شكّل ملف اعادة الللبنانيين المغتربين الى لبنان لحمايتهم من وباء كورونا الذي يتهددهم في بلدان انتشارهم، منعطفا كبيرا في مسار حكومة الرئيس حسان دياب، حتى بات ممكنا القول ان ما بعده لن يكون كما قبله. نعم، الى هذا الحد، يُعتبر ما رافق التطورات على صعيد هذه القضية، مفصليا في “حياة” مجلس الوزراء، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، اذ ان ادارة الحكومة ستتغير رأسا على عقب في المرحلة المقبلة..
في تقديرها، أيام “دلع” رئيس الحكومة انتهت، والرداء الجميل الذي البسه لحكومته منذ اليوم الاول وقد زيّنه بخيوط التكنوقراط والوان المستقلين، احترق في شكل شبه تام. فبعد ان سايره عرّابو مجلس الوزراء الاساسيون بلعبته هذه أشهرا، وداروا “خاطره”، لمقتضيات الثورة التي كانت مستعرة آنذاك مطالبة بحكومة حياديين، وجدوا ان دياب بدأ يحاول التمرّد عليهم، معرّضا مصالحهم الشعبية للخطر، ومعرقلا ايضا تحكّمهم السهل المعهود بمفاصل الدولة.
وعند هذا الحد، قرروا رفع العصا الغليظة في وجهه. هذا ما فعله رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبر في بيان شديد اللهجة أصدره السبت ان السيل بلغ الزبى- وكان اصدر آخر قبل ساعات منتقدا الحكومة “العقوقة”- ملوّحا بتعليق مشاركة وزرائه في الحكومة اذا لم تحل قضية اعادة المغتربين قبل الثلثاء. اما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فسبقه الى التصعيد والتلويح باستقالة وزيريه ايضا، لكن على خلفية التعيينات المنتظرة في المراكز المالية – المصرفية، معتبرا ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يحاول الاستيلاء على الحصة المسيحية فيها، كاملة.
دياب الذي يبدو لم يكن يتوقّع هذه الضغوط- خلافا للشارع والمراقبين التي بدت لهم طبيعية جدا منذ ان تمت تسميته من قوى 8 آذار- رضخ امامها. وما كان يرفضه، بات عنده مقبولا، بدليل اتجاه الحكومة غدا الى اقرار آلية لاعادة المغتربين. كيف لا، بعد ان وضعه مَن أدخلوه “جنّة” السراي المفترضة، امام معادلة واضحة “إما تكون الحكومة كما نريد، أو لا تكون”.
عليه، تشير المصادر الى ان سطوة السياسة على قرار الحكومة ستشتد في قابل الايام. فتماما كما جرى في مشروع كابيتال كونترول الذي سحبه مستشار الرئيس بري المالي وزير المال غازي وزني من التداول نهائيا بعد ان ادخل اليه دياب تعديلات لم تعجب عين التينة، لن تبصر اي تعيينات النور في اي مراكز، مالية او قضائية او ادارية، ما لم تتوافق عليها القوى السياسية.
والخطة الاقتصادية الاصلاحية الموعودة ستوضع هي الاخرى انطلاقا من معايير سياسية – استراتيجية تراعي مصالح اهل الحكومة. ولمّا كان هؤلاء في معظمهم على عداوة مع معظم المجتمع الدولي الغربي والعربي، ولمّا كانت الدول المانحة تشترط حكومة أكفاء غير مسيسين للتشجع على التعاون معهم.. كيف يمكن توقّع خروج لبنان من محنته الاقصادية القاتلة، سيما وانه يحتاج مساعدات مالية عاجلة ليتمكّن من الصمود الى ان تبدأ عملية الاصلاح المفترضة باعطاء ثمارها؟