اتسعت دائرة السجال السياسي في لبنان حول التعيينات في المناصب الحكومية، رغم الانهماك الرسمي والشعبي بتفشي وباء فايروس كورونا المستجد وتوقع تمدده وازدياد الإصابات.
واللافت أن زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع دخل على خط السجال مهاجما “الثلاثي غير المرح” من دون أن يحدد هل يستهدف رموزا رسمية أم حزبية.
وأوضح مصدر رفيع المستوى بالحزب لـ”العرب” أن جعجع، الذي نشر تغريدة على حسابه في تويتر تتناول المحاصصة والتعيينات، كان يستهدف “الأكثرية الحاكمة أي الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل إلى جانب التيار الوطني الحر، الذي يتزعمه جبران باسيل ووزير الخارجية السابق صهر الرئيس ميشال عون”.
ووجه جعجع اتهامات لـ”الثلاثي المرح الذي لم يعد مرحا”، حيث كتب يقول إنه “رغم كل المآسي التي يعيشها اللبنانيون، يواصل هوايته المفضلة بالمحاصصة ويسقط حكومة كان مفترضا أن تكون إنقاذية، بسبب الخلاف على التعيينات”.
وأبدى زعيم القوات اللبنانية تشاؤما قائلا “طالما الثلاثي غير المرح ممسكا بالسلطة سيبقى الشعب اللبناني في النفق”.
وأوضح المصدر أن ما يقصده جعجع يطال “الأكثرية الحاكمة”، نافيا أن يكون حزبه هادن حكومة حسان دياب، التي تحظى بدعم من حزب الله المحسوب على إيران.
وأضاف “أن تلك الأكثرية تشمل الثنائي الشيعي، حركة أمل وحزب الله فضلا عن التيار الوطني الحر، وهي تمسك بمفاصل السلطة، وأثبتت التجربة أنها تتحمل مسؤولية الفشل”.
وعدد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أمثلة بينها التأخر في مواكبة أزمة تفشي وباء كورونا وتفاقم خلافات الثلاثي على التعيينات، مذكّرا بأن القوات لم تمنح الثقة لحكومة دياب بعد “خطيئة في تشكيلها” من سياسيين هم عمليا وراء تركيبة الحكومة.
كما ذكّر برفض اعتماد موازنة لم تضعها التشكيلة الوزارية الحالية، متسائلا في الوقت ذاته عن التلكؤ في اعتماد خطة للإصلاح الاقتصادي.
وأشار إلى أن “الخلافات بين الأكثرية الحاكمة اليوم تتمحور حول من يريد الاستئثار بالحصة الأكبر في التعيينات”، مطالبا بوضع آلية واضحة لبتها.
وكان التيار الوطني الحر قد ندد في وقت سابق بـ”تعطيل التعيينات من خلال رمي التهم” عليه، وشدد على أن مراكز القرار المالي المرتبطة بمصرف لبنان “معظمها في عهدة منظومة فرضت سياسة مالية ونقدية ريعية منذ 1992 أدت إلى انهيار وتفش للفساد”.
ودعا التيار الذي يتزعمه صهر الرئيس اللبناني إلى التكاتف معه في “خوض معركة التغيير في السياسة المالية والنقدية”.
وتأتي السجالات مع انتقاد رئيس البرلمان نبيه بري الجمعة حكومة حسان دياب، التي بدت “كأنها اخترعت البارود” في قضية التكفل بإعادة من يرغب من اللبنانيين في الخارج إلى بلادهم، في ظل إغلاق معظم الدول لحدودها ومطاراتها لتفادي بؤر تفشي كورونا.
ودعا بري الذي يتزعم حركة أمل الحكومة إلى عقد جلسة استثنائية لمناقشة هذا الملف في ظل اتهامات للحكومة بالإهمال في هذا الملف الذي لا يقل أهمية عن بقية الملفات الحساسة.
وهذا التراشق بالاتهامات بين الأطراف السياسية في لبنان هو استمرار للجدل حول التعيينات القضائية وغيرها من القضايا التي تدخل ضمن دائرة المحاصصة الحزبية.
كما تواصل السجال حول تعيين نواب لحاكم مصرف لبنان وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف.
وفيما بلغت الوفيات في لبنان بين المصابين بكورونا سبع حالات مع بلوغ عدد المصابين إلى 391 حالة، اتسع الجدل أيضا حول إطلاق المعتقلين الموقوفين في سجون مكتظة، وكثيرون منهم لم يخضعوا بعد لمحاكمات. وشهدت مدينة طرابلس شمال البلاد تجمعا لأهاليهم في ظل ازدياد القلق من تفش كبير للوباء قد يودي بحياتهم في حال لم تتمكن السلطات من تطويق الأزمة.
وفي مسعى لمواجهة الوباء، أعلن دياب الجمعة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الصحة بمستشفى رفيق الحريري الجامعي أن الحكومة خصصت الملايين من الدولارات لمواجهة خطر كورونا.
وقال إن “الحكومة تتابع كل تطور عالمي لمعالجة الوباء، وسنكون جاهزين لكل جديد ولأن الموضوع اليوم هو أولوية عند الحكومة، خصصنا 60 مليون دولار لتوفير التجهيزات والمعدات والأدوية والمستلزمات المتعلقة بكورونا، وأيضا لرعاية المصابين وفق المعايير التي يتم تحديدها”.