كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
أكثر من ملف يحاصر حكومة «مواجهة التحديات»، ولعل أبرزها راهناً ملف مواجهة فيروس «كورونا»، وعلى الرغم من أنه التحدي رقم واحد في أجندة المواكبة اليومية كما الأسبوعية في مجلس الوزراء، إلا أن الحكومة مررت وتمرر بنود جدول الأعمال والتي لوحظ انها غير فضفاضة ومستقرة على الرقم 11 في معظم الأحوال.
العين على 12 نيسان
وقد انشغلت الحكومة منذ أواخر شهر شباط الفائت بعملية المواجهة، وكلما تزايد عدد المصابين، كلما كثفت الإحاطة به الى حين الوصول الى المرحلة الأولى من التعبئة العامة وما اعقبها من مرحلة ثانية منها. ووفق المتابعين فإن «هذه الخطوة هي البوصلة التي تحدد امكانية الدولة على الحد من الأنتشار ومدى التزام المواطنين بالحجر المنزلي، فحتى موعد 12 نيسان الذي حدد لانتهاء التعبئة 2، إما يخرج الوضع عن السيطرة أو يعبر لبنان الى نوع من الأمان».
لكن المشهد بين التعبئتين اختلف، ان لجهة استعدادات الجهات المعنية اي لجنة الطوارئ وواقع المستشفيات الحكومية وحملات التوعية، أو لجهة تجهيز المختبرات للفحوصات المطلوبة وكذلك تسطير مخالفات بحق خارقي القرارات الحكومية ولجوء احزاب سياسية وجمعيات ورجال دين الى تسخير إمكاناتها في المساعدة على مختلف الأصعدة، وهي في الأصل باتت معروفة.
أما ما استجد في اليومين الماضيين لجهة نزول مواطنين من بعض المناطق اللبنانية في حركة احتجاجية على اقفال محلات رزقهم او حتى وقف اعمالهم لن يمر مرور الكرام لدى الحكومة.
وتقول مصادر وزارية لـ«اللواء» انه «ما لم تتخذ قرارات عاجلة ومنطقية تتصل بكيفية دراسة الحالات التي تتطلب تعويضا على الإقفال الذي شمل قسما كبير من المؤسسات وفق دراسة علمية، فإن المواطن لن يبقى مكتوف الأيدي وحركه الاعتراض ستظهر في اكثر من منطقة»، مشيرة الى ان «المطلوب قرار اجماعي داخل الحكومة».
قصة الـ75 ملياراً
وتكشف المصادر ان «ما جرى مؤخرا من نقاشات توصلا الى قرارات داخل مجلس الوزراء شهد تباينا حول آلية صرف مبلغ الـ75 مليارا الذي تقرر صرفه»، وتؤكد ان «التباين حق فالوزراء ليسوا في مدرسة»، ملاحظة ان «ثمة تعاط لا بد من تغييره نحو الأفضل، ومن هنا لا بد من انتظار مسار الجلسات المقبلة وكيفية حسم بعض الأمور».
وروت مصادر وزارية أخرى قصة الـ75 مليارا، لافتة الى انه «طرح مجلس الوزراء ان يكون المبلغ بتصرف وزير الشؤون الاجتماعية باعتبار انه وضع خطة لمساعدة الناس، لكن رئيس مجلس الوزراء حسان دياب ارتأى ان يكون المبلغ بتصرف الهيئة العليا للإغاثة لأنها تصرف من دون ان تخضع للروتين المالي الذي تخضع له الادارات والوزارات، وبالتالي وتصرف بتوقيع رئيس مجلس الوزراء ولا يمكن جعل الناس تنتظر في حالات الكوارث».
وتفيد المصادر أن «نقاشاً واسعاً جرى عن سبب ذلك، طالما ان الخطة وضعتها وزارة الشؤون الاجتماعية وهي من يحق لها ان تصرف هذا المبلغ»، وما بين مؤيد ومعترض تم الاتفاق على ان تحضر وزارة الشؤون الاجتماعية كل الأمور لجهة المشتريات وترفع القيمة الى رئيس مجلس الوزراء الذي يصرفها من الهيئة العليا للإغاثة، أي ان الصرف من الهيئة يتم على اساس اللوائح المرفوعة من وزارة الشؤون الاجتماعية.
وتضيف المصادر: «ليست الهيئة من تنفذ الخطة انما وزارة الشؤون الاجتماعية، في حين ان الهيئة تموّل الخطة لأن أموالها تصرف بسرعة من دون روتين اداري ومالي، وبما ان الرئيس دياب هو المشرف على الهيئة فهو من يوقع بموجب الكشوفات التي تقدمها الشؤون الاجتماعية»، لافتة الى ان «لا علاقة للهيئة بما ستقدم عليه وزارة الشؤون لكنها تدفع من اعتماداتها الموقعة من رئيس مجلس الوزراء».
وتكشف المصادر ان «هناك من الوزراء من سار برأي وزير الشؤون الاجتماعية وآخرون مع الرئيس دياب».
خطة الطوارئ.. تابع
إلى ذلك، تتواصل على الأرض التجهيزات اللوجستية للإحاطة صحيا بمرضى كورونا وفق الخطة المرسومة لذلك من لجنة الطوارئ. وبدا واضحا تنسيق وزير الصحة العامة حمد حسن مع لجنة الصحة النيابية في عدة مجالات والأخذ بملاحظاتها. وهنا يقول عضو اللجنة النائب ماريو عون لـ«اللواء» ان «ثمة اجتماعاً سيعقد قريباً «عن بعد» مع وزير الصحة للاطلاع على التجهيزات وخطة الوزارة وقدراتها»، ويشير الى ان «المستشفيات الحكومية بدت على أهبة الاستعداد وكذلك الأمر في ما خص ما يعرف بالمستشفيات الجامعية، وقد تم تجهيز مستشفيات خاصة كما بات معلوما، والجهوزية باتت تشمل الجهاز الطبي والتمريضي والآلات التي ترافق عملية المعالجة، أي أجهزة التنفس، اذ ان هناك 300 جهاز للمستشفيات الحكومية و1000 للمستشفيات الخاصة»، كاشفا عن دعم للقطاع الاستشفائي العام من دولة خليجية.
الإصابات إلى 600 ألف!
ويحذر النائب عون بأنه «في حال حصول خلل في عدم احترام التعبئة العامة واستمرار الناس في النزول الى الشارع فإن ثمة امكانية الى ان يصل عدد الإصابات الى 600 الف». ويضيف: «من حق الناس المطالبة بلقمه العيش، ومن مسؤولية الدولة الاستجابة كي لا نقع في المحظور»، كاشفا ان «التكافل الاجتماعي لا يكفي ما لم تكن هناك خطة لمساعدة من تعطلت أعماله».
واذ يشدد على أن «إجراءات وزارة الصحة تجاوزت بجودتها وزارات دول العالم فإن المطلوب يبقى الاستمرار في الحجر المنزلي مع ضرورة ان يعي المواطنون اننا امام خيارات الحياة او الانهيار الصحي الكامل»، لافتاً إلى «مهلة أسبوعين او اكثر ستحدد المسار، مع العلم انه لا بد من ضرورة ان يكون الالتزام بالتعبئة كاملاً».
ويشير عون الى ان «هناك فائضا في الجهاز الطبي في لبنان ويمكن الاستفادة منه، وهو اكبر بكثير من الجهاز التمريضي»، ملاحظا أن «ثمة حاجة بعد الخروج من المحنة التي يمر بها لبنان لإعادة تنظيم الوضع الاستشفائي في البلد، ولا سيما ان الموضوع الصحي كان مهملا». ويضيف: «المستشفيات لم تكن مجهزة وكذلك الأمر بالنسبة الى الطاقم الطبي، مع العلم ان هناك أطباء كانوا يقبضون رواتب من المستشفيات الحكومية ويمارسون مهامهم في مستشفيات او عيادات خاصة! لكن الوضع اليوم أصبح أفضل لجهة الآلات المطلوبة والطاقم الطبي والتمريضي، والمطلوب دائما الابقاء على الجهوزية في المستقبل كي لا يضغطنا عامل الوقت».
ويُقر عون بأنه «رب ضارة نافعة لجهة أن تكون الأزمة دافعاً إلى تحسين القطاع العام الاستشفائي وإعادة الثقة به، واكبر دليل على ذلك مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت».