من المفترض أن يبدأ النقاش في ملف عامر الفاخوري بالانحسار في اعقاب الخطاب الذي وجهه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله امس الى اللبنانيين وجمهوره بشكل خاص، بعدما وضع القضية في إطارها الضيق، فهي لا تستأهل عملية بحجم “7 ايار” او اسقاط المروحية التي اقلته، نافيا علمه ومعه الرئيس نبيه بري بصفته رئيسا لحركة امل بمشاركتهما في اي صفقة من اجل وقف العقوبات بحقه والإفراج عنه، من دون ان ينفي ان تكون العملية ثمرة تفاهمات خارجية انتهت بترجمتها على الساحة اللبنانية. وبناء على ما تقدم فقد وجه نصرالله رسائله في اكثر من اتجاه وبعد ان رسم حدودا للمناصرين والمنظرين من بيئته رافضا اقتراحاتهم، وجه تنبيها الى المتحدثين عن المعابر غير الشرعية على وقع “الإنذار الأخير” الى حلفائه لحصر ملاحظاتهم بالغرف المغلقة ليتقبلها قبل ان يبدأ عملية الفرز والتصنيف التي وعد بها من اليوم وصاعدا.
بهذه الخلاصة المختصرة انتهت قراءة سياسية ودبلوماسية اجراها لـ”المركزية” دبلوماسي من لائحة الخبراء في شؤون الحزب والوضع في ايران، لافتا الى سلسلة الرسائل التي وجهها دفعة واحد وبالتسلسل ابتداء من الداخل اللبناني الى الخارج باتجاه جمهوره وبيئته الخاصة والمحيطة والحكومة اللبنانية والقيادات العسكرية بنوع خاص قبل حلفائه.
في الرسائل الى المحيطين به، رسم خطا احمر لما يمكن القيام به على خلفية “تصغيره” حجم الفاخوري كشخص وملف. فاعتبر انه لا يستأهل عملية شبيهة بالسابع من ايار ولا الذهاب الى جبيل لمنع نقله من المستشفى الى السفارة الأميركية ولا الى اسقاط المروحية الأميركية التي نقلته الى احدى البوارج الأميركية في البحر قبل نقله الى احدى مستشفيات الولايات المتحدة الأميركية معتبرا انها عمليات تسيء الى الوضع الداخلي في لبنان وليست من مصلحة البلد والمقاومة، محذرا من اي مشروع يمكن ان يضعه في مواجهة الجيش اللبناني والقوى الأمنية المكلفة بحمايته وتأمين تحركاته متسائلا عن اهمية مثل هذه السيناريوهات “الهمايونية” المرفوضة.
وتوجه الى المغالين المستفيدين من قربهم من اجواء المقاومة، فدعاهم مواربة الى وقف التداول بالسيناريوهات الهمايونية والتخفيف من اندفاعهم. وذلك من اجل وقف محاولات التقدم على مواقفه ومواقف القيادة الحزبية باعتباره واياهم من “اولياء الدم” قبل غيرهم ولا يتقدم عليهم احد وخصوصا اولئك الذين يستغلون المناسبات والاحداث لابراز مواهبهم التي لا يمكن الركون اليها ولا الذهاب في اتجاهها.
ابعد من ذلك، سأل نصرالله ان كان ملف الفاخوري يمكن ان يقودنا الى “حرب كونية” بدون ان يعبر عن جرح عميق أصابه نتيجة الحكم الذي صدر عن المحكمة العسكرية محملا المسؤولية لرئيس المحكمة وأعضائها بالكامل وبعض الذين سقطوا “امام تجربة التهديدات الأميركية” ومنوها بـ “المقاومين” لها قبل ان ينتهي من القراءة للوقائع التي عبر من خلالها عن التفاهم العميق الذي يميز العلاقة بين طرفي “الثنائية الشيعية” رافعا التهمة عن اي احتمال بتورطهما في اي صفقة او تفاهم، مؤكدا انه سمع بالقرار الصادر عن المحكمة العسكرية عبر وسائل الإعلام، على رغم اعترافه بمجموعة الاتصالات التي سبقته ومراحلها المختلفة وما طرح عليه من مخارج رفضها جملة وتفصيلا. كما تجاهل بشكل مطلق ما تقول به القوانين الخاصة بالمحكمة العسكرية وتلك التي يتضمنها قانون العقوبات العادي والعسكري ومصير المحكمة العسكرية التي يطالب كثر بوقف العمل بها وحلها في وقت كان يصر الثنائي على الاحتفاظ بها حصنا آمنا وأمينا. فهي التي افرجت عن قاتل الطيار سامر حنا مبررة فعلته “الشنيعة” وكأنها بالصدفة او انه كان يواجه “مروحية عدوة” بعد ايام على توقيفه وغيره من المتهمين بسلسلة الجرائم التي طالتها القوانين العسكرية وحضرت امام المحكمة بفعل اختصاصها.
ولم يوفر السيد نصرالله، بحسب الدبلوماسي الخبير، توجيه ملاحظات قاسية الى كل من يتحدث عن المعابر غير الشرعية بعد اعتباره معبر “عوكر – البحر” معبرا غير شرعي متجاهلا سلسلة التفاهمات التي تتحكم بالخط الجوي المفتوح امام المروحيات الأميركية وطائراتها العسكرية بين مقر السفارة في عوكر ومطار بيروت من جهة وما بين عوكر وقاعدة حامات الجوية ومطار رياق العسكري، حيث تتمركز فرق المدربين الأميركيين الذين اشرفوا على تدريب العسكريين اللبنانيين لاستخدام الهبات الأميركية المتصلة بالقوات الجوية وبالتنسيق في ما بينها والقوات البرية والتي اثبتت فاعليتها في حرب “فجر الجرود” وفرق مراقبة الحدود البرية عدا عن الخط المفتوح لتزويد الجيش بالأعتدة الأميركية جوا وبحرا. وفي هذا الإطار، لفت التحذير الذي وجهه الى كل من يتحدث عن المعابر غير الشرعية لتبرير ابقاء كل المعابر التي يديرها برا ويشرف عليها عبر الحدود اللبنانية – السورية المترامية الأطراف ومرفأ بيروت ومطارها الدولي محذرا من اي عائق يمكن ان يحول دون استعمالها من اليوم وصاعدا.
ومن اهم الرسائل ، كما يضيف، تلك التي خص بها حلفاءه على الساحة اللبنانية عندما انتقدوا بشدة لتورطه غير الملعن في عملية اطلاق الفاخوري مجددا التأكيد على نظرية سابقة يقول بموجبها انه لم يوجه يوما انتقادا علنيا الى اي حليف.
وبلغ السيد في تعبيره عن الغضب حد القول انه سيبدأ بعملية فرز هادئة للحلفاء بدون ان يسمي احدا منهم وترك للجميع ان يستنتج من يقصد بكلامه التيار الوطني الحر ام الشيخ ماهر حمود او حلفاء سوريا؟
وإذ اعتبر الهجوم الشخصي على الرئيس الأميركي والعقوبات المفروضة على ايران شأنا روتينيا وعاديا لا يحمل اي جديد، طرح الدبلوماسي سلسلة من الملاحظات ابرزها يبدأ باعترافه بشكل من الأشكال بخطأ “السابع من ايار” وهل انتهى اعتباره “يوما مجيدا”، كما انه ليس سهلا الا يتناول الشق القانوني في قرار المحكمة. فاكتفى بالملاحقة القانونية ضد “غائب” هو عامر الفاخوري الموجود بين افراد عائلته في الولايات المتحدة الأميركية ناصحا بالملاحقة امام المحاكم الدولية رغم اتهامه بعمالتهم جميعا للامبريالية الأميركية والصهيونية. ولاحظ الدبلوماسي المشار اليه ختاما ان نصرالله برأ الحكومة من اي تهمة، حاصرا مطالبه بلجنة تحقيق قضائية بعد تحميله بعض القضاة مسؤولية التراجع امام الضغوط الأميركية.