كثفت قيادات حزب الله من إطلالاتها في الآونة الأخيرة، مستعرضة الخطوط العريضة التي يستوجب على الحكومة اللبنانية اتباعها، في ما بدا رسالة للداخل والخارج على أن الحزب هو صاحب القرار الأصلي والممسك بزمام السلطة.
وتعتبر أوساط سياسية لبنانية أن هذه الإطلالات المكثفة تعكس في واقع الأمر عمق أزمة الحزب، خاصة مع بروز مؤشرات عن إمكانية تفكك الائتلاف السياسي الذي يقوده، جراء حرب التموقع الدائرة بين أقطابه.
وأطل الثلاثاء نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، مشيدا بالإجراءات الحكومية في معالجة القضايا الطارئة من قبيل مواجهة تفشي فايروس كورونا وخطواتها لتسهيل عودة المغتربين اللبنانيين، التي كان الأمين العام حسن نصرالله ألزم في آخر كلمة له السبت، الحكومة بضرورة الإسراع في حلها.
وفي سياق تبيان ما يستوجب فعله، حثّ نعيم قاسم حكومة حسان دياب على ضرورة أن تلتفت في قادم الأيام إلى المسألة التي تحتل أولوية وهي وضع خطة للإصلاح الاقتصادي، مهاجما الأصوات المنتقدة لها.
وتعالت في الأيام الأخيرة الانتقادات السياسية والشعبية لحكومة حسان دياب جراء إخفاقاتها في كبح التدهور الاقتصادي الحاصل، وعدم عرضها لخطة قابلة للحياة لمعالجة هذه الأزمة، منشغلة بالصراعات الدائرة بين مكونات ظهيرها السياسي حول ملفات كان يمكن أن تنتظر إلى حين حصول إجماع عليها على غرار ملف التعيينات في المؤسسة النقدية.
وقال نعيم قاسم “تم تشكيل الحكومة في ظروف صعبة ومعقدة، ونالت الثقة لإنقاذ البلد، وقد نجحت في مواجهة فايروس كورونا بخطوات متدرجة حكيمة وشجاعة، وهي تعمل لتسهيل عودة الراغبين من أبناء الوطن إلى وطنهم تحت سقف العودة الآمنة بكل مستلزماتها، وتعد خطة للمساعدات الاجتماعية للتخفيف من أزمة الناس المضاعفة بسببين: الوضع الاقتصادي، وفايروس كورونا”.
واعتبر القيادي في حزب الله أن بداية “الحكومة الجيدة أزعجت ووترت المراهنين على إسقاطها، والذين آلمهم أن تستمر بنشاط وتصميم في هذه الظروف الصعبة. ولكن يجب الالتفات إلى أن إنجاز خطة الاصلاح الاقتصادي والمالي والاجتماعي هو الأولوية، وقد عقدت الحكومة بلجانها اجتماعات كثيرة وأجرت مشاورات واسعة مع مختصين، وأصبح لديها سلة متنوعة من الأفكار، ونحن نعتبر أن الوقت قد حان لحسم الخيار وإقرار الحكومة للخطة الإصلاحية المتكاملة”.
ويشكك كثيرون في ما إذا كانت الحكومة تملك أية استراتيجية لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة خاصة مع نفور الدول الداعمة، ويتساءل بعضهم حول ما إذا كان حزب الله نفسه يملك خطة قابلة للتنفيذ في هذا الخصوص.
وتقول الأوساط السياسية إن عودة الحديث عن خطة إنقاذية للوضع الاقتصادي ليس سوى ذر رماد على العيون، خاصة بعد تسريبات تحدثت عن أن إعلان مثل هذه الخطة لن يكون قبل نهاية السنة الحالية.
وتشير هذه الأوساط إلى أن الحزب يحاول من خلال عودة اهتمامه بالخطة الموعودة استعادة شعبيته المهزوزة داخل بيئته، فضلا عن رغبته في حرف الأنظار عما يواجهه تحالف 8 آذار من صراعات.
وأعلن زعيم تيار المردة سليمان فرنجية الثلاثاء، صراحة أنه سينسحب من الحكومة في حال لم تتم الاستجابة لمطالبه بشأن منحه حصة من التعيينات المالية المتوقع إقرارها في اجتماع مجلس الوزراء الخميس بقصر بعبدا.
وقال فرنجية في تصريحات صحافية “مطروح ستة مواقع مسيحية في التعيينات أي يحق لنا اثنان، وقد رشّحنا أسماء تتمتع بالكفاءة، أما إذا لم يتم اختيار اثنين من المرشحين الذين اقترحناهم فسنخرج من الحكومة.”
وأضاف فرنجية “لو أن الحكومة تعتمد آلية معينة للتعيينات لكنا أول من التزم بذلك. لكن ما سيعتمد هو الاختيار على أساس المحسوبيات بدليل إلغاء الآلية وفي هذه الحال نحن نريد إسمين، ولا نزايد على أحد.”
ورداً على سؤال عن صحة ما تردد عن رفضه عقد لقاء مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، قال فرنجية “لا هو طلب ولا أنا بشوفو (أقابله)”.
ويتهم تيار المردة التيار الوطني الحر بالسعي للاستئثار بالحصة المسيحية من التعيينات على مستوى نيابة حاكمية مصرف لبنان، ولجنة الرقابة المصرفية.
وكانت العديد من القوى السياسية أبدت تحفظات على مسارعة الائتلاف السياسي القابض على السلطة في السير بتلك التعيينات، غافلا عن القضايا الجوهرية ومن بينها وضع الخطة الإصلاحية لإنعاش الاقتصاد، واحتواء فايروس كورونا الذي يزعم حزب الله أنه تم تحقيق نجاحات في مواجهة خطره، بيد أن أعداد الحالات المتزايدة يوميا تشي بعكس ذلك.
وتساءل عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل مصطفى علوش الثلاثاء، عن “فائدة الجدل الحالي في موضوع التعيينات ونحن تحت وطأة فايروس كورونا”.