كتبت لينا الحصري زيلع في صحيفة “الجمهورية”:
في موازاة قرار مجلس الوزراء بتمديد فترة التعبئة العامة الى 12 نيسان المقبل والتشدد بتنفيذ القرارات، يزداد عدد المصابين في فيروس «الكورونا»، مما يستدعي الاسراع بتجهيز المستشفيات لاستيعابها الاعداد المتزايدة من المصابين، والحاجة ايضا لوضع المزيد من المساعدات المالية والعينية، ولا سيما ان قرار التعبئة نتجت عنه ازمة اجتماعية كبيرة تسببت بازدياد حالات الفقر والعوز لدى اللبنانيين.
وخلال الايام والساعات الماضية ظهرت مبادرات فردية واجتماعية ورسمية لمعالجة كل تداعيات الوباء العالمي من خلال بعض المؤسسات والهيئات المحلية التي من شأنها تقديم المساعدات، ومنها الهيئة العليا للاغاثة التي حوّل لها مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة مبلغ 75 مليار ليرة.
وللاطلاع على دورها وكيفية صرف الاموال المحولة اليها وهدف عملها في الازمة الراهنة التقت «اللواء» الامين العام للهيئة اللواء محمد خير الذي أوضح ان الهيئة العليا للاغاثة أنشأت في السبعينات من القرن الماضي من اجل الوقوف على حاجات ومتطلبات المواطنين، مشيرا الى ان دورها تنفيذ قرارات مجلس الوزراء ورئيس الحكومة بشكل مباشر، باعتبار ان مهماتها دقيقة، لذلك فإن تنفيذ المقررات يكون بحذافيره. ويعتبر خير ان اكثر المهمات التي عملت الهيئة خلالها هي في فترة الانفجارات الامنية التي وقعت على مختلف الاراضي اللبنانية، حيث قامت بمهمات لمساعدة كل اللبنانيين المتضررين من هذه التفجيرات.
ويضيف خير انه كان للهيئة دور فعال وكبير ايضا في ازالة اثار الحرب على اثر اشتباكات طرابلس، وبفضلها ازيل ايضا خط التماس هناك. ويلفت الى الدور كبير الذي لعبته الهيئة في معارك عرسال حيث تم تنفيذ قرار رئيس الحكومة لمساعدة كافة المواطنين واعادتهم الى منازلهم من خلال وقوف الدولة الى جانب ابنائها في المنطقة، اضافة الى تقديمها الدعم والمساعدات الى بلدة الطفيل اللبنانية الموجود داخل الاراضي السورية بعمق 30 كيلومترا عندما كانت تحت الحصار.
اما بالنسبة للاضرار الناتجة عن العوامل الطبيعية فيشير اللواء خير إلى ان من مهام الهيئة ايضا مساعدة المتضررين من العوامل الطبيعية بعد موافقة مجلس الوزراء، من خلال مسح الاضرار والكشف عنها من قبل اللجنة المؤلفة من الجيش اللبناني، حيث هناك تنسيق دائم ما بين عمل الهيئة وقيادة الجيش، ويشير الى انه على اساس المسح يتم تحديد قيمة الاضرار ويتم رفعها الى مجلس الوزراء مجددا للموافقة على فتح الاعتمادات اللازمة للتعويضات ليتم بعد ذلك صرفها الى المتضررين.
ويكشف انه في الفترة الاخيرة صرفت فقط التعويضات لمزارعي التفاح والتي بلغت قيمتها نحو 50 مليار ليرة، على الرغم من الكشف على الكثير من الاضرار التي وضعت بشأنها التقارير، ولكن لم يتم تأمين الاعتمادات لها وذلك لاسباب المالية المعروفة.
ويلفت اللواء خير الى ان عمل الهيئة أيضا يطال انماء المناطق المحرومة والمنسية، والتي لا تستفيد من اي مساعدات من قبل الوزارات المعنية، بحيث يتم تقديم المساعدات التي تشمل المدارس والطرقات والجسور، رغم ان هذا الموضوع يشكل عبئا ماليا اضافيا على الهيئة التي استطاعت تنفيذ الكثير من المشاريع في المناطق الأكثر فقرا في الشمال وتحديدا في طرابلس وعكار والمنية اضافة الى محافظة الهرمل. ويعتبر انه في حال عدم مساعدة الدولة لهذه المناطق انمائيا قد يؤدي الامر الى انفجار شعبي كبير، ويلفت الى دور الهيئة الاساسي هو اعادة المواطنين الى حضن الدولة والثقة بينهما في عدد من المناطق المحرومة.
وعن مصدر تمويل الهيئة يؤكد خير انه يأتي مباشرة من وزارة المالية من خلال قرار مجلس الوزراء.
ويكشف اللواء خير انه وبسبب ازمة وباء كورونا فإن مجلس الوزراء وضع لدى الهيئة وديعة بقيمة 20 مليون دولار للمساعدة في كل ما يتعلق بمعالجة الازمة وتخفيف العبء من جراء الفيروس، وذلك من خلال القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء ورئيس الحكومة بالنسبة الى المستلزمات الطبية والتجهيزات لتحويلها الى المستشفيات الحكومية من اجل مساعدتها، جازما ان صرف هذه الاموال يتم من خلال قرارات يتخذها مجلس الوزراء او رئيس الحكومة فقط.
وعن مبلغ الـ75 مليار ليرة الذي تم تحويله الى الهيئة من قبل مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة يوم الخميس الماضي، يقول خير انه «وديعة موضوعة لدى صندوق الهيئة في حساب مستقل، وان صرف المبلغ هو من اختصاص الرئيس حسان دياب بشكل مباشر، ووزير الشؤون الاجتماعية واللجنة الوزارية المكلفة دراسة الشأن الاجتماعي وليس بقرار من الامين العام للهيئة».
وعن علاقة الهيئة ووزارة الشؤون الاجتماعية يقول خير «ليس هناك من علاقة مباشرة ولكن مجلس الوزراء اتخذ هذا القرار، ونحن ننتظر النتائج التي ستنتج عن هذه العلاقة لتقييّمها».
وأكد اللواء خير انه على مدى السنوات الاربع التي تولى فيها مسؤولياته، اصبح لدى الهيئة معرفة تامة بحاجات المناطق التي عملت بإطارها، ويعتبر ان «الوضع العام اصبح اليوم كارثيا على الصعيد الاجتماعي والانمائي»، مشددا على و«جوب تكاتف جميع الوزارات والمسؤولين والهيئات لمساعدة المواطنين المحتاجين، ولا سيما العائلات الاكثر فقرا والتي اصبحت في زيادة متسارعة جدا، لان ليس باستطاعة وزارة وحدها او هيئة العمل بمفردها في هكذا ظروف صعبة».
وكشف الى انه قدم اقتراحا بتحضير لوائح اسمية بالعائلات المحتاجة ترفع من قبل المخاتير في المناطق كافة، ومن ثم تحويلها الى البلديات ودرسها بشكل شفاف ومراقبتها من قبل جهاز موثوق به حتى لو كان امنيا ليتم رفعها بشكل نهائي الى وزارة الداخلية ومن ثم اتخاذ القرار المناسب من قبل الجهات المعنية.
وعن دور الهيئة في موضوع تأهيل وتجهيز المستشفيات لتصبح مؤهلة لمعالجة مرض «الكورونا»، يلفت اللواء خير الى ان مبلغ 20 مليون دولار الذي وضع كوديعة لدى الهيئة مخصص لتجهيز كافة المستشفيات لمكافحة واستيعاب الوباء بطلب من وزارة الصحة والمستشفيات، مشيرا الى ان الهيئة تقوم بتنفيذ كل ما يصدر عن مجلس الوزراء ورئيس الحكومة في هذا الاطار. اما بالنسبة الى مبلغ 6 ملايين دولار المقدم من جمعية المصارف، يكشف خير انه تمنينا على الجمعية من خلال مساعدة من قبل قسم الهندسة في رئاسة الحكومة التواصل بشكل مباشر مع الشركات الطبية في الخارج لتأمين اجهزة التنفس وكل ما تحتاجه المستشفيات لتجهيز اجنحة لديها من اجل معالجة المرضى، ويكشف ان جمعية المصارف هي من تولت الدفع بشكل مباشر لهذه الشركات، وتمت العقود بينهما بشفافية، ويشير الى ان دور الهيئة في هذا الملف مقتصر على استقبال الهبات العينية لكي يتم توزيعها على المستشفيات من قبل وزارة الصحة.
واوضح خير انه وبتكليف من الرئيس دياب قام بزيارة عدد من المستشفيات الحكومية للاطلاع على اوضاعها وحاجاتها بشكل مباشر، ونقل للمسؤولين فيها قرار رئيس الحكومة ومجلس الوزراء ووزير الصحة بتقديم المساعدات والتجهيزات اللازمة المقدمة كهبة من جمعية المصارف للقيام بعملها في هذه الظروف الصعبة من اجل معالجة المرضى ومن ضمن المستشفيات الست التي ستستفيد من هذه الهبة ومنها مستشفى عكار الحكومي.
واكد اللواء خير للمشككين بكيفية صرف المبالغ المحالة الى صندوق الهيئة، بأن الصرف يتم بشفافية مطلقة، وعلى الجميع ان يعلموا انه اصبح لدى الهيئة قطع حساب منذ سنتين ووزارة المالية مطلعة على حسابات الهيئة.
واشار الى انه منذ بداية الازمة قدم اقتراحا باعتماد منتجع سياحي بين بيروت وصيدا، واخر بين بيروت والشمال، على الطريق الساحلي وتخصيص كادر طبي لهما من اجل ان يكونا مراكز حجر، كما فعلت فرنسا والكويت.
وعن امكانية الهيئة بالعمل لاعادة اللبنانيين الى بلدهم في ظل ازمة كورونا العالمية، اشار خير الى الهيئة تعاملت مع كوارث اغترابية وطبيعية وامنية خارج لبنان، وساعدت في انقاذ اللبنانيين في عديد من الدول على اثر ازمات كبيرة ومنها الاعتداء على النادي الليلي في اسطنبول حيث وفي اقل من 24 ساعة استطاعت الهيئة اعادة الجثامين والجرحى بمواكبة طبية.
كذلك الامر في بوركينا فاسو ولندن والولايات المتحدة والاميركية والكاريبي وغيرهم الكثير من الدول حيث تم اجلاء الرعايا اللبنانيين، وهذا الامر اكد على اهمية دور الدولة وكيانها ووقوفها الى جانب مواطنيها اينما كانوا، مؤكدا ان لدى الهيئة القدرة على القيام بأي عمل يتم تكليفها به اذا وقفت الدولة الى جانبها ودعمتها لان هدفها مساعدة كل مواطن لبناني في اي بلد كان.