IMLebanon

“التيار” – “الحزب”: التكتيك لا يفسد في الاستراتيجية قضية

لم يخرج الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في خطابه مساء أمس عن دائرة التوقعات التي رسمها المراقبون لاطلالته. ذلك أنها، في الشكل، هدفت أولا إلى نفي الاشاعات التي طالت صحة السيد، على وقع الكلام عن انتشار فيروس كورونا في الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله الأول بلا منازع.

إلا أن أحدا لا يشك في أن أهم ما في كل خطابات السيد نصرالله يكمن في مضامينها. وهي القاعدة التي لم يشذ عنها السيد أمس، حيث تناول قضية العميل عامر الفاخوري التي انتهت إلى إخراجه المريب من لبنان على متن مروحية أميركية أعادته إلى الولايات المتحدة.

وبطبيعة الحال، لم يوفر نصرالله بسهامه من سماهم “الأصدقاء”، في إشارة واضحة إلى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وإن من دون تسميته. لكنه هذه المرة، رفع السقف إلى حد القول حرفيا “إننا لا نقبل من حليف أو صديق أن يتهم أو يخوّن أو يهين أو يشتم، ومن لا يحترم هذا الأمر فليخرج من تحالفنا”. كلام عالي النبرة أتى بعد ساعات على بيان أصدرته اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر، اعتبرت فيه أن “بعض المدافعين عن المقاومة يسيؤون إليها أكثر من أخصامها”، وذلك في إطار الرد على الكلام عن أن لباسيل، بصفته وزيرا سابقا للخارجية، دورا في إطلاق سراح الفاخوري.

وفي محاولة لتفسير ما بين سطور هذا القنص من الضاحية في اتجاه حليفتها التقليدية ميرنا الشالوحي، تشير أوساط سياسية معارضة عبر “المركزية” إلى أن قضية بحجم ملف الفاخوري وما انتهى إليه لا يمكن أن تمر مرور الكرام على حزب الله، الذي يضع نصب عينيه مقاومة اسرائيل وحلفائها وعملائها، ويرى في ذلك سببا كافيا للإبقاء على سلاحه خارج سيطرة الدولة اللبنانية، وهو في ذلك يحاول مجددا “شد عصب” بعض من جمهوره الذي لم يخف غضبه إزاء عودة الفاخوري إلى الحرية بذريعة مرور الزمن ولمجرد كونه مواطنا أميركيا، ومن دون رد فعل من الحزب.

غير أن مصادر معارضة تلفت في المقابل عبر “المركزية” أيضا إلى أن  هذا كله لا ينفي أن حزب الله  يتقن فن القراءة بين سطور أحداث المنطقة، التي لا يصب بعضها في مصلحة محور الممانعة والمقاومة. بدليل الخسائر التي مني بها الحزب، ومن خلفه ايران وحلفاؤها، في معارك إدلب في الشمال السوري.

من هذا المنطلق، تؤكد الأوساط أن حزب الله لن يهز في هذا التوقيت السياسي الحساس علاقته بالتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون، لا لشيء إلا لأنه على يقين بالأهمية الاستراتيجية لتحالفه مع عون والتيار، على اعتبار أنه في حاجة ماسة إلى الغطاء السياسي والشعبي الذي يؤمنه له اتفاق مار مخايل.

وتذكر الأوساط عينها بأن حزب الله الذي لم يجد ضيرا في خرق سياسة النأي بالنفس للقتال إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد، يبدو اليوم على طريق العودة خائبا من الميدان السوري، ما يعني أنه يحتاج إلى أفرقاء محليين ليؤكد أن أولوياته في المرحلة المقبلة لبنانية صرفة. لذلك، تتوقع المصادر أن يسارع إلى رأب أي صدع قد يشوب علاقاته مع الثنائي بعبدا- ميرنا الشالوحي، على الأقل في المرحلة الراهنة، وعلى المدى القريب.