Site icon IMLebanon

لبنان على أعتاب انهيار اقتصادي شامل

أعلنت وزارة المالية اللبنانية، الاثنين، توقف لبنان عن تسديد كافة السندات الدولية المستحقة، لتدخل في متاهة مغلقة لا يلوح فيها أي ضوء، في ظل تضاؤل فرص الحصول على دعم بسبب انشغال جميع دول العالم بأزمة تفشي فايروس كورونا.

وتخلّف لبنان مطلع الشهر الحالي للمرة الأولى في تاريخه عن سداد سندات يوروبوند بقيمة 1.2 مليار دولار، مؤكدا سعيه للتفاوض مع الدائنين في الخارج حول إعادة هيكلة الدين العام في ظل تراجع الاحتياطات بالعملة الأجنبية.

ويرى محللون أن الحديث عن إيقاف تسديد السندات المستحقة لمدة 15 سنة يعني أن الدين اللبناني أصبح معدوما مثل ديون الحرب العالمية الثانية التي بيعت لاحقا بخمسة في المئة من قيمتها على أمل تحصيلها.

ورجحوا صعوبة التفاوض مع الدائنين، وأن يتسارع سقوط لبنان في انهيار اقتصادي شامل، لأن التخلف عن السداد يعني انعدام فرص الاقتراض، التي تحتاجها بيروت بشدة.

ومن المستبعد أن يحصل لبنان على دعم دولي أو برنامج إنقاذ من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، بسبب هيمنة حزب الله على قرارات الحكومة في ظل تصنيفه كمنظمة إرهابية، كما يعني أيضا استبعاد أي إعفاءات من الديون.

كما انغلقت بالتزامن مع ذلك ودائع المغتربين اللبنانيين، التي كانت مصدرا أساسيا لإدامة الاقتصاد، وذلك بسبب توقف المصارف اللبنانية عن السماح لهم بسحب أموالهم، بدعوى انعدام السيولة.

ويعني ذلك دخول البلاد في نفق بلا ضوء في نهاية النفق، إلا إذا حدثت تغييرات كبيرة في الخارطة السياسية لتقليص هيمنة حزب الله على الحكومة.

ويضاف إلى كل ذلك عامل هو انشغال جميع دول العالم بأزمة اقتصادية عالمية كبيرة نتيجة تداعيات تفشي فايروس كورونا المستجد على نطاق عالمي.

وقالت وزارة المالية في بيان “إنه بعد تعليق تسديد سندات اليوروبوند المستحقة في التاسع من مارس من أجل حماية الاحتياطي من العملات الأجنبية، وتعزيزا لهذا الهدف، ونظرا للضغوط المتزايدة على الولوج إلى العملات الأجنبية، قررت الحكومة التوقف عن دفع جميع سندات اليوروبوند المستحقة بالدولار” والتي من المفترض تسديدها على مراحل حتى عام 2035.

وأضاف البيان أن الحكومة ستتخذ “جميع الإجراءات التي تعتبرها ضرورية لإدارة احتياطي لبنان المحدود من العملات الأجنبية بحكمة وحذر”.

ويرزح لبنان تحت ديون تصل قيمتها إلى 92 مليار دولار، ما يعادل أكثر من 170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” وتعدّ هذه النسبة أحد أعلى معدلات الديون في العالم.

وفي السابع من الشهر الحالي، أعلن رئيس الحكومة حسان دياب أن الاحتياطات “بلغت مستوى حرجا وخطيرا”. وأكدت الحكومة أنها سوف تسعى إلى إعادة هيكلة ديونها عبر مفاوضات مع الدائنين كافة.

ويرى محللون أن فرص ذلك تكاد تكون معدومة في ظل عدم وجود دعم دولي للحكومة اللبنانية.

 

غازي وزني: احتياطي لبنان من العملات الأجنبية يبلغ 20 مليار دولار
وكانت دول الخليج على مدى عقود من أكبر داعمي لبنان في أزماته المالية، لكن لا تبدو اليوم مستعدة لدعم حكومة تخضع لنفوذ حزب الله الموالي لإيران.

وجددت وزارة المالية في بيانها القول إن الحكومة “تعتزم إجراء محادثات حسن نية مع دائنيها في أقرب وقت ممكن عمليا”، مشيرة إلى أنها تخطط لإجراء “تبيان” للمستثمرين في 27 من الشهر الحالي.

ويبدو المستثمرون الدوليون في السندات اللبنانية يائسين من أي إعادة جدولة للديون، في ظل انعدام فرص استعادة بيروت لثقة أسواق المال.

وإلى جانب المستثمرين الأجانب، يملك مصرف لبنان المركزي والمصارف المحلية جزءا كبيرا من سندات اليوروبوند المقدّرة بنحو 30 مليار دولار.

وكان وزير المالية اللبناني غازي وزني قد أكد، الشهر الحالي، أن احتياطي لبنان من العملات الأجنبية يبلغ أكثر من 20 مليار دولار.

وتواجه البلاد صعوبات اقتصادية خطيرة وأزمة سيولة حادة تفاقمت بعد بدء احتجاجات غير مسبوقة في أكتوبر، ضد الطبقة السياسية بأكملها المتهمة بالفساد وفشلها في إدارة الأزمات المتلاحقة.

وتفرض المصارف قيودا مشددة على العمليات النقدية وسحب الأموال، وخصوصا الدولار، لتصل في بعض الأحيان إلى فرض سقف سحب مئة دولار فقط أسبوعيا. كما منعت التحويلات المالية إلى الخارج.

وخسرت الليرة أكثر من 60 في المئة من قيمتها مقابل الدولار في السوق الموازية وتخطت عتبة 2600 ليرة للدولار.

وطلبت الحكومة التي تعكف على وضع خطة إنقاذية، مساعدة “تقنية” من صندوق النقد الدولي الذي أوفد الشهر الماضي ممثلين له إلى بيروت، إلا أنها لم تطلب منه حتى الآن مساعدة مالية. وأكد الصندوق أن عمله يقتصر على تقديم المشورة.