كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:
يبذل راسم الزورغلي، وهو حلاق في “حي شعبي” في تعمير صيدا، جهوداً كبيرة للتأقلم مع الواقع الجديد، بعدما أوصد أبواب صالونه عند مستديرة “الأميركان”، التزاماً بالاقفال و”التبعئة العامة” و”الطوارئ الصحية”، يحاول ان يعوّض خسارته بطريقة جديدة إذ بدأ بالتجوال على زبائنه ليقص لهم الشعر واللحى، محاولاً الصمود أمام متطلبات الحياة في ظل الغلاء وارتفاع الاسعار، على قاعدة “قوت لا يموت”.
يقول الزورغلي لـ “نداء الوطن”: “إن الاقفال القسري أدى الى قطع رزقنا، فدفعنا الامر الى تبديل طريقة الحلاقة، بدلاً من قدوم الزبون الى الصالون، أذهب اليه، وفي ذلك المزيد من المشقة والكلفة المالية”، مضيفاً ان “الكثير من الزبائن لم يتقبلوا الفكرة بعد، بسبب الخوف من إدخال اي شيء الى المنازل، والذي يقوم بالحلاقة عادة يكون في حديقة منزله، أو على شرفة منفصلة، أو تحت المبنى الذي يقطن فيه، اجراءات الوقاية باتت مضاعفة من الزبون نفسه والحلاق معاً”.
لا يخفي الزورغلي، ان “غالبية الناس مع خوفهم من تفشي فيروس “الكورونا”، اعتمدت طريقة الحلاقة الذاتية في المنزل، لتفادي مجيء الحلاق او الاختلاط او دفع المزيد من النفقات، لذلك نادراً ما يكون العمل يومياً، فالنسبة لا تزيد عن 15% فقط عن السابق، وأقوم حينا بالحلاقة لزبون او اثنين في اليوم، واذا كان زبائني من خارج المدينة ارتب مواعيدهم وأجمعهم في يوم واحد وأجول عليهم”.
حلاق زمان
ويشير الزورغلي، الى ان “الحلاقة بهذه الطريقة تزيد المشقة والكلفة، المشقة: لجهة التنقل بالسيارة وحمل كل ما يلزمه من أدوات لقصّ الشعر أو تصفيفه، مع المزيد من الاجراءات الوقائية من التعقيم والتطهير لطمأنة الزبون، اضافة الى ارتداء “الكفوف” و”الكمامات”، والكلفة: لجهة السعر الاضافي، اتقاضى عادة ثلاثة آلاف ليرة لبنانية بدل تنقل، أي مصاريف وقود السيارة، وبعض الزبائن يدفعون من دون سؤال، لانهم يشعرون بالظروف المعيشية الصعبة، والهدف تأمين قوت العيش في هذه المرحلة، وكما يقول المثل الشعبي “قوت لا تموت”، قبل ان يعلق ممازحاً، “ان بعض الزبائن ابلغوه انهم مسرورون لمجئيه اليهم وليس العكس، لم يعودوا مضطرين لترك عملهم للذهاب إلى الصالون والانتظار في الصف، والأهم تذكرنا بالحلاقين أيام زمان”.صيادون وباعة
ولم يقتصر الامر على الحلاقين، فقد شكا صيادو الأسماك واصحاب بسطات ومزادات البيع من اقفال “سوق السمك – الميرة”، وزار نقيب الصيادين نزيه سنبل، النائبة بهية الحريري ونقل لها اعتراضهم على استمرار اغلاق السوق، لما يشكله من مصدر عيش وحيد لهم ولعائلاتهم، فأجرت الحريري اتصالاً برئيس مكتب مخابرات الجيش في صيدا العقيد سعيد مشموشي، فتقرر إعادة فتحه مع استمرار مراقبة مدى الإلتزام بالتدابير الوقائية اللازمة.
بينما شكا بائعو الخضار على العربات بين مستديرتي السراي والأميركان، للنائب الدكتور أسامة سعد مشكلتهم، بعدما منعوا من العمل، وهم في أوضاع مادية صعبة، فأجرى سعد اتصالاً بقائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد غسان شمس الدين، فوعد بالسماح لهم بالبيع شرط التقيد بالشروط الصحية من تعقيم وارتداء الكمامات والكفوف.خليك بالبيت
توعوياً، دعا رئيس بلدية صيدا محمد السعودي خلال مشاركته في اطلاق حملة “خليك بالبيت”، في اطار رفع منسوب التوعية، “أبناء المدينة الى الالتزام بالحجر المنزلي الطوعي، والابتعاد عن التجمعات وتلافي الاختلاط، واستخدام “الكمامات” للحفاظ على صحتك وعائلتك ومدينتك”.
وشارك في الحملة كل من الدكتور عبد الرحمن البزري الذي أكد اننا “ندرك حاجة الناس للدخل لاعالة عائلاتهم، ولكن هناك اولويات اولاها: عدم الاصابة بالفيروس وثانيها: الانتصار عليه، وثالثها: الحصول على الدعم الاغاثي وهو من واجب البلدية والمؤسسات الاهلية والعامة”، ونائب رئيس المكتب السياسي لـ “الجماعة الاسلامية” في لبنان بسام حمود، الذي اعتبر ان افضل وسيلة للوقاية هو الحجر الطوعي، وكل اشكال النظافة والتعقيم”، وأمين سر “تجمع المؤسسات الاهلية” في منطقة صيدا ماجد حمتو، الذي شدد على أهمية البقاء في البيت.
ميدانياً، التزم ابناء صيدا بحظر التجول، من السابعة مساء حتى الخامسة فجراً، بعدما اقفلت محال المواد الغذائية والسوبرماركت ومحطات الوقود والحلويات باستثناء الصيدليات، وسيرت القوى العسكرية والامنية دوريات للتأكد من الالتزام، وفي عين الحلوة، منع الجيش البناني دخول وخروج أي من السيارات والمواطنين على حواجزه العسكرية المختلفة التزاماً بمنع التجول، باستثناء الحالات المرضية. وفي خطوة لافتة نظم “حزب الله” حملة تعقيم واسعة، طاولت عدداً من الاحياء والساحات والشوارع وشارك فيها 60 عنصراً من الهيئة الصحية الإسلامية والدفاع المدني في “الحزب”.