IMLebanon

وزير الاقتصاد السابق: لا خيار للبنان سوى «النقد الدولي»

يرى وزير الاقتصاد السابق والنائب الحالي في كتلة «الوسط المستقل» نقولا نحاس أن جهود الحكومة اللبنانية لمواجهة وباء «كورونا» غير كافية ولا تزال تتطلب خطة واضحة لكيفية التعامل معه في المرحلة المقبلة في حال تزايد عدد المصابين.

ويلفت نحاس إلى أن الجميع اليوم بانتظار خطة الحكومة الإصلاحية التي وعدت بها، ويؤكد أن العبرة تبقى بالتنفيذ وأن تكون هناك نية وتصميم للسير بها لأن المشكلة الدائمة في لبنان ليست في البرامج والخطط إنما بالواقع السياسي الذي لطالما كان يتحكّم بها، مشددا أنه في الوضع الحالي ليس أمام لبنان إلا الاستعانة بصندوق النقد الدولي للخروج من أزمته.

وفي تقييمه لأداء الحكومة حيال أزمة «كورونا» يقول نحاس في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: هناك جهود تبذل في هذا الإطار، تأتي أحيانا متأخرة، وأحيانا أخرى تكون ناقصة، وهو ما جعل الشعب يسبق الدولة في الإجراءات بحيث لجأ اللبنانيون إلى «الحجر المنزلي» قبل حتى إعلان الحكومة حالة التعبئة العامة.

وفيما يعتبر أن قرار «التعبئة العامة» كان جيدا ولو متأخرا، إضافة إلى بعض الإجراءات المتخذة، يرى أنه ليس هناك من خطة واضحة لدى الحكومة في مواجهة هذا الوباء وتوقعات انتشاره في المرحلة المقبلة، ويقول: «نرى توصيات من دون خطة. يهمّنا أن نعرف كيف سيتم التعامل مع الوباء في حال تطوره، ما هي إمكانات لبنان ومستشفياته؟ كذلك، لا بد من العمل على مشروع دعم للبنانيين، وخصوصا العائلات الفقيرة والموظفين الذين اضطروا إلى ترك أعمالهم في هذه الفترة وطرق مساعدة القطاعات المتعثرة». ويشدد «كل ذلك يحتاج إلى إنشاء خلية طوارئ اقتصادية مؤلفة من خبراء لوضع هذه الخطة وطريقة تعامل الحكومة مع الانعكاسات الاقتصادية السلبية المتوقعة في هذه المرحلة وبعدها».

وعن موقفه وموقف «التكتل المستقل» من الحكومة وتقييمه لأدائها الاقتصادي والسياسي، يقول نحاس: «لا نزال ننتظر الخطة الإصلاحية التي تحدثوا عنها وهم طلبوا أن ننتظر مائة يوم. سننتظر ونرى». ويضيف «للأسف منذ تأليف الحكومة التي وعدونا بأنها ستكون مستقلة كانت تبعية الوزراء السياسية واضحة، لذا تبقى هناك خشية من أن تتكشف وتلعب هذه التبعية دورها في أي قرار جدي وحاسم على مجلس الوزراء أن يتخذه، خاصة أن المؤشرات لا توحي أننا تعلمنا من دروس الماضي». ورغم ذلك، يقول نحاس: «ننتظر الخطة الإصلاحية مع تأكيدنا أن لبنان لا تنقصه الخطط والبرامج إنما المشكلة الدائمة كانت تكمن في عدم التنفيذ، وبالتالي على الحكومة الحالية أن تثبت أنها قادرة على الانتقال إلى المراحل العملية لإعادة الثقة الداخلية والخارجية بلبنان وليس فقط التوقف عند الوعود والتوصيات».

وعن الأزمة النقدية التي أفقدت الثقة بالقطاع المصرفي وباتت تهدد مصير أموال المودعين، يقول نحاس: «الكل مسؤول عن الأخطاء التي ارتكبت خلال عشرات السنوات الماضية وأوصلت لبنان إلى هذه المرحلة، لكن لا بد من التأكيد أن القطاع المصرفي أساسي في أي عملية نهوض ولا يمكن أن يدخل في تصفية الحسابات، وعند حدوث أي خطأ عندها لا بد أن تتدخل الحكومة». ويضيف «القطاع المصرفي اليوم يعاني من تعثّر لأن الزبون الأساسي، أي الدولة، يعاني من التعثر، وهو ما انعكس بدوره على أموال المودعين. الدولة تفتقد اليوم إلى السيولة وهو ما ينعكس سلبا على المصارف والاقتصاد. الخسارات واقعة على الجميع وهي نتيجة السياسات الخاطئة من قبل كل الأطراف فيما المصرف المركزي لم يقم بدوره كما يجب»، من هنا يشدد «يبقى المهم تأمين النهوض الاقتصادي وهو ما لا يمكن أن يتحقق في غياب القطاع المصرفي الذي لا يجب أن يتحمل وحده الخسائر والأمر نفسه بالنسبة إلى المودعين وخاصة الصغار، بل المطلوب توزيعها كي لا يدفع طرف بعينه الثمن».

ومع تأكيده على أنه في ظل الواقع المالي والنقدي الحالي، لا يمكن للدولة أن تقدم على تثبيت سعر صرف الدولار، يرى نحاس أن كل ذلك لا بد أن يأتي ضمن خطة نهوض واضحة بعيدا عن النهج الذي كان متبعا منذ سنوات والسياسة التي لطالما كانت تتحكم بلبنان بحيث باتت الدولة تابعة وليست فاعلة وهو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن، ويضيف «مع تأكيدنا على أن الوقت الآن ليس لتصفية الحسابات لكن للأسف لا نرى في أداء الحكومة الحالية مؤشرات تدل على تبدل في هذا النهج».

ورغم اعتراض بعض الأطراف على لجوء لبنان إلى الاستعانة بصندوق النقد الدولي للخروج من أزمته الاقتصادية، لا يرى نحاس أن هناك خلافا أو انقساما بهذا الشأن، بحيث لا يوجد أي خيار آخر. ويقول: «عبّر (حزب الله) عن تحفظّه أو تمنّعه لكن أعتقد أن الجميع يدرك جيدا أنه لا خيار متاح أمامنا إلا صندوق النقد، ومن لديه أي خيار آخر فليقدمه». وينتقد نحاس القائلين بأن صندوق النقد سيفرض على لبنان خيارات موجعة قد لا يكون قادرا على تحملها، قائلا: «لا يمكن لأي جهة أن تفرض علينا أي أمر إذا أثبتنا أننا على قدر المسؤولية، ولا شيء اسمه وصفات جاهزة لدى صندوق النقد، هناك فقط مبادئ عامة ينطلقون منها». ويضيف «إذا قدّمنا برنامجا متكاملا للإصلاح والنهوض يتضمن خطة علمية وجدية وأثبتنا القدرة على التنفيذ، فعندها لا أحد يفرض علينا أي شيء. عندما نملك الخطة الصلبة والواضحة نعيد الثقة بلبنان وننطلق نحو إعادة بناء الدولة».