كتب جوزف الهاشم في صحيفة “الجمهورية”:
مِنْ هالِك إلى مالِك إلى الكورونا، محاولاتُ اغتيالٍ تتوالى مِـنْ داخلٍ ومن خارج… وتتسرَّب إلينا الكورونا ليقتل بها بعضُنا بعضَنا الآخر، وتأبى هي إلاّ أنْ تحـدِّد لنا أفضليةَ الموت.
في حياتنا المأتمية لم نكنْ في حاجةٍ إلى هذا الشبح الأسود ، لقد سبَـق الفضل، وإنَّ ما نعانيه على تراكُمهِ وفواجعه ومآسيه، لو سقط على الجبل انْشطر، ولو أصاب الشامخَ من الممالك تدمَّـر.
عندنا، تتساقط المصائب فتتشامخ العروش…
وتتـفشَّى الأوبئة فنتـقاتل على انتقال العدوى…
الكورونا عند غيرنا تحمل هويّـة وبائيـة…
والكورونا عندنا تحمل هويّـاتٍ إقليمية ودولية ومذهبية وتفرض علينا التجنُّس…
الكورونا عند غيرنا تخضع للمعالجات الطبيّـة والوقائية والتجارب السريرية وتحاليل المختبرات…
والكورونا عندنا تخضع للمختبرات السياسية والحزبية والدينية ، فتصادرها القيادات وتتبارى حول إعلان العقاقيـر.
بعضُ القياديّـين عندنا متخصّصون في الشؤون الجراحية، يمارسون الإختبارات على حياتنا… يمـوت على أيديهم المريض ويتقاضون بدلَ الأتعاب.
دول العالم، اعتبرت الوباء شبيهاً بحربٍ عالمية رهيبـة، وفي الحروب يلجأ الناس إلى الملاجيء…
والدولة عندنا احتقرت الهلَع، ولم تستـفِقْ من الدلَع حتّـى: عـرفَ الوباءُ مكانَهُ فتدلّـعَ..
والمثل الصيني هو الذي يقول: «إنّ للدلال ضحايا أكثر من ضحايا السيوف.»
عندنا، تبدأ الحرب وتستمرّ الحرب، والسلم في لبنان حرب، والمسؤولون حربيّون ـ ونحن في الحرب نموت، وفي السلم نموت، ومن لم يـمت بالكورونا مات بغيرها، ومن لم يـمُتْ بالسيف مات بغيره.
الكورونات التي سبَّبـتها أوبئـةُ السلطة لا تنـفع معها العقاقير واللقاحات، لقد هـزّتْ كيان الوطن وزعزعت أركان الدولة وحطّمت آمال الشعب.
ولكن ، هذا اللبنان الذي أفلسوه من المال، لم يُعلن إفلاسه من الرجال، ولَـنْ يفشل في إعلان الحرب على الحرب وإعلان الموت على الموت.
في الإنتظار، ونحن نترقّـب ما اتخذتـه هذه الحكومة أخيراً في مجال التعبئة العامة، وما قد تـتخذه في مجال تعبئة الجيوب بالأموال العامة، لا بـدّ من أن نقدر الحرارة الناشطة التي تبذلها الحكومة في مواجهة هذا الـداء، ونرصُد ما تجتهد فيه من تحرّكٍ وحركة، فإنْ لم يكن في الحركة بركة، فإنّ الحراك لن يبقى في البيت.