Site icon IMLebanon

قضية الفاخوري تهز تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر

ما تزال قضية إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري وتسليمه للولايات المتحدة تتفاعل على الساحة السياسية اللبنانية خاصة بعد اغتيال أحد مساعديه السابقين، وسط جدل حول مستقبل العلاقة بين الحليفين في الحكم حزب الله والتيار الوطني الحر.

وأثار إفراج المحكمة العسكرية الأسبوع الماضي عن الفاخوري وهو قيادي سابق ضمن ما يسمى “جيش لبنان الجنوبي”، الذي تأسس في سبعينات القرن الماضي في غمرة الحرب الأهلية اللبنانية ودعمته إسرائيل، صدمة في الشارع اللبناني وشكل إحراجا كبيرا لحزب الله خاصة بعد أن تم تسليمه للولايات المتحدة.

ويتهم الفاخوري بالوقوف خلف عمليات تعذيب لعناصر من حزب الله ومن الفصائل الفلسطينية في معتقل الخيام جنوب لبنان في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.

وواجه حزب الله سيلا من الاتهامات حتى من قبل “الأصدقاء والحلفاء” الذين غمزوا لتورط الحزب في صفقة إطلاق سراح الفاخوري وتسليمه لواشنطن، وهو ما دفع الأمين العام حسن نصرالله للخروج ومحاولة تبرئة ساحة حزبه مهاجما منتقديه من المقربين قائلا في هذا الصدد “لا نقبل من حليف أو صديق أن يتهم أو يخوّن أو يهين أو يشتم، ومن لا يحترم هذا الأمر فليخرج من تحالفنا”.

ولم تخل كلمة نصرالله من إيحاءات وتلميحات لتورط حليفه التيار الوطني الحر في قضية الإفراج عن الفاخوري وتسليمه لواشنطن حينما أشار إلى أن بعض الحلفاء السياسيين خضعوا للضغوط الأميركية. وحرص نصرالله في معرض تصريحاته على النأي بحليفته الشيعية حركة أمل في ما بدا رغبة منه في تركيز الشبهات على دور التيار الوطني الحر في صفقة الفاخوري، وإن تجنب تسمية التيار للحفاظ على خط الرجعة.

وتلت كلمة نصرالله بساعات قليلة عملية اغتيال أنطوان الحايك أحد مساعدي الفاخوري في منطقة المية ومية الذي سبق وأن أفرج عنه القضاء اللبناني، وسط تكهنات بأنها أتت كرد فعل من قبل الحزب على تسليم العميل للولايات المتحدة، وهو ما دفع التيار الوطني الحر الاثنين إلى المطالبة بمحاسبة الجناة على مقتل الحايك.

ودعا التيار الوطني الحر في بيان “إلى إجراء تحقيق لكشف ملابسات اغتيال المواطن أنطوان الحايك، بسبب تمسكنا بدولة القانون والحق ورفضنا لأي اعتداء على أي مواطن أو أي قصاص له، إلا من خلال القانون، مع تأكيد تثبيت هيبة الدولة ومرجعيتها الحصرية في فرض الأمن والعدالة”.

ويقول متابعون إن حزب الله أراد ليس فقط تبرئة ساحته، بل وتسجيل نقاط في سلة التيار الوطني الحر، الذي كشف من خلال حرصه على إصدار بيان ينتقد فيه اغتيال الحايك عن تبرم من حزب الله في تعاطيه مع قضية الفاخوري، وتحميله المسؤولية.

ويعتقد المتابعون أن الوضع بين التيار الوطني الحر وحزب الله لن ينساق بعيدا وأن الأخير ليس في وارد فك الارتباط مع التيار ورئيسه جبران باسيل خاصة في ظل المرحلة الحرجة التي يمر بها الحزب ولبنان بشكل عام.

ويقود حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل اليوم قاطرة السلطة المهتزة في وقت يواجه فيه لبنان وضعا غير مسبوق في ظل أزمة اقتصادية ومالية تهدد بانهياره، أضف إلى ذلك تفشي وباء كورونا.

ويعتبر البعض أن تسليم الفاخوري للولايات المتحدة كان يمكن أن يشكل ضربة قوية للتحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحر في الظروف العادية -في حال صدقت رواية الحزب عن عدم علمه بتفاصيل الإفراج عن الفاخوري- ولكن في هذا الظرف فإن الطرفين مضطران لترك الخلافات جانبا.

ويلفت هؤلاء إلى أن دعوات بعض القوى والشخصيات المقربة من حزب الله لإنهاء التحالف مع التيار الوطني الحر لن تلقى صدى لدى الحزب الذي يدرك أهمية هذه العلاقة وهو الذي لطالما راهن على التيار في توفير مظلة له لمواجهة الضغوط الأميركية المتزايدة عليه.

وكان رئيس “الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة” الشيخ ماهر حمود، المقرب من الحزب من بين الشخصيات التي طالبت بفك الارتباط مع رئيس التيار جبران باسيل وذهب حمود بعيدا في مهاجمة الأخير مطالبا “رئيس الجمهورية ميشال عون بإصدار قرار وطني جريء ينهي به بعض عذابات اللبنانيين، وهو طرد جبران باسيل من الدائرة المقربة منه”.

واعتبر حمود أن “المطلوب من جبران باسيل الاستقالة من مجلس النواب، فهو لم يعد يمثل الشعب، وليذهب إلى أميركا، وليأخذ منصباً هنالك. فهو لا يستحق أن يكون نائبا في البرلمان اللبناني”.

وسبق وأن شهدت العلاقة بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وحزب الله خضات على مدى السنوات الماضية بفعل الطموحات السياسية الكبيرة لباسيل، بيد أن الحزب مارس سياسة ضبط النفس خشية أن يفقد حليفا استراتيجيا أبدى في كل مرة استعدادا للدفاع عنه في المحافل العربية والدولية.

وتشكك بعض الدوائر السياسية بلبنان في حقيقة ما إذا كان حزب الله المسيطر عمليا على لبنان لم يكن على علم بصفقة تسليم الفاخوري، وتعتبر أن ما ورد على لسان الأمين العام حسن نصرالله لا يعدو كونه محاولة لحفظ ماء الوجه في ظل حالة استياء عارمة في بيئته.

وتقول هذه الدوائر إن قضية الفاخوري ستطوى كغيرها من الملفات خاصة في ظل وجود ملفات حارقة بدءا بالأزمة المالية وصولا إلى تفشي فايروس كورونا.

وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية الاثنين تسجيل ثماني إصابات مؤكدة بفايروس كورونا المستجد ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 256 حالة. ويحمّل جزء كبير من اللبنانيين حزب الله مسؤولية تفشي الفايروس لرفضه السماح بإغلاق الأجواء مع إيران التي تحولت منذ فبراير إلى بؤرة رئيسية للوباء.