كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
لم يستطع أهالي النبطية الالتزام بالحجر المنزلي أكثر، فشهدت شوارعها وقراها حركة شبه عادية. بدا الأمر وكأن “كورونا” أسدلت ستار خطرها ورحلت. مشهد الإزدحام تجلى أكثر في السوبر ماركات ومحال الخضار والدكاكين. أعاده البعض الى موعد نهاية الشهر، فخرج الناس لشراء حاجياتهم الضرورية، فيما البعض الآخر وضعه في خانة الاستهتار. يأسف أبو حسين لواقع الحال “شهر من الحجر كله ضاع، مشهد اليوم خطر على الجميع، خصوصاً وأن الإكتظاظ في كل مكان، من دون أدنى مقومات الوقاية”.
حركة السير عادية في شوارع النبطية، تحاول شرطة البلدية تنظيمه ولكن بلا جدوى، فالزحمة خانقة، لا سيما أمام المصارف التي شهدت اكتظاظاً كبيراً أمام الصرافات الآلية بسبب توافد المواطنين لسحب رواتبهم. لا يمكن وصف المشهد الا بالجنون. ضرب المواطنون كل اجراءات الوقاية عرض الحائط، وقرروا المضي بحثاً عما تبقى من رواتب مخزنة في الصراف الآلي. وقفوا صفوفاً متحدين الخطر، وعلى رغم ارتدائهم الكمامات، غير انهم لم يلتزموا المسافة “الشرعية” لتجنب العدوى. كانوا يتزاحمون خشية ألا ينالوا مالهم، فتفْرغ الآلات من ليراتها.
أكثر من أربع ساعات أمضاها الحج محمد بانتظار دوره أمام أحد المصارف، تحدى الخطر كي يؤمن المال لعائلته. يقول “لا يكفينا “كورونا الأسعار” ولا انكماش الوضع الإقتصادي حتى تعاقبنا المصارف بتقنين أموالنا”، وأكثر ما يؤلمه “مشهد الطوابير أمام أبواب المصارف المغلقة أمام أي مراجعة، وكأننا شحاذون، لا يعيرون اهتماماً لخطر الكورونا، حتى المعقمات غائبة، الله يعين الناس”.
وحمّل إبراهيم عليق المصارف المسؤولية، مؤكداً أنّ “المشكلة تكمن بقلة المسؤولية لدى ادارات المصارف، اذ كان يفترض اتصالهم بالناس وتحديد مواعيد ليتم سحب المعاشات بعد الاستعلام عن المبلغ المطلوب مسبقاً تفادياً للازدحام، فيستلم المودع امواله فوراً من دون التعرض لخطر الزحمة أمام الصرافات الآلية”.
هذا المشهد استفزّ حملة “نحن لبعض”، فتحرك شُبانها بكامل عدتهم الوقائية من معقمات وكمامات وكفوف، وعملوا على تنظيم صفوف المواطنين. وفق طارق مروة أحد شبان الحملة “مشهد الازدحام طبيعي، فالناس تريد تحصيل معاشاتها، لكن الخطر الذي وقع هو بسبب غياب الرقابة، الأمر الذي دفعنا الى تعقيم آلات الصراف الآلي، وتوجيه المواطنين الى اتخاذ المسافات المطلوبة، لأن انتقال العدوى قد يكون أسرع في هذا المناخ، وبالتالي فإننا قد نكون بمأزق خطير، لذا وجهنا الاهالي للطريقة الصحيحة للوقاية”.
واعتبر أبو حسين أن “مشهد الازدحام الذي شهدته مصارف النبطية، لا ينم الا عن جهل في التعاطي مع الخطر، وسط غياب الرقابة وإبعاد المحتشدين في تظاهرة الرواتب”.
في عجقة الأزمات التي ترافق كورونا، يجتاح القلق أذهان المواطنين: كيف سيسددون الفواتير المستحقة مع بداية الشهر، من اشتراك المولد الى الهاتف والانترنت والكهرباء؟! وأكثر ما يؤرقه فواتير الموتور، حيث لوح العديد من أصحاب المولدات بقطع الكهرباء عن كل مواطن لا يسدد الفاتورة، ما أثار حفيظة فاطمة التي تلقت إنذاراً بالقطع في حال التخلف عن السداد. وفق فاطمة، فإن “صاحب الإشتراك لا يرأف بحال الناس، يريد فقط تحقيق أرباحه، رغم يقينه أننا بلا عمل، وتوقفت امداداتنا المالية”، ولا تتوقف معاناة فاطمة عند هذا الحد بل تشرح آلية التلاعب بالفاتورة، اذ تؤكد انه “تمت اضافة 10بالمئة على الفاتورة فضلاً عن التلاعب بسعر الكيلو، خلافاً لما حددته الدولة، ويهددوننا. أين الدولة من جشعهم في هذه الظروف الاستثنائية”.