بعد سحبه مشروع «الكابيتال كونترول» عن طاولة مجلس الوزراء، سجل رئيس مجلس النواب نبيه بري، هدفا آخر في مرمى رئيس الحكومة حسان دياب، تمثل في نزول دياب عند إصرار بري على توفير عودة المغتربين العالقين في بعض البلدان الموبوءة بفيروس كورونا دون قيد او شرط، وإلا علّقت كتلة التنمية والتحرير تمثيلها في الحكومة، لتأتي الاستجابة فورية عبر الاجتماع الوزاري الذي انعقد بصورة طارئة في السراي، وحتى قبل الموعد الذي حدده بري، وهو غدا الثلاثاء.
وجاءت استجابة دياب بالقول: ان الحكومة مع العودة الآمنة لكل من يرغب من المغتربين اللبنانيين، معتبرا ان ثمة مسؤولية وطنية تقضي بحمايتهم في الخارج واحتضانهم في الداخل.
طبعا، هذا الاعتبار الوطني لم يكن واردا قبل يوم واحد، ما أفسح في المجال للقوى الداعمة للحكومة او المهادنة لها، للاستفادة من المناسبة، برفع الصوت مطالبة باستعادة «أبنائنا الموجودين في الخارج»، والذين وصفهم الرئيس بري بنصف لبنان الآخر.
وكانت المبادرة بالمطالبة للرئيس بري، وتلاه رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي طالب الحكومة بتنظيم رحلات العودة لمن يرغب، في هذه الظروف الاستثنائية، واصفا تردد الحكومة بالمخجل.
ولم يشأ جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، والداعم الرئيسي لحكومة دياب، ان يبقى خارج المشهد، فسارع الى عقد مؤتمر صحافي مسائي، انضم فيه الى المطالبين بتوفير وسائل إعادة المغتربين، ومقترحا إرسال طائرة لمن يشتبه بإصابتهم وأخرى للأصحاء، تجنبا لتفشي الفيروس، كما أوجب إعطاء الحكومة مهلة زمنية كافية، مجددا مطالبة سورية بإزالة اي تدبير يمنع عودة مواطنيها من لبنان الى بيوتهم. ودعا الى تواصل رسمي بين لبنان وسورية لهذه الغاية.
وكانت الكلمة الأخيرة في هذا السياق للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي نفى جواز النقاش في وجوب قيام الدولة بواجبها، عبر تأمين مستلزمات عودة اللبنانيين في الخارج، وعليها الاستجابة مهما كانت التحديات.
وبمعزل عن أخطاء «كورونا» أصبح ضعف حكومة «مواجهة التحدي» حالة مقلقة لمختلف الأوساط والقوى التي راهنت عليها، فقبل ايام كان تهديد سليمان فرنجية بسحب وزيريه احتجاجا على مسار التعيينات في الوظائف المالية العليا، فطار ملف التعيينات من جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء، ومن ثم رفع الرئيس بري اصبعه بوجه مشروع «الكابيتال كونترول» المتعلق بالودائع المصرفية، فسحب وزير المال غازي وزني المشروع عن طاولة مجلس الوزراء، قبل فتحه، ثم هدد بري بسحب وزيريه إن لم تتراجع الحكومة عن موقفها المتردد، من عودة اللبنانيين في الخارج، مهما كانت ظروفهم الصحية، فكانت التلبية الفورية، ودون توضيح اسباب الرفض او تبرير القبول، و«ولم تقل شيئا» يمكن ان يفهم منه اي شيء، سوى عجزها الواضح (كما يقول المفكر الإسلامي رضوان السيد)، ما حوّل الحكومة الى حقل تناحر سياسي.
ووسط هذه الأجواء السياسية والصحية المركبة، خرج اللبنانيون الى شرفاتهم في الساعة الثامنة من مساء امس، بناء على مبادرة من شخصيات سياسية واجتماعية، بينها رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، ليصفقوا جميعا، تحية للأطقم الطبية اللبنانية التي تواجه بجسارة هذا الفيروس القاتل، دفاعا عن حياة كل من يعيش على أرض لبنان.