف قرارها الذي رفضه “حزب الله” وحركة أمل، وقوى سياسية عديدة وسط شكوك في دور رئاسة الجمهورية والحزب الوطني، لجهة محاولة استرضاء واشنطن، علما أن الفاخوري يحمل الجنسية الأميركية.
ورفض المجلس الشيعي الأعلى في لبنان قرار وقف تعقب الفاخوري، فيما ناقش الرئيس ميشال عون مع وزير الداخلية العميد محمد فهمي أوضاع السجون في ظل انتشار فايروس كورونا. وكان مجلس الوزراء أقر مشروع قانون مستعجل يقضي بإعفاء المحكومين الذين استكملوا فترات عقوباتهم ولم يتمكنوا من دفع غرامات مالية مستوجبة.
واللافت وجود شبه إجماع بين قوى سياسية عديدة على أن قرار المحكمة العسكرية في قضية الفاخوري جاء برضا الرئاسة اللبنانية أو بضوء أخضر منها استجابة لضغوط أميركية.
وتحدثت أوساط مطلعة عما يتردد من معلومات تشير إلى أن الفاخوري المتهم بإدارة سجن الخيام خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، وبتعذيب معتقلين وخطف لبنانيين، عاد إلى بيروت في سبتمبر الماضي ورافقه ضابط برتبة عميد من المطار، علما أنه كان أمضى سنوات في الولايات المتحدة بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.
السيناتور الأميركي الجمهوري تيد كروز ما زال يسعى إلى معاقبة مسؤولين لبنانيين، بموجب قانون ماغنيسكي
ولفتت الأوساط ذاتها إلى معلومات عن لقاء جمع عون بالفاخوري في الولايات المتحدة، يرجح أن يكون على هامش مشاركة الرئيس اللبناني في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
يذكر أن قرار المحكمة أثار ضجة واسعة في لبنان على خلفية تبرئة عميل فيما لا يزال المئات من الموقوفين المتهمين بصلات مع متشددين إسلاميين سجناء من دون محاكمات. وبات قرار المحكمة في مرحلة الاستئناف، علما أن الفاخوري الموقوف مصاب بالسرطان، واستند قرار وقف تعقبه إلى مرور الزمن (أكثر من عشر سنوات) على القضية التي حوكم بها.
وجاء موقف المجلس الشيعي الأعلى برفض القرار بعد موقف مماثل وتنديد من قبل “حزب الله” وحركة أمل، وتقول مصادر إن الحكم اللبناني استجاب لضغوط أميركية لإطلاق الفاخوري، خشية فرض واشنطن عقوبات على مسؤولين لبنانيين، بذريعة انتهاك حقوق الإنسان، وفي ظل احتمال وفاة العميل في سجنه بسبب السرطان.
وتفيد معلومات بأن السيناتور الأميركي الجمهوري تيد كروز ما زال يسعى إلى معاقبة مسؤولين لبنانيين، بموجب قانون ماغنيسكي الذي يطال متورطين بانتهاكات لحقوق الإنسان.
وكان مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية اللبنانية القاضي غسان الخوري قد طلب من المحكمة العسكرية نقض الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية الدائمة بوقف تعقب عامر الفاخوري المتهم بالتعامل مع إسرائيل خلال فترة احتلالها لجنوب لبنان، وتعذيب معتقلين في سجن الخيام.
ويحمل الفاخوري الجنسية الأميركية وكانت سفيرة الولايات المتحدة لدى لبنان دوروثي شيا طلبت من الرئيس ميشال عون إطلاقه، علما أنه كان أقام لسنوات في الولايات المتحدة بعد تحرير الجنوب.
وطلب الخوري مذكرة بتوقيف الفاخوري مجددا وإعادة محاكمته بتهم خطف لبنانيين وتعذيبهم ومحاولة قتل آخرين. ورفض كلّ من حزب الله وحركة أمل حكم المحكمة العسكرية، ودعا الحزب إلى تعديل قانون العقوبات بحيث لا يتم إسقاط الدعاوى بتقادم الزمن.
وأشعلت هذه القضية حرب اتهامات في الأوساط السياسية اللبنانية، حيث ندد النائب السابق زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ما وصفه بـ”جرعة السم للرئاسة”، متسائلا “ما نفع التشكيلات القضائية والحديث عن استقلالية القضاء مع تقديري لرئيس مجلس القضاء الأعلى والقضاة الذين حاكموا العميل” الفاخوري. وقال “محامي الشيطان في مركز القرار ومزدوج الولاءات يجد الفتوى المناسبة لإطلاق العميل” الفاخوري.
وتحدث الوزير السابق اللواء أشرف ريفي عن “استدراج عامر الفاخوري إلى لبنان لتسجيل بطولات شعبوية”، منتقدا حزب الله و”تحول الملف إلى تصفية حسابات رئاسية”. واعتبر أن “معادلة كن مع حزب الله وافعل ما شئت هي السارية”.