كتبت رنى سعرتي في صحيفة “الجمهورية”:
تزداد أزمة شح الدولار ضراوة، خصوصاً في أعقاب تعميم مصرف لبنان بتحديد سعر شراء الدولار من قِبل الصيارفة، الأمر الذي تحوّل الى أزمة فقدان للدولار من السوق الموازي، بعدما كان شبه محجوب في السوق الرسمي (المصارف).
مع تفاقُم أزمة شح الدولار قبل انتشار «كورونا»، أدّى تعميم مصرف لبنان الاخير حول تحديد سعر الصرف في السوق الموازية، الى شبه انقطاع للعملة الخضراء من السوق الرديفة، حيث يمتنع الصيارفة عن بيع الدولار بالسعر المحدّد بالتعميم أي عند حوالى 2025 ليرة بذريعة انّهم لا يملكونه، ويعمدون في المقابل الى شرائه بسعر صرف يبلغ 2000 ليرة. علماً انّهم يضعون عند مدخل محال الصيارفة اعلاناً يفيد أنّهم ملتزمون بتعميم مصرف لبنان، وبأنّ سعر الصرف شراء – بيع يبلغ 2000 -2025 ليرة مقابل الدولار.
ADVERTISING
Ads by Teads
في الموازاة، يعمد بعض الصرافين الى تلبية حاجات زبائنهم الكبار من تجار وغيرهم، حيث يتمّ تأمين الدولارات لهم بسعر السوق البالغ 2550 ليرة (امس). كما انّهم يعمدون حتى الى شراء الدولارات من زبائنهم بسعر صرف يبلغ 2450 ليرة.
اليوم، ومع إقفال المصارف أبواب فروعها جزئياً امام المودعين وحصر عمليات السحب النقدي عبر الصرّافات الآلية بالعملة المحلية فقط، فإنّ المراقبين يتخوفون من ان تؤدي ندرة الدولار الى ارتفاع سعر الصرف الى رقم قياسي جديد قد يتخطّى الـ2700 ليرة الذي بلغه في وقت سابق من الشهر الحالي.
الصيارفة
في هذا السياق، أشار نقيب الصيارفة محمود مراد لـ«الجمهورية»، انّ وفداً من النقابة اجتمع أمس الاول مع النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، الذي سأل الصيارفة عن حقيقة عدم بيعهم للدولار بالسعر المحدّد في تعميم مصرف لبنان، وكان جواب النقابة، انّ الصيارفة ملتزمون بالتعميم بنسبة 70 الى 80 في المئة منهم «لكن لا مفرّ من الخروقات التي يمكن ان تحصل».
وأوضح، انّ مديرية المخابرات أوقفت 9 أشخاص في عدد من المناطق اللبنانية لقيام بعضهم بمزاولة مهنة الصيرفة دون ترخيص، أو لعدم التزام المرخصين منهم السقف المحدّد لسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية. ولفت مراد، الى انّ الصيارفة المرخّصين الذين تمّ توقيفهم ستتمّ ملاحقتهم من قِبل مصرف لبنان وقد يتمّ بعد التحقيق معهم شطب رخصهم لمزاولة العمل بالإضافة الى تطبيق الإجراءات القانونية الاخرى، في حين انّ الصيارفة غير المرخّصين الذين تمّ توقيفهم فستتمّ ملاحقتهم قضائياً.
وحول عدم توافر الدولارات لدى الصيارفة، قال مراد، انّ الزبائن يحجمون عن بيع الدولار بسعر الصرف المحدّد عند 2000 ليرة ولا يريدون تقبّل هذا السعر مقارنة بسعر الصرف البالغ 2500 ليرة الذي اعتادوا الحصول عليه، «كما انّ الحجر المنزلي بسبب «الكورونا» أدّى الى تراجع نسبة بيع الدولارات لدى الصيارفة، وبالتالي تراجع حجم أعمالنا بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المئة في الفترة الاخيرة».
في المقابل، أكّد نقيب الصيارفة انّ نسبة الطلب على الدولار من قِبل التجار والشركات كبيرة، بسبب الأزمة التي تسبّب بها الحديث عن إقفال او عدم إقفال المصارف، مما أربك السوق ورفع الطلب على الدولار وأدّى في النتيجة الى تزايد النقص الحاصل.
وفي ما يتعلّق بما يُشاع عن انّ المصارف قد تسمح للمودعين بسحب مدخراتهم بالدولار بالليرة اللبنانية بسعر صرف يبلغ 2000 ليرة، اعتبر مراد انّ هذا الامر، في حال حصوله، سيخفّف الضغط على الصيارفة بشكل كبير، وقد يؤدّي الى تراجع سعر الصرف في السوق السوداء.
في الختام، اشار مراد، انّ 90 في المئة من محال الصيارفة أقفلت ابوابها، خصوصاً في صيدا والحمرا وبيروت، بسبب حالة التعبئة العامة، رغم انّ الصيارفة مستثنون من قرار مجلس الوزراء، إلّا انّ البلديات والأجهزة الأمنية تُجبر البعض على الإقفال منعاً لتواجد عدد كبير من الاشخاص في مكان واحد.
مخاوف التجار
من جهتهم، يتخوّف التجار والموردون من عدم قدرتهم على تأمين الدولارات المطلوبة من أجل الاستمرار في الاستيراد وضمان عدم توقف سلسلة التموين. وقد أبدى نقيب اصحاب السوبرماركت نبيل فهد قلقاً بالنسبة لإقفال المصارف وتعطّل عمليات تحويل الاموال من اجل الاستيراد.
وقال لـ«الجمهورية»، انّ التجار يعانون من فقدان الدولار من السوق، والذي تفاقم بعد تعميم مصرف لبنان تحديد سعر الصرف في السوق الموازية، ما أدّى الى عدم توفر الدولارات لدى الصيارفة، وبالتالي مع استمرار هذه الأزمة، لن يتمكّن التجار من تحويل الاموال الى الخارج من اجل الاستيراد. وأوضح فهد، انّ اي تأخير في عملية التوريد من ناحية تحويل الاموال او التأخّر في الطلبيات، سيؤثر في المستقبل على مخزون السلع.
وأشار، انّ الاسبوع الماضي شهد تهافتاً هستيرياً من قِبل المواطنين على السوبرماركت، حيث زادت نسبة الاستهلاك حوالى 3 أضعاف. مطمئناً الى انّ مخزون السوبرماركت ومستوردي المواد الغذائية يكفي حاجة السوق لمدة 3 اشهر، وبالتالي لا داعي للهلع والتموين بنسبة غير اعتيادية، لأنّ «المواد الغذائية الاساسية مؤمّنة ولن تنقطع من الاسواق».
وحول الإجراءات الوقائية التي تتخذها السوبرماركت، قال فهد، انّ هناك اجراءات صحية تتعلق بنظافة المؤسسات والعمال بالإضافة الى تنظيم اوقات العمل، بحيث يمكن تمديدها عندما تقتضي الضرورة ووفقاً لحاجة كل مؤسسة. كما سيتمّ الحدّ من أعداد الزبائن داخل كل مؤسسة لضمان عدم الاكتظاظ والاحتكاك.