كتب ريمون هنود في صحيفة “اللواء”:
غداة كتابة آخر مقال لي في «اللواء» بتاريخ 23 آذار 2020، والذي حمل عنوان «التنافس الاقتصادي يرجّح كفة أميركا في صناعة كورونا»، كتبت صحيفتكم في إصدار اليوم التالي: عن شاهد من أهل البيت الاميركي وهو وزير العدل قوله بأن فيروس كورونا مُصنّع أميركياً كسلاح بيولوجي، عندما قال بأن بروفيسوراً يعمل في جامعة هارفرد ومسؤول عن الأسلحة البيولوجية ومرتبط بعقود عمل مع وزارة الدفاع الأميركية قد قام بنقل وتهريب الفيروس إلى مدينة ووهان الصينية للتعاون مع مركز دراسات وأبحاث أميركي هناك.
منذ سنوات قليلة خلت دأبت واشنطن على إطلاق حروب العقوبات على الجهات المعادية لها سياسياً كبديل عن الحروب العسكرية واليوم على ما يبدو فإنها قررت نشر كورونا أو إعلان الحروب الجرثومية كبديل عن الحرب الكبرى ظناً منها أنها بهذه الطريقة قد تحقق ما عجزت عن تحقيقه من انتصارات بالحروب العسكرية على أخصامها السياسيين. ففي 22 آذار 2020 قال خبير الأسلحة البيولوجية فرنسيس بويل أن فيروس كورونا تم تطويره في جامعة كارولينا الشمالية.
والجدير ذكره أنّ طرفين في هذا العالم رفضا الانضواء تحت مظلة اتفاقية جنيف التي تحظر اللجوء إلى تصنيع الأسلحة البيولوجية أو الجرثومية وهما الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل.
لقد رجح الموقع استراتيجيك كالتيشر ستوكسنت الذي طورته الحكومتان الأميركية والاسرائيلية سراً بين عامي 2005 و2009 والذي هدف إلى اتلاف أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالقطاع النووي الايراني، أن تكون واشنطن هي من أوجدت فيروس كورونا ونشرته في محاولة لضرب مكانة واقتصاد وقوة الصين العسكرية خصوصاً أن ادارة ترامب تعتبر باستمرار بأن قدرات الصين المتزايدة على مختلف الأصعدة تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأميركي ولهيمنة أميركا الاقتصادية على العالم.
و أحيلكم إلى ما قاله وزير الخزانة الأميركي ستيفن مونشين في تصريحات له لقناة CNBC بتاريخ 14 كانون الاول 2019 على هامش مشاركته في أعمال منتدى الدوحة الـ19 المنعقد في العاصمة القطرية، أن عقوبات بلاده على ايران وكوريا الشمالية يشكل بديلاً عن الحرب موضحاً أن بلاده تعتبر أن العقوبات تشكل البديل الناجع عن الخيارات العسكرية وفق مقولة الرئيس الأميركي الأسبق ويلسون «إنّ الأمة التي تقاطعها أميركا تصبح أمة على وشك الاستسلام».
من هنا عنوان واحد يتصدّر نوايا واشنطن وهو العقوبات والحروب الجرثومية اللتان تشكلان البديل عن الحروب العسكرية.
وبتاريخ 9 شباط 2020 أشارت مصادر إعلامية روسيا إلى أن المرض الجديد المعروف مؤقتاً بإسم NCOV-2019 هو سلاح حيوي يهدف إلى تخريب الصين واقتصادها.
وفي السياق عينه، قالت وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي بأن انتشار فيروس الكورونا هو بمثابة عمل تخريبي كما يعتقد الخبير ايغور نيكولين.
أما ليونيد سافين وهو خبير السياسة الخارجية في مؤسسة الثقافة الاستراتيجية قال بأن مؤسسة بيل وميلاندا غيتس ربما ساعدت في تمويل انشاء أسلحة بيولوجية لفيروس كورونا، ويعود نيكولين ليضيف، أعتقد بأنه من المفيد للشركات الأميركية تطوير هذه الأنواع الجديدة من الأمراض فقط من اجل الربح، خصوصاً أن أميركا هي الدولة الوحيدة التي لديها 400 مختبراً بيولوجياً عسكرياً في جميع أنحاء العالم.
إن الصراع الاقتصادي الأميركي الصيني صراع قديم نسبياً، لكنه خرج إلى العلن في الشكل الرسمي في العام 2016 عندما تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية باتخاذ التدابير اللازمة لاستعادة الوظائف الاميركية المفقودة بسبب ما أسماه التغلغل الصيني، وقد وعد بفرض ضرائب جمركية على المنتجات الصينية. وعندها بدأت حرب الضرائب بين الجانبين، ويذكر أنه في العام 2017 مال الميزان التجاري بين الصين وأميركا لصالح الصين والدليل أن صادرات الولايات المتحدة إلى الصين عام 2017 وصلت إلى 116.2 مليار دولار بينما وصلت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة إلى نحو 492 مليار دولار في العام نفسه.
أما عن الخسائر المتوقعة للاقتصاد الأميركي جراء تفشي فيروس كورونا فقد كتب دانييل دايفس لمجلة ناشيونال انترست الأميركية بتاريخ 13 آذار 2020 تقريراً قال فيه أن واشنطن قد تضطر إلى اتخاذ تدابير قاسية كعزل المجتمعات وعزل ولايات أميركية بأكملها، وأضاف أن الناتج الاقتصادي الذي طمس نتيجة الاجراءات المضادة لفيروس كورونا والضربة التي تلقاها منتجو النفط في أميركا ستجلب نكسات اضافية للاقتصاد الأميركي.
أما صحيفة واشنطن بوست فقد قالت بتاريخ 25 آذار 2020 أن وباء كورونا سيتسبب في الحاق اضرار جسيمة بالحياة والاقتصاد الاميركي على حد سواء، وسيؤدي إلى تراجع القيادة الأميركية للعالم لصالح الصين.
إن حروب أميركا الجرثومية على خصومها السياسيين ليست وليدة اليوم بل هي قديمة العهد.
فإذا قرأنا كتاب أميركا والأباداة الجماعية لمؤلفه منير العكش، نجد بأن أنواع الحروب الجرثومية التي شنها المستوطنون الانكليز ضد الهنود الحمر، سكان أميركا الأصليين شملت 93 وباء أبرزها 41 جدري، 17 حصبة، 10 أنفلونزا، 4 طاعون، 25 سل وبكتريا وتيفوس وكوليرا، وحسب احصاءات عام 1900 لم يتبقى من ذلك الشعب الهندي أكثر من مئتي وخمسين الف نسمة على قيد الحياة.
أما الهجمات الجرثومية ضد كوبا فقد بثت ميكروبات مهلكة للمحاصيل الزراعية التي يعتمد عليها الاقتصاد الكوبي، وقد أصيب حوالي 300 ألف مواطن كوبي بحمة الضنك وفق ما أعلنت عنه الحكومة الكوبية. وفي حرب فيتنام استخدمت أميركا العنصر الكيمياوي المعروف بأسم العامل البرتقالي الذي يمثل أحد أكثر التحركات خزياً وعاراً للحرب ضد فيتنام. فحتى اليوم ما زال يسمم الفيتناميين ومازال أولادهم يولدون مع تشوهاتهم الخلقية، وهذا ما أورده سيمور هرش في كتابه مذكرات صحافي استقصائي.
يذكر أنه في العام 1956 قتلت أميركا قسم كبير من أصحاب البشرة السوداء في قلب مناطقهم الاميركية عندما نشرت فيها بكتيريا الجمرة الخبيثة.
وفي 5 أيار 1995 حاول الميكروبيولوجي الاميركي لاري هاريس نشر بكتيريا الطاعون في مترو أنفاق نيويورك بهدف توجيه الاتهام للعراق وحث الادارة الأميركية على شن الحرب على بلاد الرافدين.
وأختم بالقول مستشهداً بما قالته وزيرة الصحة الفنلندية بتاريخ 1 شباط 2020 عن مخططات أميركا لابادة ثلثي البشر بالحروب الجرثومية إذ أشارت إلى أن فيروس كورونا ليس سوى مؤامرة أميركية تهدف إلى تدمير الاقتصاد الصيني، علماً أن نائبة المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية كوري شاك قالت أن عالم ما بعد فيروس كورونا لن يشهد استمرار زعامة واشنطن،و أضافت قائلةً لمجلة فورين بوليسي أن العالم لن ينظر إلى أميركا بعد الآن على أنها مازالت القائد الدولي للمستديرة لأن سلوك الادارة الاميركية قائم على تغليب المصالح الذاتية الضيقة والافتقار الفادح للكفاءة، وهذا هو خطأها الذي قتلها.