كتبت رلى إبراهيم في صحيفة “الأخبار”:
تعجّ مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً الصفحات الخاصة بعكار، منذ يوم أول من أمس، بفيديوات تظهر مرافقي النائب وليد البعريني وهم يطلقون النار أمام قاعة مبنى عصام فارس البلدي في حلبا. فالاجتماع الذي عقدته خلية الأزمة في عكار تحت شعار «معاً لإنقاذ عكار» لدعم مستشفى عبد الله الراسي الحكومي والعائلات الفقيرة، في حضور البعريني وباقي نواب عكار (باستثناء النائب مصطفى الحسين) ورؤساء اتحادات بلديات وفاعليات وهيئات أهلية، انتهى بإطلاق الرصاص فوق رؤوس أهالي عكار. حصل ذلك، إثر اعتصام شباب خيمة اعتصام حلبا أمام المبنى، محاولين الدخول إليه للاعتراض على «حفلة الشحادة والاستعراض». الاعتصام أثار غضب مرافقي البعريني الذين أطلقوا النار في الهواء أمام المبنى، وسط تفرج عناصر الجيش والدرك. ثم انتقل هؤلاء بموكب النائب من حلبا الى العبدة على وقع الرصاص المتطاير من السيارات حتى وصل «سعادته» الى مكتبه. وعوضاً عن أن يتم اعتقال مطلقي النار، اعتقلت قوة من فرع المعلومات ظهر أمس أحد الناشطين في اعتصام حلبا، غيث حمود، بتهمة «عرقلة جمع التبرعات»، بناءً على إشارة من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، على ما تقول مصادر المعتصمين. وأيضاً جرى اعتقال شاب آخر يدعى ميراز الجندي، ليس من شباب خيمة اعتصام حلبا، لكنه كان موجوداً في الاعتصام أمام مبنى البلدية.
من جهته، يوضح أحد شباب خيمة اعتصام حلبا، فراس عبد الله، أن الخلاف بدأ على خلفية «شتم أحد مرافقي البعريني شاباً يسند نفسه على سيارة النائب. تطور الأمر الى تلاسن، ثم إشهار المرافقين سلاحهم بوجه الثوار العزّل قبل إطلاقهم النار على مرأى من القوى الأمنية التي يبدو أنه لم يكن لديها قرار بالتصدّي لهم. وهناك عشرات الفيديوات المثبتة والمنشورة. مطلقو النار تلقّوا أوامرهم من نجل البعريني، هلال». أما الاعتصام فجرى «احتجاجاً على منطق التسوّل على حسابنا ووضع أموال البلديات والاتحادات في عهدة النواب المطالَبين أصلاً بإعادة الأموال المنهوبة، فكيف نأتمنهم اليوم على صحة المواطنين والمساعدات؟»، علماً بأن «الأزمة قائمة منذ شهر وأكثر، فيما نواب القضاء يتفرجون. لكن حين حررت المالية أموال البلديات وارتفع صوت المواطنين المحتجين على أدائهم، هرعوا إلى الاستثمار بالأزمة والحرص على إدارة صرف الأموال حتى يوزعوها بحسب مصالحهم الانتخابية». وحتى مساء أمس، كان غيث حمود لا يزال معتقلاً في مركز الفرع في طرابلس. يشير عبد الله إلى أن سبب الاعتقال لا يزال غير واضح؛ «كل ما نعرفه أن شباب فرع المعلومات خطفوا غيث من ساحة حلبا، فيما المجرمون الحقيقيون الذين أرهبوا الناس طليقين ويتباهون بفعلتهم وينشرون مقاطع فيديو بأنفسهم»!
اللافت أن أياً من نواب عكار لم يصدر توضيحاً أو بيان إدانة لما حصل، باستثناء إنكار البعريني في حديث تلفزيوني علاقة مرافقيه بإطلاق النار في عكار. لكنه خلال عقده مؤتمراً صحافياً بعد الإشكال، وضع الأمر «في عهدة الأجهزة الأمنية التي عليها كشف الملابسات وتحديد المسؤوليات»، علماً بأن المشكلة تجاوزت إطار الخلاف بين المعتصمين ونواب المنطقة، لتتحول الى خلاف بين منطقتين: فنيدق التي ينتمي إليها البعريني، وحلبا مكان الاعتصام. لذلك تحدثت المعلومات عن نية البعريني عقد صلحة بين المنطقتين ليل أول من أمس، لكن أحد نواب تيار المستقبل، على ما تقول المصادر، تدخل لمنع ذلك وتقدم بدعوى ضد شباب حلبا.
التبرّعات المفترضة تحوّل إلى حساب مصرفي باسم
يوضح النائب هادي حبيش في حديثه إلى «الأخبار» أن الإشكال حصل على خلفية محاولة الشبان اقتحام مبنى البلدية بالقوة وشتمهم النواب، فتطور الإشكال إلى إطلاق نار في الجو: «خبروني كان في سلاح من الميلتين». ويسأل حبيش عن «السبب وراء قطع اجتماع لجمع التبرعات لمعالجة مرضى الكورونا». على مقلب آخر، بلغت قيمة التبرعات 500 مليون ليرة لبنانية، بينها 100 مليون ليرة فقط من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لمصلحة المستشفى الحكومي، على ما أعلن حبيش، بالإضافة الى وضعه أوتيل «غراسياس» في حلبا كمركز للحجر الصحي متكفلاً بمصاريفه. المبلغ المالي، على ضآلته، سيخصص لإنشاء مختبر وبنك دم داخل المستشفى. ويقول حبيش رداً على سؤال حول وضع هذه التبرعات باسم جمعية تابعة لوالدة النائب طارق المرعبي، إن «مساعي اللجنة لفتح حساب باسم ثلاثة أشخاص يمثلون الحملة وهم نقيب المحامين محمد المراد ورئيس بلدية الشيخ طابة طلال الخوري ممثلاً البلديات ولوريت ضاهر بالنيابة عن كاريتاس، إلا أن المصارف رفضت الطلب. وقد قيل لنا إن الحلّ بالتبرع لمصلحة جمعية، فوضع النائب المرعبي جمعية والدته بالتصرف، مع تنازلها قانوناً لمصلحة ممثلي اللجنة الثلاثة». وهو ما يؤكده أيضاً النائب في تكتل لبنان القوي أسعد ضرغام لـ«الأخبار»، مشيراً الى أن «التنازل سيحصل لمدة 4 أشهر أو المدة التي نحتاجها لصرف التبرعات». حبيش وضرغام يوضحان أيضاً أن «في الحملة 30 شخصاً من نواب ورجال دين وبلديات واتحادات وفاعليات المنطقة هم الذين يقررون آلية الصرف، لا الممثلون الثلاثة فقط، ويفترض أن يصدروا تقريراً أسبوعياً». من جهتها، صرفت وزارة الصحة مبلغ 75 مليون ليرة لمصلحة مستشفى عبد الله الراسي الحكومي، على أن توفر له معدات وتجهيزات إضافية. لكن المستشفى لن يكون جاهزاً لاستقبال مرضى كورونا قبيل 3 أسابيع على أقلّ تقدير. وإلى ذلك الحين، كل مريض تثبت إصابته ينقل الى مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت. حتى إن الشركات التي يفترض أن تؤمن المعدات اللازمة للمختبر الذي «تبرع» به الحريري، لن تتمكن من استيرادها قبل 17 يوماً بحسب حبيش. وقد بلغ عدد الذين ثبتت إصابتهم بكورونا في عكار 14 شخصاً، فيما طلبت وزارة الصحة من 319 شخصاً التزام الحجر المنزلي، وفقاً لغرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث.