Site icon IMLebanon

في أيام “كورونا” نمط جديد في العادات الاجتماعية الصيداوية

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

في زمن “كورونا”، تغير النمط التقليدي الذي طبع حياة اللبنانيين عقوداً طويلة من الزمن، خوفاً من تفشي الفيروس الذي فرض أسلوباً مختلفاً لم يألفوه من قبل، لم يتوقف على إلزامهم بـ “الحجر المنزلي الطوعي” والحد من التنقلات، ولا اتخاذ “الاجراءات الوقائية بالمزيد من النظافة والتعقيم وارتداء “الكفوف” و”الكمامات”، بل وصل الى حد تعليق “العادات الاجتماعية” موقتاً وحتى إشعار آخر، بدءاً من تبادل الزيارات، مروراً بتلافي التجمعات والاختلاط وصولاً إلى عدم تقبل التعازي والاكتفاء بإتصال للمواساة. المثال الصارخ في صيدا على التغيير، ما تضمنته بعض المناسبات الحزينة لا سيما في ما يتعلق بمراسم تقبل العزاء، حيث كان لافتاً في عدد من أوراق النعوة تذيلها بعبارة “نظراً إلى الوضع الصحي تقبل التعازي عبر الهاتف”، بعدما كان الأمر معتاداً على تقبل التعازي في القاعات والمنازل على مدى ثلاثة ايّام متتالية! ويقول قريب أحد المتوفين منذ أيام علي حمود، إن “تقبل التعازي يكون لمواساة ذوي الفقيد، ولكنه قد يتحول في هذه الايام الى كارثة صحية، لا نريد إلحاق الضرر بأحد على الاطلاق فقررنا تقبل التعازي على الهاتف”. وعلى قاعدة “لا ضرر ولا ضرار”، عمد الكثير من العرسان في المدينة الى تأجيل حفلات “الخطوبة” او “الزواج” وهم يقبلون عليه عادة قبل حلول شهر رمضان من كل عام.

مقابل التغيير، ابتكر أبناء المدينة اساليب جديدة للتأقلم مع الواقع المستجد، انطلقت مبادرات فردية وجماعية وقائية بهدف حماية المدينة وأحيائها وأبنائها من خطر تفشي الفيروس، وأخرى إغاثية خيرية لتقديم يد العون للعائلات الفقيرة والمحتاجة والمتعففة، خصوصاً تلك التي أجبر معيلها على وقف عمله قسراً، في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، تصدرتها بلدية صيدا التي سارعت الى تطوير آلية رش مواد التعقيم، بجهد مشترك من رئيس ورش البلدية مصطفى أرناؤوط بالتعاون مع عضو الفريق أحمد الغربي وذلك بإضافة رشاشات رذاذ ثبتت على أحد جانبي الآلية التابعة لورش البلدية.

تعقيم أوتوماتيكي

وفي عين الحلوة، ابتكر فريق الدفاع المدني الفلسطيني “مرشة” تعقيم “أوتوماتيكي”، عند المدخل الغربي لجهة الحسبة، وذلك عبر تثبيت قساطل مياه صغيرة وخراطيم مياه، وثقبها من محاور عدة لتنفث منها مواد التعقيم بعد تشغيل المضخة الموصولة بها، وقال قائد الفريق تامر الخطيب لـ “نداء الوطن”، ان “الهدف تعقيم كل السيارات الداخلة الى المخيم بطريقة اسرع، حيث تصل مواد التعقيم إلى كامل اجزاء السيارة، خصوصاً العلوي منها وتحديداً الابواب، وهذه “المرشّة” متحركة ويمكن نقلها الى اي مدخل آخر للقيام بالعملية نفسها، كما قامت قوات الامن الوطني بتركيب مرشّة مماثلة عند المدخل نفسه، على ان تقوم بهذه الخطوة عند مداخل المخيم كافة”.

وتوازياً للابتكار، خرقت صدى شكاوى العائلات الفقيرة والمتعففة، المبادرات التي امتدت اليها على شكل حملات الفردية والجماعية، تأكيداً على تضامن الصيدوايين وتكاتفهم في مواجهة المرحلة، وفيما أعلن رئيس البلدية محمد السعودي لـ “نداء الوطن”، عن بدء “جمع كل “الداتا” عن الحالات الفقيرة ومن ذوي الدخل المحدود والمتعففة، من أجل توزيع مساعدة المليار ليرة لبنانية وفق الاصول المرعية الاجراء، كشف اننا “سنطلق في الايام المقبلة حملة التبرعات من أجل بلسمة أي جراح ومساندة كل المحتاجين. نحن في صيدا عائلة واحدة وستكون متكاتفة ومتضامنة كالعادة في الازمات والملمات”، مشيراً إلى أن “البلدية تعمل على خطين متوازيين، متابعة تجهيز “مستشفى صيدا الحكومي”، ليكون جاهزاً لاستقبال حالات “كورونا”، ومساعدة أبناء المدينة في ضائقتهم المعيشية والاجتماعية حتى نتمكن من تجاوز المرحلة بسلام”.

وأطلقت البلدية حملة تحت عنوان “سوا منعمل وقاية”، على مرحلتين: الأولى شملت العائلات في محلتي الفيلات والتعمير، والثانية ستشمل العائلات في صيدا القديمة، بينما أطلقت جمعية الكشاف العربي في لبنان مشروع “خيمة الخير”؛ وذلك امام مقر الجمعية في حي الست نفيسة في صيدا، وواصلت “مبادرة فكر بغيرك” حملاتها التكافلية، ويقول المشرف يحيى الناتوت: “لقد قمنا بتوزيع حصص غذائية ووجبات من خلال اكثر من حملة، وبادر مختار “حي السبيل” في صيدا، نادر جميل البيلاني، بحملة رش وتعقيم في أحياء صيدا القديمة، تزامناً مع حملة توعية وإرشاد.

وأكد رئيس لجنة الصحة والبيئة في مجلس بلدية صيدا الدكتور حازم بديع أنه “لم تسجل أية إصابة بـالكورونا في مدينة صيدا، وأن الحالات المشتبه فيها والمحولة إلى بيروت 39 حالة هي من مناطق مختلفة خارج نطاق مدينة صيدا، وقد أظهرت الفحوصات عدم إصابة أصحابها بـ “كورونا” باستثناء حالة واحدة فقط، وهي ايضاً من خارج مدينة صيدا”.