IMLebanon

التشدّد بالتعبئة وإلاّ الفلتان

كتب سعيد مالك في صحيفة “الجمهورية”:

بتاريخ العشرين من الشهر المنصرم، تمّ تشخيص أوّل إصابة دخلت لبنان، عبر مطار الشهيد رفيق الحريري. وما هي إلاّ أيّام قليلة حتى كرّت سُبحة الإصابات ولمّا تزل.

طالب المعنيّون ورجال الإختصاص ورؤساء الأحزاب، بوجوب الإسراع في إتّخاذ ما يلزم من إجراءات، لمواجهة هذا الوباء وردْعه.

أعلنت الحكومة حالة التعبئة العامة، دون أن تُضمّنها تدابير جذريّة ورادعة. واستمّر المجتمع اللبناني في حياته اليوميّة، متنقّلاً سائحاً، معتقداً أنّ الوباء لن يُصيبه أبداً.

ومع تضاعف عدد الإصابات وتفاقمها، عَلَتْ الأصوات مُطالبةً بوجوب التشدّد في الإجراءات، وتكليف الجيش والأجهزة الأمنيّة مهمّة تطبيق القرار بكافة الوسائل والطُرُقْ.

واستبشر اللبنانيون خيراً، حين أُعلِن عن كلمة هامّة لرئيس الحكومة مساء السبت المُنصرم. واعتقد الكافّة أنّ رئيس الحكومة سيُعْلِن «حظر التجوّل» وسيُكلّف الجيش والأجهزة الأمنيّة تطبيقه.

غير أنّ رئيس الحكومة أعلن «حظر التجوّل الذاتي» أيّ الشخصي والرّضائي. علماً، أنّ حظر التجوّل يجب أن يكون مُلْزِماً حتى يُنتِج ثماره، حمايةً لمجتمع يُعاني من تفشّي وباء لا يرحم أحداً.

لم ينجح قرار رئيس الحكومة الأخير في لَجْم التفلُّت، واستمّر العابثون في عبثهم، غير آبهين بصحّة المواطنين وعائلاتهم.

تزايدت أعداد الإصابات وارتفعت، والسُلطة المولجة تُحاول تنفيذ قرارها بحظر التجوّل الذاتي، دون أن تنجح. وعادت الأصوات لتُطالب بوجوب التشدّد في تدابير التعبئة العامة، وإلاّ إعلان حالة الطوارئ.

 

وأمام تردّد السلطة السياسية في إعلان حالة الطوارئ، عازيةً الأمر إلى عقباتٍ قانونية ولوجستيّة (لن نَدْخُل في مناقشتها راهنًا) وتجاه إرتفاع عدد الإصابات وتفاقمها، بات الأمر يستوجب:

أ‌- دعوة مجلس الوزراء للإنعقاد فوراً، لتكليف مَنْ يَلْزَمْ مِن الأجهزة الأمنيّة، تطبيق تدابير التعبئة العامة.

ب‌- دعوة المجلس الأعلى للدفاع للإنعقاد، لتكليف الجيش والأجهزة الأمنيّة، تنفيذ مرسوم التعبئة العامة، بكافة الوسائل والطُرُق.

والأخطر من كلّ ذلك، تفشّي ظاهرة الأمن الذاتي في بعض من البلدات والقُرى. حيث أُقفِلَت الطُرُق، وقُطِعَت المنافِذ، وانتشرت الحواجز…كذا…

وبالتالي، باتت السُلطة اليوم مُخيّرة:

1- إمّا بالتشدّد في تطبيق مرسوم التعبئة العامة، وتكليف مَن يَلزم من الأجهزة الأمنيّة للإنفاذ.

2- وإمّا القبول بما نشهده راهناً من أمن ذاتي لبعض من القُرى والبلدات، وحواجز ميدانيّة، وسواتر ترابيّة، وقطعاً للمنافذ والطُرُق، ومعابر سالكة وأُخرى غير سالكة، وتصاريح دخول وخروج….(مع إستثناء البلديّات التي تقوم بواجبها مشكورةً) فضلاً عن تفاقُم غير مسبوق لحجم الإصابات.

فهل هذا ما تُريده السُلطة ؟

فكفى تمييعاً ومواربةً، فإمّا التشدّد في تطبيق مرسوم التعبئة العامة، وإمّا أن نُسلّم أمرنا لقادة المحاور «وقبضايات» الحيّ. (مع إستثناء البلديات التي تقوم بواجبها مشكورةً).

وبالخُلاصة، إمّا التشدّد بإجراءات التعبئة، وإمّا تفاقُم إضافي في حجم الإصابات، فضلاً عن الفلتان والأمن الذاتي، والذي بدأ يطّل برأسه في بعضٍ من القُرى والبلدات.

وقد أُعذر مَن أنذر.