تحولت قضية إطلاق سراح اللبناني الأميركي عامر الفاخوري المتهم بالعمالة لإسرائيل إلى فضيحة أطاحت برئيس المحكمة العسكرية الدائمة حسين عبدالله عندما تنحّى عن منصبه، بعد ساعات قليلة على وصول الفاخوري إلى الولايات المتحدة.
وتردّدت أصداء فضيحة الفاخوري خصوصا لأن مدعي عام التمييز كان طلب الطعن في قرار المحكمة، ليتبين لاحقا أن العميل نقل إلى السفارة الأميركية ومنها إلى الخارج الخميس.
ورجحت أوساط مطّلعة في بيروت أن يكون إطلاق الفاخوري والتعاون مع صندوق النقد الدولي في الإصلاحات الشاملة، شرطين لتخفيف الضغوط الأميركية التي بلغت حدّ التلويح بعقوبات وشيكة على مسؤولين لبنانيين.
وأشارت إلى تبديل في لهجة حزب الله إزاء التعامل مع الصندوق، واحتمالات أزمة كبيرة بين حكومة العهد وحزب الله، لو لم يكن الحزب وافق ضمنا على خروج الفاخوري.
وما أثار مزيدا من اللغط هو موقف رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب الذي التزم الصمت ليومين ثم اختار أن يعلن عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن “حقوق الشهداء والأسرى المحرّرين من سجن الخيّام لا تسقط في عدالة السماء بمرور الزمن”، في إشارة إلى أن ملف العميل يعود إلى أكثر من عشر سنين.
وسارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الخميس إلى الإعراب عن ارتياحه لعودة الفاخوري إلى الولايات المتحدة، منوّها بتعاون الحكومة اللبنانية في هذا الملف.
ووجّهت أصابع الاتهام إلى حزب الله بموافقته ضمنا بعد موافقة الرئيس اللبناني ميشال عون على الاستجابة لضغوط أميركية لإطلاق عامر الفاخوري.
ونقل عن رئيس المحكمة العسكرية في بيان الجمعة تأكيده تنحّيه عن “رئاسة محكمة يساوي فيها تطبيق القانون إفلات عميل وألم أسير وتخوين قاض”.
وأسقطت المحكمة الاتهامات عن الفاخوري بعد قبول دفوع شكلية قدمها وكلاؤه بذريعة مرور الزمن (التقادم) على ما اتهم به. لكن المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات طلب من مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي غسان الخوري تمييز قرار وقف تعقب الفاخوري، أي الطعن بقرار المحكمة العسكرية الدائمة.
ناصيف حتّي يستدعي السفيرة الأميركية للاستماع إلى تفسيرها إخراج عامر الفاخوري
وتضمّن طلب نقض الحكم إصدار مذكرة لتوقيف العميل مجددا وإعادة محاكمته بالجرائم المتهم بها، والتي تشمل التعاون مع إسرائيل خلال حقبة احتلالها لجنوب لبنان، وتعذيب معتقلين في سجن الخيّام وخطف مواطنين وقتل آخرين.
واستدعى وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتّي الجمعة السفيرة الأميركية دوروثي شيا للاستماع إلى تفسيرها ظروف إخراج الفاخوري من لبنان بعدما نقل إلى سفارة الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأميركي شكر الحكومة اللبنانية لتعاونها في القضية، معلنا مساء الخميس أن العميل في طريقه إلى الولايات المتحدة. كما أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن “المواطن الأميركي المحتجز في لبنان منذ سبتمبر يعود وسيتم لمّ شمله مع عائلته ويتلقّى العلاج”.
وأقام الفاخوري المصاب بالسرطان في الولايات المتحدة لسنوات طويلة، وأبلغت مصادر موثوق بها “العرب” أن ضابطا برتبة عميد رافقه من مطار بيروت الذي وصل إليه في سبتمبر الماضي .
وجاءت عملية إطلاق الفاخوري في ما تشبّهه مصادر مطلعة بعملية تهريب التفَّتْ على الطعن القضائي بقرار المحكمة العسكرية، في حين تحدثت أوساط عن مؤشرات ضغوط على القاضي حسين عبدالله واضحة في بيان استقالته.
وشنّت أوساط حزب الله وبعض نوابه في البرلمان حملة على إطلاق العميل المعروف سابقا بـ”جزار معتقل الخيام”، حين كانت المنطقة تحت سيطرة ميليشيا “جيش لحد” المتعاون مع إسرائيل.
ورأى عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب إيهاب حمادة أن استقالة القاضي عبدالله “لا تغفر ذنبا فهو وضع نفسه والبلد في أزمة”.
واشنطن تشكر تعاون الحكومة اللبنانية في قضية الفاخوري
وقدم أسيران محرّران شكوى أمام النيابة العامة التمييزية ضد “المس بهيبة الدولة.. والتآمر مع دولة أجنبية” لإطلاق عامر الفاخوري.
إلى ذلك، جدد التيار الوطني الحر الذي يتزعمه وزير الخارجية السابق جبران باسيل محاولاته النأي بنفسه عن الفضيحة، ونفي أيّ علاقة لباسيل بالفاخوري.
وأعلن التيار في بيان أنه وباسيل “يتعرّضان لحملة افتراءات” من يقف وراءها “اتهموا باسيل سابقا بتسهيل دخول عامر الفاخوري إلى لبنان تجاوبا مع طلب إيراني ويتهمونه اليوم بتسهيل خروجه تجاوبا مع طلب أميركي”.