IMLebanon

تفكيك الظهير السياسي لحكومة دياب.. وفرنجية يهدد بالاستقالة!

تعتبر دوائر سياسية لبنانية أن تفكك الظهير السياسي لحكومة حسان دياب بات مسألة وقت في ضوء الخلافات التي بدأت تظهر تباعا بين أقطابه وآخرها حول مسألة التعيينات التي تهم المؤسسات المالية والنقدية.

وهناك اليوم صراع بين التيار الوطني الحر من جهة وحركة أمل مدعومة من حزب الطاشناق وتيار المردة من جهة ثانية حول تعيين نواب جدد لحاكم مصرف لبنان وأعضاء لجنة الرقابة المصرفية.

ويصر التيار الوطني الحر الذي يتزعمه وزير الخارجية السابق جبران باسيل على ضرورة تسريع عملية التعيينات متمسكا بأسماء بعينها، في المقابل يعتبر زعيم حركة أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري أن الوضع غير المسبوق الذي تشهده البلاد يستوجب تأجيل النظر في مثل هذه الخطوة.

ويواجه لبنان أزمة مالية واقتصادية لم يعرفها منذ نهاية الحرب الأهلية (1975 – 1991) اضطرت على وقعها حكومة دياب إلى تأجيل تسديد جميع السندات الدولية البالغة قيمتها 31.3 مليار دولار هذا الشهر، في محاول للحفاظ على ما تبقى من احتياطي العملة الأجنبية المتآكل لشراء الحاجيات الأساسية للبلاد.

وما زاد الوضع سوءا هو تفشي فايروس كورونا، حيث ارتفع عدد المصابين بالفايروس في لبنان إلى 333 حالة، إثر تسجيل 29 إصابة جديدة الأربعاء. ويضاعف خطر انتشار الوباء من حجم الأزمة في البلاد، ليس فقط لجهة ما يمكن أن ينجر عنه من خسائر بشرية بل وأيضا مالية مكلفة.

وتقول الدوائر إن حكومة حسان دياب التي من المفترض أنها حكومة كفاءات ما فتئت تؤكد للداخل كما للخارج أنها لا تختلف عن سابقاتها لا بل إنها قد تكون الأسوأ في ظل سلوكيات لبعض القوى وفي مقدمتها التيار الوطني الحر الذي لا يزال يتعاطى مع السلطة بمنطق الغنيمة ساعيا إلى الاستئثار بالمواقع الشاغرة والمشغولة، ضاربا بذلك عرض الحائط بكل التوازنات حتى مع حلفائه المفترضين في داخل تحالف 8 آذار.

وتلفت هذه الدوائر إلى أن الرجة التي أحدثها الحراك الشعبي، الذي اندلع في 17 أكتوبر مطالبا بانسحاب كل الطبقة السياسية التي يحملها المسؤولية الرئيسية عن تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي وتشكيل حكومة تكنوقراط تقود خطة إنقاذية للبلاد، كان من المفترض أن تدفع تلك النخبة إلى عملية مراجعة ذاتية بيد أن الصراع الدائر على المواقع يكشف أن لا شيء تغير على هذا المستوى، وأن لبنان ينساق بسرعة نحو المجهول.

وذكرت مصادر مطلعة أن ما عمّق الخلاف بين التيار الوطني الحر والرئيس نبيه بري بشأن التعيينات التي تتعلق بالمؤسسات المالية هو قيام جبران باسيل بالتنسيق مع رئيس الحكومة حسان دياب بفرض أسماء بعينها، دون الرجوع إلى باقي الحلفاء.

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد تلقى إشعارا في وقت سابق بأنه سيتم تغيير نوابه ورئيس مجلس الرقابة على المصارف سمير حمود، وتؤكد الأنباء أن لسلامة رأيا آخر وهو عدم الاستعجال في تلك التعيينات في ظل التحديات التي يواجهها لبنان.

ويقول متابعون إن من الواضح أن العلاقة بين بري وباسيل تنحدر نحو الأسوأ وإن هذا من شأنه أن يكرس الانقسام داخل هذا التحالف الذي يقوده حزب الله، ويلفتون إلى أن الموقف الذي أعلن عنه مؤخرا زعيم تيار المردة سليمان فرنجية المقرب من حركة أمل يعكس هذا الواقع.

وأطل فرنجية عبر منصة تويتر مغردا “بدل التركيز على معالجة المواطنين ودعمهم وإعلان حالة طوارئ، يجري استغلال انتشار فايروس كورونا لتهريب التعيينات وتمرير الصفقات. لا نريد حصّة، ولكن نتمنى تأجيل الاستحقاق الخلافي وغير الضروري حاليا للوصول إلى تعيينات شفافة. وفي ما خص مشاركتنا في الحكومة، فسيبنى على الشيء مقتضاه”.

تلويح فرنجية الضمني بشأن الانسحاب من الحكومة التي دخلها بعد تجاذبات مع التيار، تقول الدوائر إنه مؤشر إضافي على أن الوضع على مستوى أقطاب السلطة آخذ في الانحدار وأن تهديد زعيم المردة لا يمكن قراءته بعيدا عن موقف بري.

يذكر أن العلاقة بين فرنجية والتيار الوطني الحر لطالما اتسمت بالتوتر في ظل رغبة الأخير في الاستئثار بأهم المواقع المارونية، وسبق وأن اتهم زعيم المردة قيادة التيار بانتهاج سياسة إقصائية. ويقول مراقبون إنه في حال نفذ تيار المردة تهديده فإن ذلك سيكون ضربة معنوية موجعة لحكومة دياب المرتبكة.

ويرجح أن يتدخل حزب الله بين الأطراف الحليفة لأن أي هزة من هذا النوع سيكون هو أبرز المتضررين منها.

وسبق وأن أظهر بري تململا وضيقا من استمرار باسيل في انتهاج ذات السياسة المندفعة والاسئثارية، وقد بدا ذلك واضحا في موقف رئيس مجلس النواب من تعطيل التعيينات القضائية.

وحاول التيار الوطني الحر، مؤخرا، نسف التشكيلات التي عمل عليها مجلس القضاء الأعلى طيلة شهرين، وطرحها على وزيرة العدل ماري كلود نجم، التي ردت تلك التشكيلات مبدية جملة من الملاحظات الشكلية، عدها كثيرون ذريعة لعدم التوقيع، خاصة وأن التيار أظهر تحفظا على التشكيلات التي اعتبر أنها تستهدفه داخل الجسم القضائي.

وذكرت مصادر مطلعة أن برّي أبدى امتعاضا لرد وزيرة العدل. ونقل عنه زواره أن ما حصل يسيء إلى صورة الحكومة التي تواجه صعوبات كبرى في إقناع الداخل والخارج بها.

وهناك اعتقاد سائد بأن استمرار التيار الوطني الحر في سياساته وحرب المواقع الدائرة من شأنه أن ينتهي بلبنان أمام خيارين: الفوضى أو الذهاب في انتخابات برلمانية مبكرة، إن لم يكن الحل الأمثل الذي بدأ يتحدث عنه البعض وهو الذهاب إلى حكومة عسكرية.