كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:
تفاجأ عدد كبير من اللبنانيين، خصوصاً جمهور محور الممانعة، بقرار المحكمة العسكرية وقف التعقبات بحق عامر الفاخوري، ما أدى إلى إخلاء سبيله وعلى الأرجح خروجه من لبنان تحت جنح ظلام فيروس “كورونا” بمباركة من “حزب الله”، وإن اقترنت ببيان غسل فيه يديه من المسرحية التي عُرضت فصولها أمام اللبنانيين! لكن من تابع كواليس الاتصالات التي جرت منذ اليوم الأول لاعتقال الفاخوري، أدرك أن الوزير السابق جبران باسيل ظُلم بالاتهامات التي تعرّض لها والتي حمّلته المسؤولية عما حصل، ولو أن باسيل كان نقل منذ اليوم الأول الرسائل الأميركية التي دعت إلى الإفراج عن مواطنها، وسعى إلى إيجاد حلّ للقضية في محاولة لتقديم نفسه بصورة إيجابية في عاصمة القرار الدولي.
لكن ورقة بحجم ورقة الفاخوري التي شكلت مطلباً رسمياً أميركياً ملحّاً لا يمكن منحها إرضاءً لباسيل أو لتجنيبه عقوبات أميركية على شخصه، فـ”حزب الله” غير المبالي بكل العقوبات التي طالت شخصيات ومسؤولين في صفوفه لن يقبل بتجنيب باسيل مثل هذه العقوبات، إذا كان الثمن تعريض صورته أمام جمهوره بالطريقة التي تابعناها عبر تقديم الفاخوري كهدية إلى الإدارة الأميركية.
ما الذي تغيّر إذا فغيّر أجندة “حزب الله”؟ لعل الجواب المفيد على هذا السؤال هو: إذا أردت أن تعرف من يقرر في حارة حريك وعلى أي قاعدة فابحث عن إيران ومصالحها. وطهران التي كانت استجدت قبل حوالى الأسبوع مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي لمواجهة فيروس”كورونا”، كانت تعلم علم اليقين أن ثمة أثماناً مطلوبة قبل الحصول على الأموال المطلوبة. في هذا الإطار اتُخذ قرار الإفراج عن الفاخوري من لبنان بما يُشبه عمليات الإفراج عن الرهائن الغربيين في الثمانينات التي عرفها لبنان ضمن إطار المفاوضات الإيرانية – الأميركية يومذاك، على قاعدة الإفراج يتم من بيروت والثمن يُقبض في طهران!
هكذا يتضح أن اعتقال الفاخوري بالطريقة التي تمت، وخلافاً للقوانين التي فرضت الإفراج عنه، إنما جاء أشبه بعمليات خطف الرهائن الأميركية في الثمانينات من القرن الماضي، إنما بلباس قانوني ركيك تحت شعارات العمالة والممانعة التي يتم تسخيرها في سوق الشعبوية اللبنانية لخدمة المصالح الإيرانية ليس أكثر!
وفي هذا السياق يمكن فهم لماذا فشلت كل المساعي الداخلية السابقة للإفراج عن الفاخوري رغم كل الضغوط الأميركية، فإيران المأزومة والمحاصرة ليست في وارد تقديم خدمات وأوراق مجانية لأي طرف لبناني، في ظل إحكام حزبها في لبنان سيطرته على كل مفاصل القرارات في بيروت، وإن كانت لا تمانع أحياناً ببعض التمويه الإعلامي كما حصل عند الإفراج عن نزار زكا.
من سيقبض ثمن عودة عامر الفاخوري إلى الحرية؟ دونالد ترامب في انتخاباته الرئاسية وطهران من بوابة مليارات صندوق النقد… على أمل أن يلقى لبنان صدقة ما ثمناً لاستعماله كساحة ليس أكثر!