كتب انطوان صعب في صحيفة “اللواء”:
تغيب السياسة بكل تفاصيلها ليبقى وباء كورونا الشغل الشاغل للمسؤولين اللبنانيين الذين يواكبون ويتابعون هذه القضية التي تطغى على ما عداها أكان في لبنان أو في دول العالم، وبناءً عليه فإن جهود الحكومة تُسخَّر من أجل العمل على معالجة هذا الوباء بالطرق والوسائل المتاحة، إنما ذلك لا يمنع أن الانقسام السياسي في لبنان ما زال قائماً وخصوصاً بعد مسألة إطلاق عامر الفاخوري والتي شكلت هزة سياسية ولكن حُجب النظر عنها مع حظر التجول الذي يعم لبنان، وكذلك تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وتفرغ الدولة والمواطنين لكيفية تجنب هذا الوباء القاتل.
ووفق المعلومات المتوفرة، فإن هناك حالة ضياع وانقسام بين سائر القوى السياسية والحزبية، إذ جاءت الردود القاسية على إطلاق الفاخوري من قبل حلفاء وأصدقاء حزب الله، وما يعني أن هناك حركة اصطفافات سياسية جديدة ستشهدها الساحة اللبنانية وتنقشع الصورة بشكل دراماتيكي بعد انحسار وباء كورونا إن على خلفية إطلاق الفاخوري، وصولاً إلى هشاشة كل الاتفاقات والتفاهمات السياسية والحزبية، وسط تساؤلات عن خيارات سبق وطُرحت مثل قانون الانتخاب والانتخابات النيابية المبكرة، إلى أمور كثيرة غيّبها وباء كورونا بعدما انحسر حراك الشارع بشكل نهائي. والسؤال: هل انتهت الثورة؟ أم أن هناك عاصفة الفايروس المتفشي في العالم والأولوية له لتعود إلى ما كانت عليه من صخب في الشارع؟
إنما الأجوبة في مثل هذه الظروف صعبة المنال على اعتبار أنّ الجميع يؤكد أن كل الملفات تبدلت وتغيرت ما بعد الثورة والانهيار المالي والاقتصادي والمصرفي وكذلك كورونا، ولذلك من الصعب في مثل هذه الظروف أن تكون السياسة في هذا الملف وذاك واضحة المعالم أمام تعاظم الوباء العالمي والوضع المتفاقم في لبنان اقتصادياً ومعيشياً، لذلك إنه وحتى فترة طويلة قد تستمر شهوراً سيكون العنوان الأبرز الطاغي على الساحة اللبنانية هو التصدي للكورونا ومن ثم كيفية معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
من هذا المنطلق، فإن الأمور في لبنان تبقى قيد الترقب والانتظار، ولا سيما أنه ليس بقدرة أحد في مثل هذه الظروف أن يحدد أي مسار سياسي في بلد كما كل بلدان العالم هناك حظر تجوّل فيه، وإجراءات مشددة لمنع امتداد هذا الوباء بشكل أكبر، وخصوصاً أن المخاوف تتزايد، وبمعنى أوضح إن الأولوية المطلقة هي لكيفية الحفاظ على صحة الناس وليس هذا الملف السياسي وذاك، ولكن التساؤلات الأخرى تتمثل في كيفية خروج لبنان من أزماته لأن ما يميزه عن دول العالم أن هناك أزمة اقتصادية ومالية خانقة والناس تعاني وليس في استطاعة الدولة المساعدة، بينما تكشف جهات سياسية فاعلة أنه داخل الحكومة هناك أكثر من نظرة سياسية متباعدة بين بعض مكوناتها حول الطرق المالية والمصرفية أكان على صعيد الكابيتال كونترول أو سواه، لذا هناك إجماع سياسي على معالجة الكورونا. وفي المقابل السؤال الآخر: كيف ستواجه الحكومة كل هذه الملفات والمشكلات في ظل غياب الدعم المطلوب من الدول المانحة التي ما زالت ترفض حتى الآن مساعدة لبنان لاعتبارات سياسية داخلية وإقليمية، بمعنى أنّ هذا الحظر ما زال موجوداً ولا يمكن دعم لبنان قبل الالتزام بالشروط الدولية وخصوصاً أنّ المعنيين بهذه الشروط ما زالوا على مواقفهم، والدليل غياب الاتصالات مع صندوق النقد الدولي من قبل الدولة أكان لناحية جدولة الديون أو دفع الفوائد.