بعدما بدأت الأمور تسلك طريقها القويم واتّخذت الإجراءات الرسمية سبيلها نحو التطبيق الجدّي والمسؤول، عادت الميوعة لتتسيّد المشهد في مواجهة مخاطر انتشار الوباء تحت وطأة التسيّب الحاصل في العديد من المناطق، حيث تبدي السلطة ارتخاءً غير مبرّر في مواكبة موجبات “التعبئة العامة”، التي باتت تترنّح وتكاد تصبح غير ذات قيمة ولا فعالية في ظل عودة الاكتظاظ إلى بعض الشوارع والأحياء على مرأى من الأجهزة الأمنية والعسكرية، فأضحت حالة الطوارئ وحظر التجوّل ليلاً لزوم ما لا يلزم طالما أنه يعقبها مع طلوع النهار ازدحام واحتكاك بين المواطنين، بالتوازي مع استمرار عداد وزارة الصحة في تسجيل المزيد من الإصابات بالكورونا يومياً.
أمس، وبينما كان “حزب الله” يستنفر قواه الحزبية والإسعافية والشعبية ويستعرض تنظيمه الحديدي في مواجهة “العدو المستجد”، بدت الحكومة كمن ينام على حرير أمجادها من خلال تباهي رئيسها حسّان دياب بـ”الجهود المثمرة” التي قامت بها للحد من انتشار الوباء، وإن كان أقرّ في الوقت نفسه بـ”التقارير غير المريحة والمثيرة للقلق في اليومين الماضيين على امتداد الأراضي اللبنانية، حيث تصرّف الناس كما لو أنّ شيئاً لم يكن في البلاد”.
ولأنّ الوضع على أرض الواقع كذلك، دقت مصادر استشفائية ناقوس الخطر عبر “نداء الوطن” وحذرت من أنه في حال لم تسارع الحكومة إلى إعادة ضبط الوضع والإيقاع، فإنّ “الانفجار الكبير” على مستوى انتشار الوباء واقع لا محالة، وعندها لن يكون بمقدور أحد تلقف شظاياه لا في الدولة ولا في القطاع الطبي والاستشفائي، خصوصاً في ظل النقص الحاصل بالمستلزمات الطبية والسعة الاستشفائية، لافتةً الانتباه إلى أنّ البلد مقبل على مرحلة بالغة الدقة، من جهة لأنّ أعداد المصابين المعلنين هم فقط أولئك الذين خضعوا للفحص المخبري، ولا تشمل اللائحة الرسمية جميع المصابين الذين يحتضنون الفيروس وما زالت عوارضه غير ظاهرة عليهم، ولا أولئك الذين هم راهناً في فترة الحجر المنزلي ولم يخضعوا للفحص، ومن جهة ثانية لأنّ عشرات آلاف المغتربين في صدد العودة إلى لبنان بدءاً من الخامس من نيسان، وهذا بطبيعة الحال يرفع منسوب الخطر من احتمال دخول الفيروس مجدداً عبر عشرات الرحلات الجوية القادمة من مختلف قارات العالم، ما لم تتم هذه العملية بطريقة علمية وتدابير صحية صارمة قبل انطلاق الرحلات وعلى متنها وبعد وصولها إلى الأراضي اللبنانية.