كتب أسامة القادري في صحيفة “نداء الوطن”:
بكثيرٍ من القلق، واجه البقاعيون قرار وزارة الصحة العامة بتجهيز “مستشفى الرئيس الهراوي” الحكومي في زحلة لاستقبال المصابين بفيروس “كورونا”. القلق ليس ناتجاً عن اعتماد المستشفى لمعالجة المصابين في البقاع، وإنما من عدم قدرة الحكومة على تجهيزه، خصوصاً وأنّ المستشفى ومنذ تأسيسه في العام 1996 وهو يعاني من التجاذبات السياسية والمناطقية التي تحول دون تشكيل ادارته، فضلاً عن اشكالية العاملين والموظفين الذين يواصلون رفع الصوت مطالبين بمستحقاتهم المالية، ما ترك المستشفى يصارع من أجل الصمود.
يعتبر “مستشفى الياس الهرواي” الحكومي الثاني بعد مستشفى رفيق الحريري في بيروت، إن من حيث القدرة الاستيعابية أو من حيث التجهيزات وعدد الأسرة. ومع بدء المرحلة الثانية من التعبئة العامة، وارتفاع عدد الاصابات وجد البقاعيون في الأوسط والغربي أنفسهم أمام عجز الدولة وغياب المسؤولية تجاه الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، ما يضع هذه المنطقة على “كف كورونا”.
ربما خوف البقاعيين وقلقهم من عدم قدرة الحكومة على المواجهة جعلهم يلتزمون البيوت، رغم حالة الفقر، توجساً من تفاقم الوضع الصحي، ونظراً لكثافة الوجود السوري في البقاعين الغربي والاوسط، وعدم وجود مستشفيات مجهزة لمواجهة الوباء، وامام تحدي ارتفاع كلفة فحص “الكورونا”، تفاقم الهاجس من عدم وجود مركز صحي معتمد لفحص المصابين.
لا يخفي المتابعون تخوفهم من عدم التزام البقاعيين بالحجر المنزلي نظراً للوضع المعيشي السيئ ولما يعانيه البقاع منذ ما قبل كورونا وقبل “الثورة” من انعدام فرص العمل، في مقابل التأخر في تجهيز “مستشفى الياس الهراوي” الحكومي، المفترض أنه بحسب خطة وزارة الصحة العامة ولجنة الصحة النيابية سيكون المركز الوحيد المعتمد في البقاع لمعالجة المصابين من “الكورونا”.
وكانت بلدية زحلة قد دعت الأسبوع الماضي نواب البقاعين الغربي والاوسط، وأصحاب المستشفيات الخاصة وادارة “مستشفى الياس الهراوي” الى اجتماع طارئ في البلدية لوضع آلية تجهيز المستشفى وانشاء صندوق تعاضدي لمواجهة الوباء، لدعم المستشفى وتجهيز مراكز حجر وعزل وتأمين أدوية وأجهزة مطلوبة للمعالجة، بما يتطلب رفع نسبة الجهوزية من 18 سريراً قيد التجهيز حالياً الى اكثر من 50 سريراً وقت الذروة. وقد أسفر الاجتماع عن انشاء صندوق دعم ووضع خطة بعيداً من التجاذبات السياسية والشخصية بين النواب.
وعلى أثر هذا اللقاء تعهد النائب ميشال ضاهر بتغطية كامل كلفة جهاز فحص “الكورونا” لاعتماده في المستشفى للتخفيف من عبء انتقال المشتبه باصابته من البقاع الى بيروت، كما تقدم عضو “تكتل الجمهورية القوية” سيزار المعلوف بمبنى مكاتبه المحاذية للمستشفى ليكون بالتصرف ومركزاً للعزل او للاستشفاء اذا تطلب الأمر.
يؤكد أحد الاداريين في المستشفى لـ”نداء الوطن” أن التجهيزات جارية على قدم وساق بتوجيهات من وزير الصحة حمد حسن، لاعتماده مبدئياً، وقال “يتم حالياً تجهيز 22 سريراً، على قاعدة ثلاثة أسرة في كل غرفة، ونحتاج الى أجهزة تنفس لزيادة عدد الاسرّة. عدا عن تجهيزات ضرورية للعزل”. أضاف: “نحتاج الى اسبوع تقريباً للانتهاء من التجهيز”، وأوضح أنّ “قسم “الكورونا” منفصل كلياَ عن مبنى المستشفى، سواء بالنسبة لموقف السيارات او لمدخل الطوارئ”.
وكشف “في الطبقة الثانية قسم بكامله مقفل لم يوضع في التشغيل، وفي حال تطلب الأمر، فقد أبلغنا أنه سيكون في دائرة العمل لمواجهة كورونا”.
لم ينس عرض أزمة الموظفين المزمنة، وقال “نحن اليوم جنود المعركة، كيف يعقل ان يذهب العسكري الى المعركة وهو جائع، لدينا حقوق مكتسبة على الحكومة نتمنى ان تكون من ضمن خطة الوزارة”.
وقالت مصادر طبية في المستشفى لـ”نداء الوطن” إن “كلفة جهاز الـPCR الذي قدمه النائب ميشال ضاهر، تبلغ مئة مليون ليرة، وفي الخامس من نيسان سيكون جاهزاً للعمل فيما يتم الآن تدريب الموظفين لاستخدامه”.
وفي الاطار نفسه علمت “نداء الوطن” أن مستشفيات خاصة في البقاع بدأت تجهيز مبان لاستقبال حالات مصابة بالفيروس وذلك بناء على مبدأ التعبئة العامة، وتضافر الجهود بين القطاعين الخاص والعام لمنع وقوع الكارثة الاجتماعية.
عراجي: المشكلة في أجهزة التنفس
وفي حديث إلى “نداء الوطن” دق رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي ناقوس الخطر لما يعانيه البقاعيون من واقع معيشي سيئ، ما يدفع الناس لكسر التعبئة العامة تفتيشاً عن رزق لهم، وقال “كنا حددنا في خطتنا أن يكون مستشفى الهراوي في زحلة مركزاً استشفائياً لمصابي الكورونا، واعتماد مستشفى مشغرة للحجر والعزل اذا تطلب الامر” ، ولفت عراجي الى أن “المشكلة الاكبر هي في نقص أجهزة التنفس الذي تعاني منه جميع المستشفيات الخاصة او الحكومية، لذا لا بد من اشراك القطاع الاستشفائي الخاص بكل فئاته، والا نحن ذاهبون الى مرحلة صعبة”. وتابع عراجي “نأمل من الحكومة والمعنيين أن يسارعوا الى تأمين حاجيات الحجر المنزلي كمساعدات عينية لكل اسرة بقاعية من دون استثناء”، وقال “النازحون السوريون يشكلون اكبر كثافة سكانية لهم في البقاع وينخرطون في حياتهم اليومية واعمالهم مع اللبنانيين، فأي اصابة في البقاع تهدد الجميع لأن سرعة الاتشار ستكون كبيرة جداً، ومن هنا نطالب الاهالي جميعا أن يلتزموا بيوتهم مهما كلف الأمر “.