يتعرض المصابون بفيروس كورونا المنتشر عالميا لحملات تنمر مستمرة، فمنهم من يتعامل معهم كمجرمين ومنهم من يرمي عليهم التهم بنشر الوباء بين الأهل والأصدقاء، والبعض ينشر معلومات شخصية عن المصابين وعن عائلاتهم بما يشبه دعوة الرأي العام لرجم المريض وأهله، وكأنه لا يكفي مرضى كورونا وجعهم الجسدي ليتحملوا أيضا مرض الناس النفسي وجهلهم وتنمّرهم!
الياس عبيدي، شاب في قوى الامن الداخلي، من سكان برج حمود، أصيب بفيروس كورونا بعدما انتقلت اليه العدوى من شقيقته، وهي ممرضة في مستشفى المعونات في جبيل.
يتعرض الياس لحملات من التنمر والأخبار الكاذبة حول اصابته بكورونا حتى قبل صدور نتيجة الفحوصات الرسمية لكورونا والتي جاءت ايجابية، فانتشرت شائعات بين شبان برج حمود على أن الياس علم باصابته بكورونا والتزم الصمت بهدف نقل العدوى للآخرين.
لا عوارض واضحة على الياس فهو لم يشعر الا بألم بسيط في الحنجرة من دون ارتفاع بالحرارة، ولكن بعد صدور نتيجة شقيقته لفحص كورونا والتي أتت ايجابية، خضع للفحص في اليوم التالي ليتبين انه يحمل الفيروس أيضا، فانتقل على الفور الى مستشفى الحريري حيث يلزم الحجر هناك وهو بحال جيدة جدا ولا عوارض تذكر.
وتلتزم عائلة الياس الحجر المنزلي، علما الا عوارض على الوالدين، ما دفع المستشفى لعدم اخضاعهما لفحص كورونا والاكتفاء بالزامهما الحجر المنزلي.
وأوضحت المعالجة النفسية كريستينا الخولي في حديث لموقع IMLebanon إلى أن التنمر الممارس من بعض الأشخاص ناجم عن خوفهن وعدم معرفتهم بطبيعة مرض كورونا فيحمّلون هذا الخوف للمريض بتحميله المسؤولية.
وأشارت الخولي الى ان للتنمر أوجهاً عدة من خلال تكراره من قبل عدد من الاشخاص على المريض وبطرق مختلفة من خلال رسائل عبر مواقع التواصل وعبر هاتفه… ورأت أنه قد يكون هدف المتنمر ايذاء الشخص الآخر ولكن في غالبية الاوقات لا يعلم المتنمر انه يؤذي وتصرفه يكون ناجم عن خوفه وعدم ادراكه لنتائج ما يفعله . أما من يتعرض للتنمر فيصعب عليه التصدي لكل هذه الحملات، ورغم تبريره ونقل حقيقة ما جرى يصعب عليه وقف الاحاديث المؤذية التي تطاله.
ليس الحجر الصحي الذي سيؤثر على الحياة الاجتماعية لمرضى كورونا في ما بعد، بل رد فعل المجتمع تجاه مرضهم. المرض ليس عيبا ففيروس كورونا هو العدو الغدار الذي يصعب التصدي له الا من خلال الحجر الاحترازي.
مشاكل عدة قد تصيب مريض كورونا بعد حملات التنمر عليه، من عزلة اجتماعية والشعور بالذنب والخجل لخطئ لم يرتكبه، ما قد يؤثر سلبا ايضا على صحته الجسدية بالتغيير السلبي لنظامه الغذائي والتأثير على نومه ومشاكل صحية أخرى، انه ليس الوقت المناسب لرمي مشاكلنا النفسية وخوفنا على الآخرين.
حملات توعية عدة تقوم بها وسائل الاعلام لنشر المعرفة حول فيروس كورونا، وأهمية التضامن الاجتماعي للخروج من هذه الأزمة الصحية والتي لا يمكن الحد من انتشارها سوى بتحمل كل مواطن مسؤوليته ومسؤولية عائلته بالالتزام بالحجر المنزلي. ويا ليت المتنمرين يحولون خوفهم وكلامهم المؤذي إلى نصائح توعوية فيفيدون أنفسهم ومجتمعهم. “كرمالكن وكرمال اللي تحبوهن، خليكن بالبيت”.